Share |

قصص قصيرة

          رنَّ جرس المنبه كالعادة في توقيته ، مدَّ يده إلى الهاتف بهدوء لإسكاته ، ثم نهض على مضض واستقام ليمارس حركاته الرياضية الصباحية لتقوية عضلات رقبته ، التي طلبها منه دكتوره ،

إنّها السّاعة الرّابعة بعد منتصفِ ليلة رأس سنة عشرين وألفين؛ هدأ أزيز الرّصاص، ودويّ الألعاب النّاريّة، حلّ السّكون مكان صخب وضجيج مدينة الحسكة الغارقة في برد ليل البادية. رفعتْ عنه غطاءً رطبًا، بالكاد يدفئ طرفًا من جسده النحيل، فانكمش على نفسه، يقاوم لسعة البرد التي داهمته، تحسّست جبينه؛ كانت الحرارة تنزُّ مع العرق، ارتاع قلبها، وحار أمرها أيقاسي جسده برد الشتاء، أم تعيد عليه الحلس الذي يدفئه؟ إلا إن سعاله المتواصل؛ أجبرها بردِّ الدثار إليهِ.

  كان (شيرو) ابن اسرة كبيرة غنية. عندما مات أبوه ترك له ثروة عظيمة، لكنه تصرف بحماقة وخفّة فأخذ يقيم الحفلات والولائم لمئات من "الأصدقاء" من الأراذل والحثالات والطائشين والطفيليين الذين جمعهم من حوله وأنفق عليهم من ماله، فلم تكن تمضِ ليلة إلا وأقام فيها مجلساً للغناء والرقص والطعام والشراب. أما أمه فكانت تنصحه قائلةً: - عد الى رشدك يا ولدي ولا تسلك هذا الطريق.

مضت سنتان مذ تعرفتَ عليه، جرى ذلك بسبب عملكما سوية في تبييض الجدران وصقلها. كان حرفيا ماهرا في مجال عمله. في يوم ما تناهت الى أسماعكم أصوات طبول ومزامير قادمة من أطراف القرية التي تعملون فيها. فألقى في ذلك الصباح الباكر مالَجه وأمسك بخرقة من القماش وشرع بالرقص وهو في مكانه وصاح مرتين وثلاث:  -  فداك وفدى مزمارك نفسي ونفس أمي يا حاجكو! يا لك من زمّار ساحر. كأنني أراك الآن واقفا أمام شباك العروسين لتخاطب العريس منشدا على نغمات مزمارك:

       كانوا أطفالاً صغار ضمن حي مختلط فيه بيوت ، من كرد وعرب

  في صبيحة يوم شتوي، استيقظ كعادته من أصوات زملائه في السكن. الزملاء الذين ينحدرون من كل المناطق، دون أن يكون هناك أحد من منطقته، أو مَن يتحدّث بلغته. كان المشرفون على السكن قد اعتادوا على إيقاظهم بطريقة أقلّ ما يمكن أن يقال عنها بأنها وقحة؛ حيث كانوا يتفقون مع أحد الصغار، ليخرج وينادي بأعلى صوته «هي إلى الإفطار»، لينضمّ إليه كل أطفال السكن تقريباً في قرع الأبواب والمناداة بشكل مستفزّ.

    عادت زوجته.الى المنزل دون مقدمات وقالت ثلاث مرات طلقني ..واعتبرت نفسها مطلقة احس الزوج ان جاكوج قاضي المحكمة اندقت براسه ثلاث مرات لكن بلعها..واحسها انه غير متضايق عما سمعته منها لكنه بادرها بهدوء وسألتها : ''لماذا''؟ نظرت إليه طويلاً وتجاهلت سؤاله بل دفعها الغضب من الخروج الى الغرفة الاخرى بعدما اغلقت الباب بشدة ..كأن برميل معبأ بالرصاص نزل على رأسه بعدما..

  في لعبة الألغاز يسأل الغريب ابنه عن الشيء الذي تقوم عليه الخيمة دون أن يأبه به أحد أو يكترث لحضوره. فيحتار الولد ويستسلم دون معرفة الإجابة، فيضطرّ هو إلى الإجابة عنه: هو العمود الذي لا تقوم الخيمة إلا عليه،يا ولدي، ورغم ذلك لا ينتبه أحد لوجوده، أو يهتم به، إلا إذا انكسر وهوت الخيمة على رؤوس سكانها.

