هضبة
يُدحرجُ الصبيُّ أحلامَهُ وهو يخطفُ غبطةَ السّماءِ من زرقتها…
إنْ هي إلا بحارُ ضوءِ تحاصرُ جذع الطّيةِ،
أخيلةُ مدنٍ تتدفّقُ كجيادٍ برية صوب مشارف البعيد.
أيَّةُ مكابدةٍ تجشّمتها الأرضُ لتقتنصَ هذا النِّهدَ في صرخةٍ متخثرة؟!
تركنُ الأَمْداءُ بأثداءَ خائرةٍ، يا لهذا السَّرابِ الذي يَنْدَفِعُ في شَبَقٍ هَائِجٍ!
من رمى بهذه المرايا في غفلةٍ من الإله ودعاني هناك على حَافّةِ الصّرخةِ؟!
دروب
في المكان؛
يتخثّر دويُّ الشّقراق كَشَظِيّةٍ في جَسَدِ الليل غَسَقاً.
دروبٌ منطلقةٌ، دروب تمتحنُ اختفاءها هناك،
“لا دربَ أَوْصلنا، لا صرخةَ اِخْضَرَّ بها الغَامضُ بين أصابعنا”:
ينكفىءُ الكائنُ على روحهِ هَمْسَاً،
تُطْفِىءُ المرأةُ ضحكتَها في عينيه، وتمضي إلى دَرْبٍ مُلْتَبسٍ.
ليل ونجوم
في الرَّمق الأَخير من الليل،
تترامى إليّ بحةُ صَوْتِكِ مثلَ حزنِ آخر الخريفِ
أناديكِ من هذا الجرف البعيد
تبثّينَ حنانَكِ في رُوْح القَصيدة…
هكذا تَأْتِلقُ النُّجومُ أجملَ بالقرب من أنامَلك.
Gol
تَنْتَفِضُ الغُيُومُ بأَثْقالِهَا؛
يا لهذهِ المرآةِ بأمواهها وِضِفَافِهَا،
ما سرُّ الكائن في الغبش، ما سرُّه يفترعُ جليدَها غائصاً في زمهريرها؟!
يا لهذه المرآةِ؛ إذ تمشّطُ امرأةٌ كآبةَ الشّتاءِ من أيامِهَا.
ضِفَافٌ، نِسَاءٌ، أكوامٌ من العِهْنِ، وشَجيراتُ خُرنوبٍ تمدُّ من ظِلَالِها.
وللذّكرياتِ عبثُ الضوء بنهدي العقيقة في إشراقها،
يطير الصّبيُّ في الهَواء فيغوصُ من المرآةِ في أوحالها.
فاتكٌ حصارُ الشّمس لجهاتها،
فَتَنْجَلي قيعانُها قيظاً؛
فإذا الصَّقيلُ النّبيلُ يَبِينُ من صِلْصَالِها.
مَنْ؟
مع هذا المساء الخريفيّ
تستيقظ صورُ الأمكنة،
يستيقظ حضورُكِ الشاسع
وتستيقظ ورود العدم أيضاً من جحرها كأفاع سامة..
مع هذا المساء
من سيترنّم بمرثية أخيرة للخيبة …؟
كستناء
صوتُكِ القادم يخاتلُ غفلةَ الظَّلال،
وباستياء تنسلُّ قططُ الشُّرود الوديعة من على العتبات.
بين شفتيكِ تبدو أناقةُ الكلماتِ الكردية حباتِ كستناء في هذا الشَّتاء
مع كلّ كلمةٍ تهمي أشواقُكِ مثل سناجبَ مغتبطة في شمسٍ دافئة
وبرفق تبعثرُ ابتساماتُكِ كثافةَ الغياب:
نكهةُ القهوةِ تنتزعُ الصباحَ من حيرتهِ، وفي غير أوانه يفوحُ شذى العشب البريّ،
على مدارج اللهفة يومضُ الكلامُ زهراتِ أوركيد..
في هذه الشّمسِ الهَشَّةِ؛
في هذا العَرَاء الشّرس للكآبة؛
أفتحُ الرُّوحَ على جنائن الورد في اسمك…
المصدر: موقع مدارات كرد