Share |

مدينة القامشلي العاصمة المرتقبة لغرب كوردستان في كتاب

اعداد : هوزان أمين

القامشلي مدينة كوردية تقع في غرب كوردستان (سورية) في جهة الشمال الشرقي على الحدود مع تركيا وعلى مقربة من سفح جبال طوروس بمحاذاة مدينة نصيبين في كوردستان الشمالية (تركيا)، وتتبع إدارياً محافظة الحسكة ويمر بالمدينة نهر الجقجق، وتعد القامشلي مركز منطقة تتبعها النواحي التالية: تل حميس، عامودا، القحطانية.

بتنا نسمع بإسم هذه المدينة كثيراً في الآونة الاخيرة، ولا سيما بعد اندلاع الثورة في سوريا، كونها المركز الرئيس لاكبر تجمع كوردي في كوردستان سوريا، وكذلك مركز القوى والاحزاب الكوردية، ومكان اندلاع الانتفاضة الكوردية عام 2004 والتي راح ضحيتها العشرات من الشهداء والمئات من الجرحى والالاف من المعتقلين.

والقامشلي (قامشلو) كما يحب اهلها ان نسميها، هي العاصمة المرتقبة لاقليم غرب كوردستان في المستقبل، فحينما يذكر مدن كوردستان الرئيسية كما هه ولير في اقليم كوردستان العراق و دياربكر في كوردستان الشمالية ( تركيا) و سنه في كردستان الشرقية ( ايران) لا بد من ذكر قامشلو في غرب كوردستان، نسبة الى  جغرافيتها وكبرها ومركزها كل ذلك تؤهلها لان تكون العاصمة ومركز القرار الكوردي في سوريا .

هذه المدينة المحبوبة الى قلوب اهلها، كتب عنها الكثير وقيل حولها الكثير، والمشهورة بمقولة " قامشلو مدينة الحب" تناولها الكتاب والمثقفين في الكثير من الدراسات والابحاث والمقالات، ولكن اكثرها تمعننا وتركيزاً وشرحاً وتعريفاً لهذه المدينة، كان لكتاب " تاريخ القامشلي" للكاتب كوني ره ش، حيث يتناول المؤلف سيرة هذه المدينة الكوردية و رصد الظروف التي أحاطت بها منذ الأيام الأولى لولادة هذه المدينة.

نشأة المدينة :

حيث يقول عن نشوء هذه المدينة :أنها تأسست في أغسطس 1926، مع بناء الثكنة العسكرية على هضبة واقعة في القامشلي، في جنوب نصيبين، وذلك، طبقاً لتأكيد الجنرال والباحث الفرنسي بيرروندو، الذي كان معاصراً للانتداب الفرنسي على سوريا عام 1939، حينها تقاطر اليها المسيحيون الفارون من المجازر والفقر في تركيا، واليهود ومن نصيبين وجزيرة بوطان، والكورد الفقراء من القرى المجاورة، بسبب الصراعات العشائرية.

التسمية :

وجاءت تسمية المدينة بالقامشلي نسبة الى نبات القصب ( القاميش) الذي كان ينبت في مجرى نهر الجقجق الذي ينبع من بين جبال طوروس ويخترق مدينة نصيبين في شمال كوردستان، داخلاً الاراضي الكوردية في سورياً حيث يمر وسط القامشلي ويقسمها الى قسمين شرقي وغربي حتى يصب في نهر الخابور، وخلافاً للتسمية التي كان يقال بإنها تركية يؤكد المؤلف في كتابه على ان هذه الكلمة كوردية الاصل واستخدمها الاتراك حتى عرفت انها كلمة تركية كما العديد من الكلمات التي حرفت واستخدمت في اللغة التركية ولكن اصولها اما تكون كوردية او عربية، ونسبة لنمو نبات القاميش بنسبة كبيرة في النهر عرفت المدينة بإسم القاميش ومع مرور الزمن ونتيجة التداول اصبحت القامشلي .

التكوين الاجتماعي للمدينة:

يشير المؤلف الى تنوع النسيج الاجتماعي لهذه المدينة الحديثة المنشأ، فيقطنها مكونات واقليات عديدة، من العرب والكورد والمسيحيين والإيزيديين.

ونذكر هنا عدة فقرات ذكرها الكاتب في مقدمة الكاتب :

حب التعرف لما جرى ويجري من أحداث على المدينة أو القرية التي ولد فيها، والحرص على ما قام به أجداده من أعمال نبيلة، وما قدم قومه وشعبه للإنسانية، وما اتصف أبناء منطقته من صفات حميدة، وخصال كريمة.. هما السبب وراء دفعه لخوص غمار الكتابة حول مدينته القامشلي حيث يقول "وما التاريخ إلا سجل حافل لما قام به كل شعب أو قوم في مدينة أو قرية من أعمال وما جرى لهم من أحداث على مر الأزمان ومختلف العصور. وان حب المعرفة والرغبة في التوصل إلى كنه الأمور وخفاياها، في هذا الصدد يدفعان المرء إلى البحث والتنقيب فيما حوله، ومن المحيط الذي يعيش فيه".