  (1)   لم يكن بكاء الرضيع للحليب، ولم يكن جسده الصغير يتألم، بَيدَ أن صيحة أمه حينما قطعوا رأس أبيه، كان سبب بكائه.   (2)  

للمرأة الكوردية حيز واسع في التاريخ , من حيث دورها المتميز في مجتمع, فهي حاضرة في كل الأمور الحياتية كونها أهلا للثقة, في الإدارة والثقافة وفي الحرب أيضا, هي التي تدير شؤون القبيلة في غياب زوجها, تشارك في القضايا الهامة, و في تاريخنا نماذج شاهدة لا تخفى, رأيها محط احترام وتقدير, وقد يحمل الولد باسم أمه  بدلا من أبيه في المجتمع الكوردي, وليس كثير عليها أن يكون اسمها كناية للحياة .

     تعد ملحمة (الأمير ذو الكف الذهب) المعروفة باسم ملحمة (قلعة دمدم) من أشهر ملاحم البطولة الكوردية على الأطلاق وهي تروي قصة نضال أمير كوردي شيد قلعة حصينة بهذا الاسم لحماية نفسه وأبناء عشيرته وإمارته من شرور الأعداء

إن حالة حب واحدة يمكنها أن تقدم صورة جلية عن جانب من سيكولوجية مجتمع برمته، ذلك أن الفرد هو جزء من المجتمع، والمجتمع هو مجموع أفراده الذين يقومون بعملية تشكيله. من هنا فإننا نتعرف إلى المجتمعات من خلال تفاعلها مع مظاهر ومقومات الحياة، وممارستها للمزايا والقيم والنوازع الإنسانية. لذلك بات الأدب في أية أمة ممثلاً صادقاً لهويتها، وما ذلك إلاّ لأن أبناء الأمة يتغلغلون بين سطور هذا الأدب الذي يقدمهم خير تقديم، ويسلط الضوء على مزاياهم وخصوصياتهم بشيء من الدرس والتحليل.

(المكان: صالة مسرح يحتل الجمهور كراسيها، وعلى الخشبة، وفي زاوية منها، ثمة مكتب فيه بضعة كراس وطاولة عليها مصنفات وأوراق، تدخل من باب الصالة عجوز ترتدي ثياب فتاة في مقتبل العمر، تتنكب حقيبة صغيرة، تسير نحو الخشبة وهي تلتفت حولها باستغراب، تصعد الخشبة بعد تردد وتجلس على كرسي غير بعيد عن الطاولة، تحدق في الجمهور بنظرات الدهشة والخجل، تدفن وجهها بين يديها، ترفع يديها عن وجهها بحذر وهدوء، تدقق بنظرها في الناس باندهاش، تتفحص المكان. لنفسها)

في بيت قروي كانت تعيش عائلة مؤلفة من ثلاثة أطفال وأم وأب مريض، ومنذ الصف الأول الابتدائي، اعتاد أصغرهم سناً على الذهاب إلى المدرسة صباحاً، والتناوب بعد الظهر مع إخوانه على رعي الماشية والعمل في الحقل الزراعي.

في طبع الحمائم في السياسة: قامت الحمامةُ بزيارة البوم في منزله تشكو إليه الصقرَ قائلةً:

مفاجأة عيد ميلاد :   حين انتصف اللّيل، وهبط الصمت على المدينة طائراً من رصاص، استسلم الجميع لملك النوم: الآباء بعد أن وضعوا الهدايا تحت وسائد أطفالهم، والأطفال وهم يحلمون بقدوم بابا نويل.  لم يتوقع أحد منهم أن يحدث له ما حدث. إذ كانت هذه الليلة أيضاً، وللسنة الخامسة، رأس سنة بلا طاولة عامرة بالفاكهة والحلويات، ولا مفرقعات مضيئة تملأ السماء.  

يشعل إبراهيم سيجارة تلو أخرى مع فنجان من قهوة مرة في مقهى بضواحي إحدى كبرى المدن المانيا ،أحياناً لا يبين  تفاصيل وجهه من ضباب الدخان الكثيف وكأنه يريد أن يحجب نفسه عن العالم وأحياناً أخرى وبنبرة ملؤها ألم وسقم الإرهاق البادئ من حديثه وعيون مائل للاحمرار ومنفوخ بالدمع ومقدوح بالشرار يسرد لنا  قصته مع أمل.إبراهيم شاب في الثامنة والثلاثين من العمر ، وذو لحية متوسطة الطول وشعر قصير، متزوج منذ سبع سنوات من أمل التي تصغره بست سنوات،  ولهما طفلان (بنت وصبي). قصة إبراهيم . . وغربة ألمانيا !  

