نظر من نافذة منزله المطلة على الشارع انغرزت أشعة الشمس المتعاكسةعلى خد الثلج عيونه. عاد خطوتين إلى الوراء، أمعن في حركة المارة يروحون و يغدون غير آبهين بتراكم الثلوج، هو وحده لم يألف هذاالمشهد. تذكر كيف كان المشهد في وطنه لما
كانت الثلج يسقط، حيث تتعطل المدارس، و ينقطع التيار الكهربائي. الأطفال و الشباب ينزلون إلى الشوارع، و يقذفون بعضهم بعضاً بكرات الثلج و التي كانت لا تخلو بعض الأحايين من الأذية، لكن لا أحد يشكو لأنه خيرٌ و نعمةٌ قد لا تتكرر في سنوات قادمة.
جلس على الأريكة، وقعت عينه على جريدة: Le Matent ( الصباح قلب الصفحات دون أن يركز على شيء توقف في الصفحة الأخيرة. ( منزل للإيجار) تذكر وجه سلمى المدور و عينيها العسليتين و ابتسامتها الطفولية.
نعم، سلمى تبحث عن بيت بهذه المواصفات. هاتفها على الفور و بحماس رائع. لم تصدق سلمى ما سمعت، لأنها كلت، و ملت من البحث. جاءت على الفور، فوجدته في انتظارها وحيداَ في المنزل.
- لكن، أين الأطفال و ......؟
وضع كفه على فمها قبل أن تكمل.
- إنهم خارج المدينة.
- و أين المنزل الذي أخبرتني عنه ؟
- أخذتُ موعداً، و لم يحن الوقت بعد!
جلستْ على الأريكة، وغرقتْ في تفكير عميق. دهمتها رغبة جامحة في أن تنهمر عليه وابلاًَ من القبلات لكنها أحجمت .. أحقاًَ سأتخلص من ذلك المعسكر اللعين!.
ثلاث سنوات انتظرت الإقامة وثمانية عشر شهراً أبحث عن غرفة مستقلة من أجل أن نلملم أطراف شتاتنا.
قدّم لها كوباَ من الشاي، وقطعة من الحلوى.
أمسكت سلمى كوب الشاي بيدين مرتجفتين و باردتين لتتدفأ به، و يسري شيء من الحرارة في عروقها.
اقترب منها حتى تلاصق كتفه كتفها، أمسك يديها فكانتا باردتين، و بعد هنيهة قبّل خدها و كانت الطلقة الأولى لهدم جدار
الحياء.
لم تمانع لأنه لم يتجاوز ثقافة المكان. قال لها: ألا تودين التّعرّف على المنزل؟ لم تمانع، فاصطحبها إلى غرفة النوم، و
ألقاها بخفة على السرير، و رمى بنفسه فوقها.
لكنها دفعته بقوة، وقالت: هذا السرير يخص غيري وأنا لا أليق بهذا المقام.
في الوداع، قبلته على وجنتيه، و أضافت: أرجو أن نبقى أصدقاء... أصدقاء فقط.
رشاد شرف - سويسرا