Share |

عارف رمضان… رجل يحمل الوطن في قلبه ويزرع الأمل أينما حلّ…حسو هورمي

عارف رمضان
عارف رمضان

في سجل الشخصيات التي تحوّلت حياتها إلى حكاية ملهمة، يبرز اسم رجل الأعمال الكردي عارف رمضان كرمز للعزيمة والإصرار. يجمع بين روح رجل الاقتصاد الناجح وقلب الإنسان المخلص لوطنه وثقافته، محوّلًا النجاح إلى إرث إنساني خالد، ومثبتًا مكانته بما تركه من بصمات حيّة في حياة شعبه، لا بما جمعه من ثروات. إنه نموذج رجال الأعمال الذين تصنع إنجازاتهم جسورًا وأملًا ورسائل حضارية تُلامس ضمير الإنسانية.

 

ولد عارف عبد العزيز رمضان في مدينة عامودا عام 1964، في كنف أسرة وطنية محافظة هاجرت جذورها من ماردين شمال كردستان إلى روجآفا. أكمل دراسته حتى الثانوية، قبل أن يشق طريقه في عالم التجارة على خطى والده تاجر الأقمشة، متنقلًا إلى حلب حيث عمل في الفنادق ومعارض السيارات منذ عام 1989. إلا أن الأقدار لم تُهادنه؛ فبعد انتكاسة مالية قاسية، حمل طموحه ورحل إلى  الإمارات العربية المتحدة ليبدأ رحلة جديدة مليئة بالتحديات، لكنها مهّدت لانطلاقة استثنائية.

 

ست سنوات من العمل المتواصل دون إجازة وضعت عارف رمضان على خارطة رجال الأعمال البارزين. أسس مجموعة شركات عارف رمضان التجارية، وتوسعت فروعها إلى الصين وألمانيا وسوريا والعراق. وكان أول المجازفين في نقل البضائع إلى إقليم كردستان العراق بعد أن حصل على رخصة من الأمم المتحدة لفك الحصار الاقتصادي ، مساهمًا في إدخال المستثمرين ودعم قطاع الأعمال هناك.

لكن الوجه الأجمل لمسيرته تجلّى في التزامه الثقافي والإنساني. لم يكتفِ بالنجاح الاقتصادي، بل جعل من الثقافة والفن مشروعه الموازي، فوَهب جزءًا من ثروته لدعم الأدباء والفنانين الكرد. في عام 2005 أسس في دبي مؤسسة سما كُرد، التي تحوّلت إلى منارة ثقافية: طُبعت الكتب والألبومات الموسيقية ووزعت مجانًا، نُظمت الأمسيات، المؤتمرات والمعارض، وأُدخلت الأفلام السينمائية الكردية إلى مهرجانات عالمية. وكان مكتبُه ومكتبته في دبي بمثابة “سفارة غير رسمية” للكرد، يقصده المثقفون والأدباء من مختلف الأصقاع.

 

هذا الالتزام رسّخ مكانته كرئيس للجالية الكردية في الإمارات بين 2008 و2011، حيث ربط الجالية بجذورها من خلال الفعاليات والأنشطة المشتركة، وكسب احترامًا واسعًا بصفته شخصية جامعة تحمل هموم شعبها بصدق.

في عام 2012، عاد إلى كردستان محمّلًا بتجربة ثرية. افتتح فندق كابيتول في هولير، الذي أصبح منتجعًا سياحيًا وثقافيًا متكاملًا، وفر فرص عمل لعشرات أبناء روجآفا، واحتضن ندوات أدبية وحفلات فنية ضمن قاعة “سما للأدب”، ممزجًا بين الاستثمار السياحي ودعم الحراك الثقافي، ليصبح عنوانًا للحياة الكردية في أربيل.

 

أيقونة الكفاح والإنسانية

مسيرته تشبه بستانًا؛ كل زهرة فيه تحكي قصة كفاح، وكل غصن يحمل إنجازًا يُحتذى به. دعمه المستمر للإعلام الكردي واهتمامه بالفنون والأدب يعكسان قلبًا نابضًا بالولاء لشعبه، وعقلًا مستنيرًا يدرك أن الثقافة والإبداع جناحا الهوية نحو آفاق النهضة. لقد بنى إمبراطوريات من الأمل قبل أن يبنيها من الأموال، وبصماته ستظل شاهدًا خالدًا على أن العظماء يُقاسون بما يزرعونه من أثر في حياة الآخرين، لا بما يجمعونه من ثروات.

 

عارف رمضان: من كفاح بلا حدود إلى إرث خالد للأمل والإنسانية

اليوم، وبعد عقود من الكفاح والعمل المتواصل، يبقى عارف رمضان أكثر من مجرد اسم؛ إنه قصة إنسان آمن بأن النجاح الحقيقي يُقاس بما يزرع من أثر في نفوس الآخرين. مشاركاته في الساحة الأوروبية، بما في ذلك تمويل الأفلام التوثيقية ذات الرسالة الإنسانية، دليل آخر على اتساع رؤيته ورسالته المضيئة للأجيال القادمة.

وتستمر قصة الكفاح، تُخط بماء الذهب، ورسالة أمل كردية خالدة، تتألّق رغم كل المحن والأزمات.

 

 

جريدة التآخي – 16 آب 2025