Share |

المعارضون الجدد ....درويش محمي

 

لا شك ان الثورة السورية منذ بدايتها والى اليوم، تعتبر فريدة من نوعها، فهي الأجمل دون منازع بين اخواتها، وهي أكثرهم تضحية وعطاء، وتتقدم على البقية بنبل أهدافها وحسن غاياتها، انها حقاً ثورة الحرية والكرامة، ويليق بها تسمية ثورة الياسمين، بغض النظر عن الشوائب الكثيرة التي قد تغير من مسارها، وبغض النظر عما ستؤول اليه من خاتمة ونتيجة.

اما المعارضة السورية، فهي أيضاً تختلف عن اخواتها من باقي المعارضات، لكنها الأقبح على الاطلاق، ولا تشبه اخواتها في شيء، هي الأسوأ بينهم، فاسقة فاسدة، ولا تتمتع بأدنى روح من المسؤولية، غير محترمة لا تأبه بدماء السوريين والسوريات، وانتهازية لاقصى حد، تتصارع فقط على المركز والجاه والسلطة والنفوذ، وتحب كثرة الظهور والاستظهار "وطق الحنك"، هي دخيلة على الثورة وأهل الثورة، انها حقاً معارضة خارجية، بكل ما لكلمة "الخارج" من معنى ومغزى وتلميح.

على خلاف المعهود، المعارضة والثورة في الحالة السورية لا يعنيان الشيء نفسه، فالثورة السورية لا تدخل في السياق النمطي العادي لمفهوم الثورة التقليدية، الثورة السورية انطلقت فجأة من دون اعداد او تنظيم، ولم يرتب لها لا حزب ولا تيار، هي ثورة شعب خرج الى التظاهر السلمي بعد ان ضاقت به الحال، لم يتقدمهم سياسي معارض ولا حزبي مناضل، ولم يخرج الانسان السوري في ثورة عارمة لرفع شأن ايديولوجيا معينة او توجه قومي او طبقي محدد، والثورة السورية ليست محصلة لبرامج ستراتيجية او تكتيكية محددة لهذه المعارضة او تلك، وبالمختصر المفيد، الثورة السورية هي التي صنعت المعارضة السورية، وليس العكس.

العمل السوري المعارض قبل الثورة السورية في مارس ،2011 اقتصر على العمل الفردي النخبوي، ووصل الى ذروته في ربيع دمشق، وكلنا يتذكر تضحيات الكبار في المعارضة السورية، الاستاذ عارف دليلة، الاستاذ هيثم المالح، الاستاذ رياض السيف، الدكتور كمال اللبواني، الاستاذ عبد الرزاق عيد، والاستاذ مأمون الحمصي، والاستاذ ميشيل الكيلو، والشهيد مشعل تمو، وغيرهم، لكن رغم التضحيات الجسام لهذا الحراك المعارض، الا انه لم يصل قطعاً الى الحراك السياسي المنظم الذي من شأنه احداث ثورة، اما اليوم، فالعمل المعارض اصبح حرفة "وباب رزق" يستقطب اصحاب الطموح من رجال اعمال واكاديميين وشيوخ عشائر وشيوخ دين وحتى رجال من صلب النظام نفسه.

الخلل الحاصل في عمل المعارضة السورية، بكل مجالسها وهيئاتها وتياراتها وشخوصها، وعدم تجاوبها مع متطلبات الثورة السورية، لا شك ان احد اهم اسبابه، يعود لحداثة عهد اغلب المتصدرين للعمل السوري المعارض، فأما تجدهم ينتمون لفصيلة أشباه المعارضين، او ينتمون لفصيلة المعارضين الجدد التي ظهرت بعد الثورة، اما المخضرمون من المعارضين السوريين، والذين سبق ذكرهم، فقد تم اقصاؤهم من قبل مافيا المعارضة تحت سمع وبصر جماعة الاخوان المسلمين، وربما بالاتفاق معهم، وهو حقا امر مؤسف، فكل يوم من عمر الطاغية يعني المزيد من القتل للانسان السوري، والمزيد من الدمار للبلد السوري.

الاتفاق الذي تم انجازه يوم أول من امس في العاصمة القطرية الدوحة، والذي توج بالاعلان عن "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، لا شك انه خطوة مباركة وربما بداية لعلاقة جديدة بين الثورة السورية والمعارضة السورية، وعلى الارجح ستجد هذه الاخيرة نفسها مرغمة على القيام بواجبها تجاه الثورة هذه المرة، بعد ان امضت قرابة العامين من عمر الثورة بين فندق واخر وعاصمة واخرى، وهي تتصارع وتتنازع على جلد الدب الذي لم يتم اصطياده بعد، فاتفاق المعارضة السورية المتأخر هذا، لا بد له ان ينجح، لانه جاء تحت اصرار الخارج ورعاية الخارج وبالدعم المشروط من الخارج.

* كاتب سوري

d.mehma@hotmail.com

13/11/2012