Share |

Reply to comment

المُرتفع الأرضي اللصيق بمدينة عامودا من الجهة الغربية , المُسمّى (قلاج جرنك) مُفرجُ كَرْبٍ لسكان عامودا , يلوذون به كلما اشتد بهم ضيقٌ في التنفس أو التفكير , هذه الربوة تمدّهم بسعة الأفق رؤية ورؤى , العين تأخذ مداها في الرؤية ,

تجول على القُرى لتصل إلى جبال (عبد العزيز) في الجنوب الغربي , ولها أن تتجه إلى الجنوب الغربي فتلتقي بجبل (سنجار) , ولها أن ترسم نصف دائرة من الشمال الشرقي إلى الشمال الغربي مليئة بالفواكه المُجففة المُخزّنة في قرى جبال طوروس.

على سفح (قلاج جرنك) , وفي نادي (كرم) للأفراح , التي غاب عنها ألقها منذ أكثر من سنة كان طابعها الدموي طاغيا على السلميّ منه , في ثورة أُريدَ لها , أن يدفع الشباب الثائر المُسالمين , حياتهم ثمننا لتقويم خلل أصاب سوريا منذ أكثر من أربعة عقود.

في نادي (كرم) كُرّمت (عامودا) لبطولاتها , ولاحتضانها أول مدرسة كردية في زمن الاحتلال الفرنسي , وقد تم تكريمها باختيارها مدينة يُعقد فيها الكونفرانس الثالث للغة الكردية على مستوى سوريا , فكان أيضا تفريج كرب , عن أيام وشهورٍ اتسمت بممارسات سياسية (ساذجة) عنوانها الأبرز هو إقصاء الآخر , يرافقه تجاهل تام للتحاور والتشاور والتنسيق.

ولئن كانت عامودا خالية من الفنادق المُتدرجة في النجومية , فأن لبيوتها الطينية حميمية تُعوّضها عن فقرها المعيشي في استقبال الاضياف , فقد وزّعت اللجنة المشرفة على الكونفرانس المندوبين على البيوت في عامودا , و (اوحت) لهم (أن لا تؤاخذونا على ما زرعته الحكومات من الفقر في بيوتنا) , فأوحى المندوبين (أن مَن طلبَ العلم بات على الطوى) .

القاعة التي احتضنت الكونفرانس يصح عليها القول أنها مُكيّفة , والعكس صحيح أيضا , فأربعة مُكيفات (صحراوية) أعجز من أن تُباري ما تبعثه حرارة ستمائة إنسان تُسعرها حرارة النقاشات , يُضاف إليها سُعيرات حرارية كانت كامنة في مناسف البرغل واللحم بنكهتها (العامودية) موّلها الكثير من سكان عامودا على شكل تبرعات لهذه الغاية , والقاعة وإن كانت مُغلقة فعلا , فقد كانت مفتوحة (معنى) ترسل لافتاتها المُعلقة على الجدران برسائل واضحة و صريحة لكل شوفينيّ ارعنّ , عنّ على باله أن يمحو لسانا أخذ من الله جهداً جهيد ثبّته في القرآن كآية تُثبتُ عظمته . كانت اللافتات باللغات الكردية والعربية والسريانية , تتمحور حول كون اللغة حجر أساس في بقاء الشعوب.

كان للمعرض الفني المُصاحب للكونفراس وقعّ خاص على النفوس , فقد أخذهم الشاعر والفنان والابتكاريّ (صباح قاسم) في رحلة عبر الزمن , ابتداء من (اوركيش) إلى سنين خلت لا نتذكرها إلا وقلوبنا تتجه لأن تتصدّع.

Ghassan.can@gmail.com

 

 

Reply

The content of this field is kept private and will not be shown publicly.
  • Web page addresses and e-mail addresses turn into links automatically.
  • Allowed HTML tags: <a> <em> <strong> <cite> <code> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd>
  • Lines and paragraphs break automatically.

More information about formatting options