Share |

أيها الإخوة العمال...كل عيد وأنتم بخير.. بقلم: إبراهيم درويش

كل عيد وأنتم بخير

أيها الإخوة العمال:

 يا من بسواعدكم المفتولة وعرقكم الطاهر المبارك الغالي المتصبب تحت أشعة الشمس الحارقة وخلال الظروف والأجواء القاسية تبنون المساكن والمصانع وتشقون الطرق لتسعدوا إخوانكم من أبناء الفئات والطبقات الأخرى في المجتمع... نتوجّه إليكم في هذا اليوم باحر التهاني وأجمل التبريكات، سائلين الله تعالى أن يحوّل حالنا وحالكم إلى أحسن وأفضل وأرقى وأسعد، وأن يمكّننا للتمتّع بكسب أيدينا وبخيرات بلادنا.

أيها العمال السوريون الأعزاء على أنفسنا كرداً وعرباً وإخوة آخرين في ربوع بلدنا الحبيب سورية:

  إن عيد العمال يحل ووضع العامل يزداد صعوبة يوماً بعد يوم وسنة بعد أخرى، فغول الأسعار يزداد توحشاً ويكاد يأتي على كل المدخرات، هذا إن وجِدت، والطبقة السياسية، بل بالأحرى الأسرة الحاكمة التي تدّعي أنها انبثقت من بين صفوف العمال والفلاحين، تزداد ثراء غير مشروع وسحتاً وامتصاصاً لجهودكم وعرق جبينكم، دون رادع من خُلق أو ضمير أو رقيب. ودون شعور بالمسؤولية أن لهؤلاء العمال نصيباً من ثروات الوطن، التي بسواعدهم المفتولة تنمو، وعلى حساب قوتهم وقوت أولادهم تذهب إلى الجيوب المثقوبة للحيتان الأسدية التي لا تعرف القناعة ولا النزاهة ولا الوطنية، بل ولا حتى الإنسانية والشعور بمعاناة العامل والفلاح!!

    أيها العمال:

    هل سألتم أنفسكم: متى ستشعرون بالأمان الاجتماعي والاقتصادي والصحي في ظل نظام لايقيم وزناً لراحة مواطنيه وكرامتهم؟      

    وهل سألتم أنفسكم: من أين جاء آل أسد (حافظ ورفعت وجميل وباسل وآل مخلوف وآل شاليش...) بهذه المليارات وآلاف العقارات وهم ينحدرون من الطبقة الدنيا في المجتمع السوري؟     

    وهل سالتم أنفسكم: كيف يمكن لكم التغلب على هذا الارتفاع الجنوني للأسعار في بلد تكفي خيراته لأضعاف سكان سورية لو وجدت الأيدي الأمينة في إدارتها؟ وكيف يمكن لكم تأمين حاجياتكم وحاجيات أولادكم وذويكم الأساسية في ظل رواتب لا تكفي لسدّ إيجار بيت أو شراء خبز فقط، بينما أولاد المسؤولين يرفلون في أثواب العز، وفي رغد العيش يتقلبون؟

هل سألتم أنفسكم: من أين جاؤوا بما في أيديهم من أسباب الترف؟ وما دوركم فيما وصلوا إليه؟ ولماذا لا تتنعّمون أنتم وليس هم بثمرات تعبكم وشقائكم؟       

  وهل سألتم أنفسكم: لماذا يزداد الفقراء كمّاً ونوعاً في سورية " الاشتراكية"، وتنعدم الطبقة الوسطى بشكل شبه نهائي، ويغدو السوريون بين فقير معدَم(وهم بنسبة تتجاوز 95%) وأصحاب ثروات لاتحرقها النيران ولا تكاد نسبتهم تتجاوز05%؟       

    هل سالتم أنفسكم: ما دورنا في القضاء على الفساد والمفسدين ووضع حدّ لهم، وإعادة التوازن وإرساء العدالة في التوزيع، ليتمتع كل أبناء الوطن، بخاصة طبقة العمال، بخيرات البلد وثرواته؟ ليصبح لعيد العمال طعم شهي ونكهة لطيفة، لا كما يجري في سورية، إذ تفرض السلطات فرض يوم أو أكثر على العمال، ولاسيما في عيدهم، ليعملوا دون أجر، وليذهب مردود عملهم إلى جيوب مَن لا يستأهلون؟      

أيها العمال: قلنا هذا الكلام قبل أن يهبّ الشعب السوري بكل فئاته بثورته المباركة، فماذا يمكن أن نقول بعدما استباحت العصابة الفاسدة الحاكمة في أرض الشام كل مقدس وحرمة؟ وأجرت دماء المواطنين المطالبين بالحرية والكرامة أنهاراً، وحوّلت حياة السوريين إلى نار ودخان وأشلاء؟ كم من عامل أصبح بلا طعام ولا مأوى ولا أهل وولد وزوجة؟ وكم من عامل فقد مصدر رزقه؟ وكم من أسر فقدت معيليها في غياهب السجون أو المقابر الجماعية؟

أيها العمال:إن أكبر كذبة حاولت العصابة الحاكمة في سورية تسويقها على مدى نصف قرن هي أن انقلابها الأسود كان لصالح العمال والفلاحين، وقد كشف العمال والفلاحون بأنفسهم أنهم كانوا أولى ضحايا أطماعها وانحرافاتها وجرائمها وسرقاتها.، ولكن أبشروا فقد لاحت في أفق سورية تباشير فجر جديد يتنفس فيه الناس جميعاً نسائم الحرية والكرامة والحياة التي تليق بالآدميين، هذا الفجر الذي يصنعه كل أبناء الشعب بدمائهم وإصرارهم وتوكلهم على الله خالق الأرض والسماء وقاهر الجبابرة والطواغيت.

    أيها العمال: مبارك عليكم عيدكم، وعسى أن يأتي عليكم العيد القادم وقد صار له طعم أشهى وألذّ، وكل عيد وأنتم بخير.