Share |

الشاعر لقمان محمود في "الصمت الذي لا يتوقف عن الكلام"

غلاف ديوان  "الصمت الذي لا يتوقف عن الكلام"
غلاف ديوان "الصمت الذي لا يتوقف عن الكلام"

 

       صدر حديثاً، الكتاب الرابع والعشرون للشاعر والناقد لقمان محمود، بعنوان: (الصمت الذي لا يتوقف عن الكلام)، عن دار آبيك للطباعة والنشرفي السويد. ويقع الكتاب في (148) صفحة من القطع المتوسط. وهو استكمالٌ لمشروع لقمان محمود في مجال الشعر، حيث سبق أن صدرت له في هذا المجال: أفراح حزينة،عام 1990.  خطوات تستنشق المسافة: عندما كانت لآدم أقدام،عام 1996. دلشاستان، عام 2001. القمر البعيد من حريتي، عام 2012. أتابع حريتي، عام 2013، من السراب إلى الماء، عام 2013. وسيلة لفهم المنافي، عام 2014. الماء الأسير، عام 2015.

       كما سبق أن صدر للقمان محمود في مجال النقد: إشراقات كردية: مقدمة للشعر في كردستان، الخطوط الأمامية للذاكرة، مراتب الجمال، ترويض المصادفة، شرارة الأناشيد القومية في الغناء الكردي، تحولات النص الأدبي، البهجة السرّية، أسطورة شيركو بيكس الشعرية بين أغنية الوطن وصوت الحرية، مجدٌ سكران، مدخل إلى الثقافة الكردية، امتحان الحرية، زعزعة الهامش، كسر العزلة الثقافية، الجزء الأول، كسر العزلة الثقافية، الجزء الثاني، ويوميات السليمانية.

      تتسم نصوص (الصمت الذي لا يتوقف عن الكلام)ببوح أصيل مع الذات والوطن والذكريات، كوسيلة للبحث عن معني أوسع للحياة في ظل المنافي والصمت الذي يتولد من القهر والمعاناة. إنها نصوص تتسم بالكثافةالرمزية بمدلولاتها المتعددة: كثافة نوعية في المتخيل لغة ودلالة، وكثافة جمالية في المعنى، وكثافة في الرؤية، وكثافة في الاستقصاء المعرفي الشعري التي تدفعبالبعد الحسي إلى ملامسة الحقيقة و إختراق تفاصيلها الطافحة بالقسوة الموحشة على مدى عمر من المنفى والقهر. وكل ذلك من خلال مخيلة مشحونة برؤى تدفعها إليها ذاكرة حية تنهض على ملاحقة الماضي بكل همومها اليومية.

      فالشاعر يستند في هذه المجموعة الجديدة على عناصر متعددة في عملية البناء الفني، بدءاً من عنصر الرمز، ومروراً بالحكايات الحافلة بالإشارات. فالشاعر يستدعي خطابا سرياً يتداخل فيها الماضي بالحاضر، والواقع بالاسطورة، كما في قصيدة "من بعيد يبدو كل شيء متساوياً":

 

رعبٌ يدفع القلوب إلى المجهول

إذ لم يعد أحدٌ ينتظر شيئاً

طالما حصل كل شيء.

أنظرُ إلى السماء السوداء

لا أرى سوى نشوة الرايات.

رعبٌ يجعل الموتى يعزفون على أبواقٍ وهمية

كي يتحرر الموت من ثقل الأرض.

إنْ قرّرتَ الذهاب إلى الشمال

لا تحمل معكَ قلبك

إتركهُ يُمارس وظيفته في جسد الأشياء الهالكة.

و إن قررتَ الذهاب إلى الجنوب

لا تحمل معكَ روحك

اتركها معصوبة العينين، قبل أن تختفي عن أنظارها

إلى الأبد.

أما إذا قررت الذهاب إلى الشرق

فلا تحمل معكَ دمك

إتركه مذبوحاً يبكي الجسد.

و إذا قررت الذهاب إلى الغرب

لا تحمل معك جسدك

إتركه على سجيته يجري كنهرٍ، لا كبيحيرةٍ

في كمين.

لا شيء يُفيد هنا

سوى إلحاح الرياح

وبعد معركة طويلة ينتصر العدم.

هنا، عمر الغابة لا يقاس بالأشجار.

هنا، البحر ميت، والقوارب مقتولة.

هنا، الفقر عدّاءٌ، يركض ولا يصل.

هنا، الموتى يمشون دون أن تترك أقدامهم أثراً.

وهنا، الضجيج أبيضٌ

يخدع الأمل فقط.

 

 

 

يا آلاف الأعوام اليائسة

إنّ الجريمة القديمة التي لم تبصر الضوء

مشت إلى آخر العتمة

مشت كمن لا يعرف الموت أبداً.

 

 

 

الجدران في كل مكان

والحرية محاطة بأسلاكٍ شائكة

[هنا،

ضيّعتُ

حياتي]

يقول الضوء البعيد

ويلتمع فوق الأحلام.

 

 

 

يا للظلام الرحيم

دائماً يحتفظ بمظاهر الثراء

ودائماً يوصف بأنه نباتي.

فاليوم، في عصر الخوف من المستقبل

يبدو من بعيد، كل شيء متساوياً.