Share |

أصواتٌ من أنفالستان…قصائد بقلم : حكيم نديم الداوودي

 

 

هنا في انفالستان

أطفأ الناس سراج نوافذهم،

أسكتوا ضوء قناديلهم..

عمّ طوفان الأنفال

في كل مكان

صوتٌ صراخٌ

نحيبٌ حشرجة ،

مقاصلٌ على مقاس

انتماء كرديّة الانسان..

دماءٌ  شواءٌ

لحرقة أكباد سورة الانفال

سكونٌ.. صمتٌ ثقيلٌ،

عويلٌ، مذلةٌ

في منتهى الأحزان

سرى بين العامة،

أنباءٌ

أهوالٌ..

ها قد جاءت أفواج

مغول العصر..

تتارالبعث بالطائرات

بالموت والدخان

بأسلحة دمارالكرد

مرتزقة بلا ضمائر،

في أقصى العنف والعدوان

قدمت بهم مواخيرالليل

والأحقاد وبؤرالاجرام

مَسحوا الأرض،

ذلّوا العباد،

سَلخوا جلود

الأمل والبشر

وسحقوا الاكباد..

ضيّعوا بسمة 182 ألف إنسان

في غياهب الغياب والحرمان..

في نيسان الشر،

في عام النكبة

قدموا ومعهم شؤم

البومة والغربان..

******

هنا في أنفالستان..

أضلع تتمشى

في أتون الحيرة والأهوال ،

هنا في البقعة الدموية

لا أحد يملك زمام غده،

تتداخل حواضرهم

مع ماضيهم السحيق..

منْ منهم أطلق لحيته

مذ رحيل القبوح عن

هامات الجبال..

تراهم قوافلٌ من أفواهٍ بلا لسان..

عيونهم تدمع وتشكو

من قسوة أشباه الانسان..

وجوهٌ وأيد مدججّة،

بنارالحقد الأسود

خلف وأمام طوابير

من الهياكل والعظام..

يقودونهم الى المجهول

هذي مصائرأكراد الله ،

وأحباب سورة الأنفال

يطمرونهم باسم الاخوة

تحت لهيب الرمال..

فجة هي طعم كلمات ظلمهم

لا حكمة فيها، بعد علو،

صوت لعلعة الرصاص وأزيزالطائرت..

لاشجرٌيقوى على حمل

ثمارمرارتهم..

لا طريق يؤدي اليهم..

لا دمٌ يخفق ويعترض

على فوضى ذلك الزحام..

الكل فارٌ، وتائه،

وراء الشائعات والأهوال،

عن كذب طول الآمال..

عن بدء قيامة أمة الكورد،

عن نكبة الكورد،

في أرض أجدادها

التي تحولت

الى أنفلة الانسان..

*******

  عروسة الجبل تنزع حزنها

في ميلاد ربيعها الغائب..

تتخلّى عن خوفها مرعوبة

من نزع الجلد والأظافر..

أختاه! لا ترحلي

  من معارج روحي

أبق معي سأتلو معك

  مآسي عمليات الأنفال..

أرك  فيها لوحة من لوحاتي..

رسمتها بدمٍي ودموع فرشاتي..

أنها أنتِ وأمي ووجه أبي..

لونّتها بنوبات سكرتي..

أريك وضعك الصعب،

في معسكرالذل ما بين

  الوحل والرمل..

  تغيب عني ثم يغوربصرها

  في أرخبيل الأشياء.

ياالهي أأنا ولدت كي

أزرع حزني وتعبي..

على مرآى ذئاب الأنفال..

أخذوها مني نزفو دمي..

أخذوا صراخ فمي..

ولكن لم يتمكنوا منعي

أن أموت في

عشق الكوردستاني..

تركوني للزمهرير

أنا وأختي الصغيرة..

وحلم أهلي وأحبتي

  في كرمياني

في كويستاني..

أخذوا مني ومنها مهد طفولتنا

علقونا كالمسيح

على صليب حزن الزمان

لملمنا اًشتات الذكريات..

تيبست عليه أصابع  يدنا،

وبحّ من أجلكم صوت الاحتجاج..

بعدكم أخذوا معجمي وكلامي

قمعوا لهاثي كمّموا عنادي..

أنا اليوم مع ذكراكم

أنوح لكوردستاني

تحت رمال الصحراء..

أشبّه جدثي بصخرةٍ

  صمّاء بلا انتماء..

بلسموا قروحي

بملح نكران الجميل

بإسم قدسية سورة الأنفال

لكنهم ُنكسوا لمسح انتمائي

بمداد شنق أحبابي..

بعد طول التأمل لمصائرأمة

مشت زرافات،

نحو الحتف الأكيد مشياً على الرأس،

في كنف الصمت والظلام..

