Share |

أردوغان وتعزيز سلطته داخل حزب العدالة والتنمية...هوزان أمين - تركيا

بعد انعقاد المؤتمر الدوري الخامس لحزب العدالة والتمنية الحاكم في تركيا والذي تمخض عنه فوز السيد أحمد داوود أوغلو بالتزكية ودون منافس وبقائه رئيساً للحزب مع اجراء احداث بعض التغييرات في النظام الداخلي للحزب،

بروز على السطح مجدداً هيمنة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الحزب بشكل أكبر بعد فقدانه الامل بتغيير الدستور لصالحه وتشكيل نظام رئاسي واسع الصلاحيات وعلى الرغم من ان الدستور التركي يقر بأستقلالية رئيس الجمهورية وحياديته في قيادة البلاد ولكن يبدو أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أدرك أن الانتخابات المبكرة التي ستجري في الاول من تشرين الثاني/نوفمبرالقادم والتي يعول عليها لن تكون مفتاحه للسلطة المطلقة بتركيا، وتجري الاستعدادات على قدم وساق لاجراء انتخابات مبكرة وسط تراجع شعبية الحزب وفشله في الحصول على الاغلبية النيابية والحفاظ على غالبية المقاعد النيابية والتي كان يفوز بها لثلاث دورات سابقة اهلته لقيادة تركيا مدة اثنتي عشرة عاماً فجاءت نتائج الانتخابات الاخيرة والتي جرت في السابع من حزيران / يونيو العام الجاري بعكس ما يشتهيه رئيس الجمهورية التركية الحالي والزعيم السابق لحزب العدالة والتمنية رجب طيب أردوغان بعد فشل الحزب في تشكيل حكومة ائتلاف وطنية.

هذا في الوقت الذي تواجه تركيا وحكومة داوود أوغلو تحديات كبيرة ولا سيما بعد فشل مفاوضات السلام مع الاكراد واندلاع الحرب مجدداً بين الجيش التركي وحزب حزب العمال الكوردستاني وتصاعد العمليات العسكرية المستمرة منذ اكثر من شهرين وسط كل هذه التعقيدات وفي ظل ارتفاع عدد ضحايا أفراد الشرطة والجيش وأعلاء اصوات تنادي بضرورة العودة الى طاولة المفاوضات واستئناف مفاوضات السلام تبين ان حزب العدالة والتمنية يعاني أزمة داخلية كبيرة وأنقسام في الرؤى والافكار أدت الى الاطاحة برموز الحزب العريقة التي كانت من مؤسسي هذا الحزب.

ربما لم تكن مفاجئة فوز أحمد داود أوغلو بالتزكية دون منافس بزعامة الحزب كونه من الرجال المقربين الى أردوغان ولكن المفاجئ في نتائج وقرارات ذلك المؤتمر بروز سيطرة رئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان المطلقة على الحزب وتشكيل لجنة مركزية جديدة تحت مبررات ضخ دماء جديدة شابة بين قيادات الحزب من خلال القيام بأجراءات احترازية وتعيين مقربين له في مراكز عالية بالحزب ومنهم صهره ومحاميه ومستشاره السياسي ورفيق طفولته وقيادات مواليه له شخصياً رغم تقدم بعضهم في السن، حيث يسعى أردوغان من خلال حكومة داود أوغلو بتعزيز هيمنته على الحزب وابعاد كل من تسول له نفسه بقول لا لأردوغان، ومن الشخصيات القيادية التي تم ابعادها من قيادة الحزب ورفضت بنفس الوقت مشاركتها في الدعاية للحزب والترشح للانتخابات في الحملة الانتخابية القادمة، بولند آرنج الشخصية المعروفة داخل الحزب وأحد مؤسسيها والرجل الثاني في الحزب سابقاً حيث كان نائب أردوغان السابق حينما كان رئيساً للوزراء وتسلم مناصب عليا في الحزب ويعرف عنه بنظرياته وحنكته السياسية، وصرح بلند آرنج بعد المؤتمر قائلاً " لم يقدر المؤتمر من أعادة الحزب الى اساسه الذي بني عليه، وأضاف قائلاً " عندما اسسنا حزب العدالة والتنمية مع السيد رئيس الجمهورية السابق عبدالله غول والرئيس الحالي للجمهورية رجب طيب أردوغان وبعض الرفاق الآخرين وضعنا لها أربع أسس رئيسية ومن أهمها العدالة والمساواة وانهاء دستور حقبة انقلاب 12 أيلول عام 1980 ووضع دستور يضمن الحريات والحقوق لجميع فئات المجتمع التركي ومكوناته والرفع من المستوى الاقتصادي للفرد وعلى ذلك الاساس انطلقنا وحققنا نتائج مهمة" ولكن اذا لم يعد الحزب الى تلك الاسس التي انطلق منها فسوف يفقد شعبيته وحكمه على البلاد، حيث يجب تمكين البلاد وتعزيز العدالة والمساوات والديمقراطية وتحقيق عملية السلام مع الاكراد وكان يتطلب مناقشة كل هذه الامور في المؤتمر واجراء عملية نقد ولكن لم يتم التطرق لكل هذه الامور "