ويضيف ايضاً ان حبه الشديد لمسقط رأسه قرية (دودا)، القريبة من مدينته العزيزة القامشلي هو سبب اضافي دفعه الى تأليف هذا الكتاب  وهو الذي دفعه لان يسجل للتاريخ مصدراً، يجمع فيه أخبار بدايات تأسيس مدينته والتذكير بالراحلين من سكانها، محاولاً لم تاريخهم وما تناثر من أخبارهم الطيبة .

ويقول الدكتور عبد الفتاح بوتاني من جامعة دهوك عن مراجعته للكتاب " استمتعت جداً بقراءة مسودة هذا الكتاب حول مدينة القامشلي، وهي محاولة أولية لدراسة مدينة حديثة التكوين، وقد أجهد الكاتب (كونى ره ش) نفسه في جمع معلوماته التي تعد جديدة وحتى مثيرة للقراء"

وجاءت كلمة دار الزمان على الغلاف الأخير للكتاب:

 يروي هذا الكتاب سيرة بقعة جغرافية كانت يوماً جزءاً من الدولة العثمانية، وسهلاً جنوبياً لمدينة ماردين التاريخية والتي يقال له شعبياً بالكوردية (بريا ميردينى) أي (سهل ماردين)، جرى فصله عن حاضرته الأساسية تلك والحاقه بالدولة السورية التي أنشأت وفق المخطط نفسه (سايكس بيكو)، الذي جرى بموجبه تقسيم وتقاسم ممتلكات تلك الامبراطورية التي اطلقوا عليها قبلاً (الرجل المريض).

 يرصد المؤلف وبحيادية تامة من خلال المصادر المتوفرة له، الظروف التي احاطة بالأيام الأولى لولادة مدينة القامشلي، التي جرى التخطيط لها لتكون الحاضرة البديلة، والدور الذي اضطلعت به، كل الطيف الاجتماعي، شخصيات وتكوينات، عرقية ودينية، في بنائها وتطورها، ثم صاغت نسيجها الاجتماعي وساهمت في إرساء ثقافة تقبل الآخر وتحترم خصوصيته وتوفر فرصاً مماثلة للجميع في التطور والمشاركة في صنع المستقبل. حتى جاءت فترة الانقلابات والثورات "الوطنية" لتطيح بهذه التطلعات والمساعي وتؤسس لمرحلة جرى فيها تهميش وإقصاء شعب بكامله من المشهد السياسي والثقافي والاجتماعي حتى اليوم .

الطبعة الثانية:

وجدير بالذكر ان هذه الطبعة الثانية لكتاب (تاريخ القامشلي: دراسة في نشوئها وتطورها الاجتماعي والعمراني)، من قبل دار الزمان للطبع والنشر في دمشق، والكتاب يتألف من 256 صفحة، مزودة بصور وخرائط تاريخية للمدينة وباسماء الشخصيات الفاعلة والمؤثرة في استقرار الجزيرة بشكل عام وبناء مدينة القامشلي وتطورها بشكل خاص .

ويتحلى الطبعة الجديدة بتلافي النقص الحاصل في الطبعة الأولى، وذلك بإضافة فقرات أخرى إلى الكتاب: كمهرجان الحبوب الأول والثاني في القامشلي، مطار القامشلي، سكة حديد برلين- بغداد المارة في القامشلي، الأرمن في مدينة القامشلي، اليهود في مدينة القامشلي.. كما تم اضافة أسماء الشخصيات الفاعلة والمؤثرة في استقرار الجزيرة بشكل عام ومدينة القامشلي بشكل خاص.. كما تم تعديل عنوان الكتاب من (كتاب القامشلي) إلى (تاريخ القامشلي: دراسة في نشوئها وتطورها الاجتماعي والعمراني)، كون الكتاب يتناول بداية تأسيس مدينة القامشلي ولغاية منتصف الستينيات من القرن الماضي.

كوني ره ش بإختصار:

اسمه الحقيقي سلمان عثمان عبدو  ولد عام 1953 في قرية (دودا) القريبة من مدينة القامشلي (سوريا)، درس الابتدائية في قريته ، ثم انتقل الى القامشلي والحسكة لاتمام دراسته الاعدادية والثانوية، سافر الى المانيا الغربية آنذاك عام 1977 لاكمال دراسته الجامعية، لكنه سرعان ما عاد الى الوطن بسبب تكاليف الدراسة الباهظة، ومنذ ذلك الوقت متفرغ للكتابة، والف العديد من الدوواين الشعرية والكتب الادبية باللغتين الكوردية والعربية، ولايزال مثابراً على العطاء والكتابة، ونال العديد من الجوائز الادبية واهمها الوسام الذهبي من حكومة اقليم كوردستان العراق بمناسبة الذكرى المئوية للصحافة الكوردية، له بصمة واضحة في الوسط الثقافي الكوردي في سوريا، وهو مؤلف عدد كبير من الكتب والدوواين الشعرية، ومعروف بتخصصه في مجال الادب وله ابحاث ودراسات حول العائلة البدرخانية  .

 

جريدة التآخي