فغدت جنة الله

وكوردستانها مؤنفلة

بالامس كانت

للكل موطناً

للسّلم

وللحلم

والآمال..

 

*******

أحبابنا في القلب متى تعودون...؟

الى الذين صنعوا بألم الأمس أمل اليوم. .

احبتي متى تعودون، هي سيل من الأسئلة، ظلت 

بلا ردّ او جواب بعد مأساة الانفال في المدن 

والقرى الكوردية،هي اليوم محض  أسئلة ملحةٌ 

تبحث عن المصيرالمعلق على اكتاف الغياب 

القسري، اسئلةٌ تبحث وبحرقة الاكباد والوله 

المجنون عن وأد الطفولة الكوردية المستباحة 

في طوبزاوة ومعتقلات فيالق الشر وفي نقرة 

السلمان.. أسئلة وحسرة نطقت حتى صمت الحجر، 

عذاب لذكرى الآلاف من الشموع الذائبة من 

المؤنفلين الكورد أطفأتها أعاصيرالزمن 

الأحمق في ظل أزمة الضميرالانساني. متى 

تعودون، هي صرخة مدّوية من 

حناجرالطيورالمذبوحة والشفاه المتيبسة، 

والانتظارالمميت. من شفاه الثكالى لهجرة 

أكبادهن في سفرهم الطويل.

آه...فأية نبوءة لتلك العرافة المشؤومة 

وقراءتها لفناجينهم المقلوبة في احدى نزهات 

اماسيهم الربيعية،. فلا ادري لمَ الحّت 

عليها تلك المخطوبة قراءة حضها 

العاثرالمعلق بين الارض والسماء!!، قرأتها 

وعلى مضض رسوم طالعها، وطالع ابناء قريتها 

الصغيرة، اختطفتهم سموم الرياح ونواء 

القافلة المجهولة، ياعزيزتي المنتظرة، 

انهم الآن في جهة الرمال حاصرتهم المنايا من 

كل الجهات وعصفت بهم عواصف الصحراء اللعينة 

.. انهم ينتظرون عسى ولعلَّ قدوم طلائع فرسان 

مريوان ، وسماع صهيل نخوة أبناء قلعة كركوك 

الأبطال.

متى تعودون ،هي دمعة حبيبة قروية ممزوجة 

بفرحها الطفولي  بانتظار قدوم الحبيب 

الغائب للذي كان يعود كل مساء من تعب موسم 

الحصاد ، ولم يدر بقدومه في تلك الامسية 

النوروزية سيكون آخرمطاف ومذاق عناق مع 

الحبيبة، وغياب ابديّ للقلبين خلفَ الأسلاك 

الشائكة..

متى تعودون يا من تحصنتم حتى آخرطلقة 

بوفائكم العارم..

  أيها الراحلون بلا قبلة عند أنفاسكم 

الأخيرة..

  متى تعودون،متى؟؟! ذهبتم عنوة لمعانقة شمس 

الحرية دون أن تتركوا أيّ أثر لكم على 

الحدود، كي نهتدي الى لغزاختفائكم القسري... 

هرمنا يا إلهي.. وهرمت أمهاتنا من النشيج ومن 

قتامة السواد والعويل،.. يا أهل الأنفال ويا 

بني قومنا من الكورد الفيليين الأصلاء 

كتاريخكم المجيد ووطنيتكم المشهودة 

بالوفاء والنقاء.. آهٍ لآهاتكم المكبوتة 

ولغياب الاحبة، وا أسفاه لوقع ذلك المساء في 

مدننا وقرانا الآمنة التي غدت مهجورة من 

خُلاّنها . غدت صفصفا ولم تبق منها غير صوت 

مواء القطط التائهة الباحثة عن فتيت الجثث 

بلا أجداث وعلى بعد أمتارمن فراشهم 

المهجور،بعد عناقهم الحزين عثرت الام 

المكلومة على مَشبك شَعرابنتها الدامي ، 

وعلى وعاء حّناءها اليابس جنب سريرها 

الخالي، وعاءٌ نسج حوله العنكبوت بيته 

الواهن.. نزفت صرختها شرفها الرفيع رغم 

توسلات أمها الكليلة أن يتركوها ونرجستها 

الجبلية ذات العقدين في ذلك المساء التعيس.

متى تعودون هي لوحةٌ نسجت بخيوطِ الحقيقة. 