وكذلك من الشخصيات المهمة التي تم التخلي عنها وابعادها من الواجهة السياسية للحزب السيد على باباجان المعروف على الصعيد العالمي كونه كان تقلد مناصب وزارية مهمة ومنها وزير خارجية وكذلك وزير اقتصاد تركيا ايام حكومة رجب طيب أردوغان ومعروف على الصعيد الدولي، وكذلك وزير المالية السابق محمد شمشيك ابعد من الساحة القيادية للحزب على الرغم من انه انقذ البلاد من كوارث اقتصادية ورفع شأن الليرة التركية قبل سنوات ومن الشخصيات البارزة التي لم تحظى بمناصب قيادية وابعدت منها السيد عبدالله غول رئيس الجمهورية التركية السابق فهو احد مؤسسي الحزب واول رئيس للوزراء للحزب فقد تم اخراجه مع القيادات الموالية له خوفاً من تقدمه وتقوية سلطته داخل الحزب والانقلاب على أردوغان.

هذا ان دل على شيء يدل على وجود أزمة حقيقية داخل حزب العدالة والتمنية في ظل فرض أردوغان لرجالاته وأعطائهم مكاسب ومناصب عالية داخل الحزب على الرغم من محاولات رئيس الحزب داود أوغلو بتكوين قيادات وهيكلية حزبية موالية له بدلاً عن أردوغان إلا انه ظهرت نتائج ذلك المؤتمر مخيباً للعديد من القيادات القديمة التي أسست الحزب وتطمح الى لعب دور أقوى وتجاوز فشلها في الانتخابات الفائتة وكذلك كان المؤتمر بمثابة الضربة القاضية على آمال كثيرين داخل الحزب ممن كانوا يصرحوا بأن الحزب بحاجة إلى عملية إصلاح داخلي وإشارة واضحة الى تدخلات أردوغان في هذه الاثناء التي تدور معارك طاحنة بين قوات حزب العمال الكوردستاني والجيش والشرطة التركية في الكثير من المناطق وإعلان بعض المدن أدارتها الذاتية وقطع صلاتها مع الحكومة التركية واشتداد حدة المعارك يوم بعد آخر في ظل فرض للسلطات لقوانين وإجراءات أستثنائية تعطي صلاحيات واسعة لقوى الجيش والشرطة في سبيل فرض الامن على تلك المناطق، وتصاعد موجة العنف حتى بين المدنيين وحرق منازل الاكراد المقيمين في المدن التركية وحتى حدوث جرائم قتل متعمد للاكراد كل هذه التحديات والازمات التي تعصف بتركيا بالاضافة الى أزمة أقتصادية ومالية سببتها هذه الحرب وكلفت الدولة التركية ملايين الدولارات وسط نداءات من الاساط الاهلية ومنظمات المجتمع المدني بضرورة وقف العنف والعودة الى طاولة المفاوضات.

ان حزب العدالة والتمنية أمام امتحان حقيقي امتحان داخلي حزبي؟ هل سيحافظ على تمساكها والتحامها مع الرئيس اردوغان ام لا ؟ يطرح هذا السؤال في حين تجري في الاوساط السياسية والاعلامية التركية ان تلك القيادات التي استبعدت لن تقف مكتوفة الايدي وتتفرج لان لهم شعبية واسعة في الحزب ربما يؤدي بهم الى تشكيل تكتل مناوئ لسلطة أردوغان داخل الحزب او ربما الى الانقسام عن الحزب، وكذلك امتحان اخراج تركيا من هذه الازمة التي تعيشها فهل سنتجح في تحقيق ذلك ام لا ؟! يظل هذا السؤال مطروحاً الى حين أجراء الانتخابات المبكرة حينها ستتوضح الامور وتبان أكثر، على الرغم من ان حظوظ الحزب بالفوز بأغلبية المقاعد قليلة جداً وان الازمة والحرب ودوامة العنف سوف يتطور ولن يضع لها حدود وستؤدي بتركيا الى وضع لا يحسد عليه.

 

التآخي-20-09-2015