Share |

أمي… زاكروس عثمان

الماما الله يطول في عمرها،ويزيد غضبها علي،ما تفهم كلمة بالعربي، ولا تفهم سياسة ولا مياسة ،ما بتعرف شو يعني دولة مولة ولا شعب معب ولا سلطة ملطة ولا وطن مطن،لسا عايشة علـ الفطرة ،وكل ظنها انو كل جماعة بشرية تعيش لحالها في بقعة ارض خاصة بيها،ومالها علاقة بغيرها، هي طلعت من بطن أمها- كان يوم اسود ومنيل – وشافت حالها كردية ،وبقيت لليوم تعيش عالمها الكردي وتعرف تميزو عن العوالم العربية والتركية والفارسية المحيطة بيه واللي تخنق انفاسو .

ضلت الماما على هلـ القناعة وما قدر بابا الله يرحمو ولا أنا ولا فيصل قاسم ولا اوبرا ولا T.Vولا Netولا الموبايل ولا بشار الجعفري ولا نوري المالكي نأثر فيها، وكلما واحد حاول يشرح ليها بانو العالم مو متل ما هي تتصورو .... تقول : روح من هون هادا يلي ناقصني شقفة فصعون لسا يبول في تيابو بدو يعلمني شو هي الدنيا ،بدليل أنها لما بدها تصلي ترفع صوتها وتقرا الفاتحة والآيات بالعربي،لكن شو قراية، في التلاوة تخلي عبد الباسط عبد الصمد يوقف ويضرب ليها تعظيم سلام ،وفي التجويد والنحو تخلي سيبويه يسكت وما يتكلم حرف،حاولت ازبط قرايتها للفاتحة بس هي قالت: إني صعلوك ما بعرف اقرا المصحف،وانو قرايتها ازبط، طبعا هي ازبط  وإذا ما تصدقو اسمعوا كيف عم تقرا الفاتحة :

 Eltehîyato wel berakato wel teyabato wel silêfato haq la îlahao îala ellahî zedeqa alaho eledin

 التحياتو والبركاتو والطيباتو والسلوفاتو هاق لا ايلاها ايلا اللاهي زدق الله العظين ...

لا حول ولا قوة إلا بالله ،لك يا ام زاكروس والله الفاتحة مو هيك بعدين رب العالمين  راح يحاسبني أنا ويقول: أيها الكافر لماذا لم تعلم أمك تلاوة القران ،شو بدي اجاوبو ،قالت : لا تخاف رب العالمين ما يحاسب الجاهلين متلك .

ما علينا نرجع لحديثنا ضلت الماما في عالمها المنشلخ عن العوالم التانية حتى انفجرت ثورة الكرامة السورية ،وشافت اني ما عدت اتابع افلام الرحلات وعالم الحيوان وافلام الحب الهوليودية مع قفشات من البلاي بوي ،وغيرها من برامجي المفضلة بالتلفزيون ،وكانت دايما تتشاجر معي لما اشوف افلام جنفير لوبيز وتقول :والله

 ev pûşta hanê mejiyê te xwariye û wê ê zarokê te jî xera bike

هاي الشرموطة اكلت مخك وراح تخرب اطفالك

كنت اقول يا امي اولادي ما يشوفوها بس انا وانتي والمدام بنشوف ،وما شا الله انتي راكزة وواعية وما ينخاف عليكي،وبعد الثورة شافت اني بطلت هلـ الافلام ، واني بس اركز على القنوات الاخبارية ،انط من محطة لمحطة ،الا قناة الدنيا مو مشان شي لكن الريسيفر تبعي كان يرفض يقبل تردادات هلـ القناة،وكمان امي لاحظت انو زوجتي يلي طول عمرها تتابع المسلسلات التركية المدبلجة ،واطفالي يلي كانو يتابعو بابا سنفور ،بطلو برامحهم المحببة،وقلبو على الاخبار،المسكينة استغربت شو قصة هلـ الانقلاب المفاجىء ،نادتني: تعال ولاك فهمني شو صاير فيكم انت وزوجتك وولادك ما بقى تشوفو غير الاخبار، وشوشت: في اذني هاي البقرة زوجتك، كانت على طول تفتح على VIN T.V وهي ترتب البيت وتكنسو وتطبخ ترقص وتغني على صوت بلند ابراهيم  وسعيد كاباري ،واليوم على غير العادة مدري شو صاير لعقلها عم تسمع الاخبار ،لتكون داخلة بشي حزب مزب ترى تخرب بيتك ها،قلت يا ماما انا يلي هو انا يا دوب قبلوني في حزب الحمير بقى كيف يقبلو الدبة مرتي في حزب ،الشغلة وما فيها انو في ثورة بالبلد وكل الناس تتابع اخبارها،هزت راسها وقالت يعني متل serhildana 12 adarê  يعني متل انتفاضة 12 اذار قلت متلها لكن هاي اكبر من يلي صار في 2004 ،ومن يومها امي كمان تابعت الاخبار ،وبلشت تعطي اوامر يلا حط على العربية يلا على الجزيرة يلا على فرانس 24 ،هاي اول مرة تسمع وتشوف في القنوات العربية أصوات وأسماء وأشخاص ومدن وأماكن ليها معنى في وجدان أمي وتاريخها وذاكرتها ... قامشلو .. عامودا.. تربةسبي .. ديريك .. كوباني .. عفرين .. شيغ آلي .. مشعل تمو .. حكيم بشار .. حسن صالح .. برزاني .. طالباني .. ابو .. اول مرة تسمع كلمة كردية في محطة عربية

 azadî..bijî kurdistan ..