رسمت بألوان الشجن، وتعبيرًجنائزي 

للهمٌالكورديّ، والتشكي لنعيق بومة 

الظلام.. صرخٌ لماساة أهل الشجرة اليابسة في 

فناء تلك البيوت الخاوية على 

عروشها،الشاكية لربها من غدرالزمن لوأد 

ربيع الكورد، ومن القتلة الرعاع المستباحين 

باسم الله وبسورة الأنفال الشريفة البريئة، 

أينَ أنتم يا أزاهيرنا الربيعية..ومتى 

يعودون.. متى؟..

  تيّبست شفاه الامهات لفراقكم، وعيون 

الاطفال من دهشة الانتظار ومن قفل الابواب 

... متى يعودون؟.

 

وها هو عبه المجنون أطلّ على الزقاق 

المهجور،

  بدأ بالهذيان والنواح عليكم ولذكرى حتفكم

بين الاسلاك الشائكة في صحراء العرعر

نزفاً وعطشا وجوعا..

 

عاد المجنون عه به من رحلة الأحزان

وحيداً فاقداً تحت لسع السياط نعمة الذكورة

وكل تعابيرالنطق واللسان

لم تبق من أنثى العشيرة المسبيّة

غيركولالة العمياء ،

مبتورة العرض والذراع

موّشمة العجزوالفخذ والبنان!

في وطن نصفه دمٌ، ونصفه الآخرمسيّجٌ

بالطوارئ والكبت مستباح..

كولالة جراحها هي رماد

حرائق عامودا شبيهة

في مخاض الجرم أنين حلبجة،

حلبجة النائمة غدراً على مفترق مقاصل أعداء 

التاريخ

وفي فصول المقاومة وعبور نهرآراس المأساة

يا لليلةٍ حزينةٍ وربيع مسموم غاب فيها

وجه كرميان وبارزان وعفرين الاجداد..

كولاله تي العمياء!

يا كرميانية العش قوالانتماء!

حلبجة مثلك ثملة هذه الليلة

بكأس مهاباد الآباد

صيحةٌ قاطعةٌ لنياط القلب

  وحجب السموات،

نحيبٌ خلف أسوارالامارات الكوردية!!

استفيقوا من النوم!!

هيا أحفاد ميديا دثروا جراح حلبجة

بعباءة القديس قاضي محمد المعلقة

بعطره بأستارجوارجرا المتلئلئة

حصّنوا الصبايا واعلنوا الحداد

  لمأساة الانفالاقرؤوا لهم وصيايا الآباء 

للأبناء

وطهرالامهات على أعواد المشانق

يا كولالة، يا ثغرالكرامة، ياجمال الصبر!!،

على نوائب الدهروللعبة الايام..

أتدرين كولالة ؟!!مَنْ أطلق عليك وعلى 

اخواتك  الرصاص

ادعياء الشرف والكرامة

وذوي طلقات الرحمة البعثيّة بجماجم الاطفال

في زمن عشاق الدّم والخراب

المدفونة كعين بلا أثر، تحتَ انقاض المدرسة 

المهدمة

  لوأد لغة الكورد في ثنايا المقبرة الجماعية 

المخفية،

أتدرين كيف خرقتهم كواتم المسدسات 

الفاشيّة؟،

وكيف خرقت انّات تلك  الجامعيةٌ المسكينة 

افضية الصمت؟

  واختها الكوردية المرفوعة من صدرها الى 

السقف،

كانت باتنتظاررحمة السماء،وتأتيها غيمة 

بيضاء  لتشييع روحها النقية..

أماه ...لا ... لا تنوحي .. فاصبري ..!!

غداً ستنموالخمايل والنرجس فوق جراحنا 

الغائرة،

غداً سيهطل مطرالنماء، ويبدو الوطن

  كنبوءة حلمٍ  أخضر،وتشرق الشمس في الافق

  لا تعرف أبداً أوان الأفول

يطلّ الفجروالامل والشوق،

يختفي الفراق والرحيل والشرور

نتلوا معاً سورة الفرح، لبدء الزمن القادم 

الجميل...

 1ـ عبه وكولالة والعائلة المنكوبة

كانوا من ضمن ضحايا حملات الانفال السيئة 

الصيت والتي جرت في كوردستان وبشكل كبير 

منطقة كرميان1988  .

2 ـ وهي من المدن الكوردية المشهورة بالنضال 

والصلابة في مقاومة الموجات الشوفينية في 

سوريا

3 ـ وهي المدينة الشهيدة التي هزت ضمائر 

البشرية ولم تحرك شيئا من ضمائر الذئاب في 

دولة العرفاء الفاشية.

وهي مدينة كوردية كبيرة تقع في كوردستان 

ايران

4 ـ وهي الساحة الشهيرة التي اعدم فيها اول 

رئيس كوردي في التاريخ الشهيدالقاضي محمد 

ورفاقه الابطال بعد سقوط جمهورية كوردستان