نظر من نافذة منزله المطلة على الشارع انغرزت أشعة الشمس المتعاكسةعلى خد الثلج عيونه. عاد خطوتين إلى الوراء،  أمعن في حركة المارة يروحون و يغدون غير آبهين بتراكم الثلوج، هو وحده لم يألف هذاالمشهد. تذكر كيف كان المشهد في وطنه لما كانت الثلج يسقط، حيث تتعطل المدارس، و  ينقطع التيار الكهربائي. الأطفال و الشباب  ينزلون إلى الشوارع، و يقذفون بعضهم بعضاً  بكرات الثلج و التي كانت لا تخلو بعض  الأحايين من الأذية، لكن لا أحد  يشكو لأنه  خيرٌ و نعمةٌ قد لا تتكرر في سنوات قادمة.

      في الغرفة الصغیرة التي لفها نور خافت وحول الطاولة العامرة بما لذ وطاب من علب وقناني المشروبات وانواع المزات والمزدحمة بنفاضات السجائر الممتلئة باعقاب السجائر الصفراء والبیضاء، کانوا یجلسون صامتین یبدون کمریدي شیخ الطریقة في تأثرهم ولهفتهم وقد تحولوا کلهم الی آذان صاغیة الی ذلك الذي کان یحتل طرفاً من الطاولة ویضع امامه بضعة اوراق وهو یحرك نضارتیه ویرمق الاوراق بطرف عینیه بین الفینة والاخری.

حاول أن يكبت مشاعر الغيظ المتراكم , التي كانت تغلي داخل صدره وهو يسير دافعا بقدمه اليسرى دفعا و جارا خلفه اليمنى بتثاقل.. الأحمال كانت جسيمة على كاهله…. أحسّ كأنها أغلال صدئة غليظة تعيق قدميه من السير ويديه من الحركة. يمشى مطأطأ الرأس بعد أن عجز مرة تلو الأخرى من النهوض بقامته مرفوع الرأس , حيث خذله ظهره الذي بدى و كأن به تشوهات قوامية ولادية ,على الرغم من أنه كان يوما مثالا في الرشاقة.

هي الطامة الكبرى عينها أن تقطع حدوداً بين دولٍ براً وبشكل غير شرعي طلبا للأمن وهربا من جحيم حرب مجنونة لا ناقة لك فيها ولا جمل وقد بلغت من العمر عتياً، ثمانين ونيف من السنين. تلك هي حال أمي التي قضت كل أيام عمرها في قرية صغيرة في الشمال السوري دون أن تفكر يوما في مغادرة بيتها الريفي المتواضع المزين ببضع شجيرات زيتون وبضعة حيوانات أليفة إلا في نعش محمول على أكف إلى مثواها الأخير. لكن للدهر نوائبه التي تأتي على حين غرة ومن حيث لا يحتسب وتقلب أعالي الأمورأسافلها كما الأعاصير الهائجة تقلع الأشجار المتشبثة بالأرض من جذورها وترميها.

  يُقال: كان هناك رجل فقير يعيش كفاف العيش مع زوجته وأولاده, لكنّ فكرة ملعونة نطّت إلى فكره, شغلت باله, وأقلقت سكينته, تكمن في رغبته مجاراة المنعمين والمرفّهين بغية الوصول إلى مقامهم الرّفيع والعزف على مختلفِ الأنغام والأوتار

لم أكن أدري حينها هل كنتُ آلهٍ أم إنسان أومن عالم الجان. لم يكن لدي اعتراض على من يمدني يد العون والمساعدة إن كان من السماء أو من الأرض , من السياسيين أو من المستقلين الجبناء  .   لكون ما مررت فيه كان خارج كل المفاهيم ولايخضع لبرودةٍ أو احتراق , ربما كنتُ في وضعكان فيه الخالق يغط في غفوة عميقة لذلك أغفلق ديستي الصغيرة (  شيرين ) وجعلها فريسة سهلة بين أنياب مؤمنيه المميزين.