حرية .. تحيا كردستان

اول مرة تشوف وجوه اهلها وناسها بهلـ المحطات ،صار عندها فضول حتى تفهم اكتر ،بس كيف بدها تتواضع وتقول تعال ترجم لي الاخبار وهي طول عمرها تقول: انت ومرتك زوجين من الحمير،وحتى ما تتنازل لي ،كنت بشوفها  تنادي اطفالي من ورا ضهري وتعطيهم رشوة حتى يترجمو ليها شو بيقول التلفزيون ،وانا كنت اطنش وعامل حالي مو شايف ،لكن الاطفال ما قدرو يشرحو ليها كل شي، خاصة بعد مشاهد القتل والتنكيل والخراب وتعذيب الاطفال واغتصاب النساء وتدمير المدن والقرى وصرخات المعذبين وهتافات المتظاهرين عبت كل الفضائيات،ومشان هيك صرخت لي وهي تستصغرني هيه هيه انت انت: تعال لهون قل لي شو عم بيصير ،هادا يلي اشوفو بالتلفزيون لعب"تمثيل" وللا حقيقي ،قلت: الله يخليكي يا ماما أي لعب مو شايفة الناس كيف تندبح بالشوارع ،عمرك شفتي كردي يطلع يلعب في تلفزيون عربي ، عمرك شفتي اهل عامودا يطلعو على الفضائيات العالمية ،شوفيهم واحد واحد تعرفيهم،يا ريتو كان لعب يا ماما يا ريت،قالت:يعني حقيقي حقيقي ،ايوا ماما حقيقي حقيقي ،انصدمت امي صفنت شوي وراسها بالارض ولونها تغير،شفتها تمسح دمعة نازلة من عيونها،وقالت: مين هدول الكفار عم يعملو هيك بالناس وليش ،مين هدول يلي ما يخافو الله ،اكيد هم يهود ،لا والله يا أمي مو يهود، اليهود ما يعملو هيك ... اضطريت اشرح ليها تاريخ البلد من 1963 وحتى 2011 وخبرتها عن الشهيد  بوعزيزي وربيع الحرية وفجر الشعوب،وعن 15 اذار 2011 في سوريا ،يعني عملتلها دورة تثقيف سياسي مكثفة (غسيل دماغ)حتى تعرفت شو هي الحرية وتوابعها ،ودولة المواطنة،كمان عرفت الفيتو ،ونبيل العربي والدابة وبوتين واوباما وبان كي مون وكوفي انان ،والله ما كان قصدي اورط امي بالسياسة العالمية،بس حبيت انورها شوي حتى ما تسألني كل مرة شو هادا ومين هادا،اجا يوم الجمعة طلعنا مظاهرة بعامودا كالعادة،بنات وشباب  نساء ورجال ،سمعت بين الحشود صوت نسائي مو غريب علي،يهتف:

bijî bijî azadî bijî yekitiya kurdî

تحيا تحيا الحرية تحيا الوحدة الكردية

 ey Humis em bi terene ta mirinê ey Humis

يا حمص حنا معاكي للموت يا حمص

قلت اموت واشوف صاحبة الصوت،من هون لهون قدرت اوصل ليها،ولما شفت يلي تردد الهتافات ،نسيت رصاص الشبيحة،نسيت غدر القناصة،نسيت عيون الاستخبارات،نسيت الخطر،واجتني نوبة ضحك،ما قدرت اعمل لشيطانها كونترول،حسيت عضلات صدري تتقطع من الضحك،حسيت طبلة ادني بدها تنفجر،وعيوني تدمع متل المطر،وصار المتظاهرين يتطلعو علي بسخرية وازدراء ،معهم حق الناس تنقتل وانا اضحك ،موقف مش مقبول بالمرة،لكن والله انا معذور،غصبا عني اضحك،مين كان يتوقع امي يلي عمرها 78 سنة تطلع في مظاهرة و كمان تهتف،مفاجئة  ما خطرت على بالي،تمالكت نفسي وخلصت الضحك ، رحت لعندها وحطيت ايدي على كتفها ،وقلت: يا بنت  شو جابك علـ المظاهرة ،لكنها ما عبرتني ولا ردت علي،كانت حاملة علم كردي وعلم الاستقلال ...  هيه انتي يا بنت يا حلوة ردي علينا ،قالت: روح يا انا مو فاضية ليك،قلت: هيه هادا انا يا ام زاكروس شو جابك لهون والله اذا الشبيحة مسكو فيكي بدهم يعملوكي كباب ،قالت: روح  ولاك ليش انت احسن مني ،من يوم ورايح انا طالعة بكل مظاهرة ،والله والله منظر حمزة الخطيب طير عقلي من راسي ،وهيك امي صارت ، سلفية،ليبرالية،مندسة،امبريالية،علمانية،ارهابية،مخربة،عميلة،فقط لا غير لانها نادت حرية حرية azadî azadî