حوارها: هوزان أمين: التقيتها في دهوك حيث مستقرها اليوم بعد ان انتقلت من دمشق، نتيجة الظروف المعاشة اليوم في سوريا والثورة العارمة هناك، فالهجرة والترحال سمة الكوردي وشعبها بشكل عام نظراً لما لاقاه ولا زال يلاقي من معاناة وعذاب على ايدي اعدائه،
فما بالك بإمرأة مكافحة مناضلة مثقفة أديبة شاعرة قاصة، تنطبق عليها كل مقولات الكدح والجهاد وكل صفات الثقافة والمثقفين بالفعل انها تختزل كل ذلك في شخصيتها، انها ام جوان والمشهورة بإسم ( ديا جوان ) التي ولدت في جزيرة بوطان (شمال كوردستان)عام 1953 في كنف اسرة مثقفة ووطنية، تتلمذت على يد والدها وبعض الأئمة في منطقة بوطان، بدت عليها علامات النبوغة منذ صغرها حيث أمضت طفولة مليئة بالبراءة وتعلمت حب التراب والوطن، نظراً لارادتها القوية وكفاحها المرير في سبيل التعلم والتثقيف رغم الظروف الاجتماعية والاسرية الصعبة في تلك الايام إلا انها اخذت من الاجواء المحيطة بها كل معاني العشق والوفاء والغيرة على وطن جميل، بأسلوب واحساس مرهف اينعت بين طيات كلماتها ابلغ المعاني والمشاعر، انتقلت للعيش في منطقة القامشلي حيث تزوجت في سن مبكرة، ثم انتقلت عام 1975 الى دمشق للبحث عن لقمة العيش، وتعلمت مهنة الخياطة هناك لتساعد زوجها في تحمل اعباء الاسرة ولتعلم اولادها احسن تعليم وتخرجهم في اعلى المراتب العلمية حيث لم تعرف طعم الراحة والهناء وظلت تعمل دون كلل وملل، ورغم الاعباء والواجبات الزوجية والاسرية، إلا انها بدأت بكتابة القصائد بعد ان شعرت بشئ ما يفقز الى صدرها وتبحث عن اوراق بيضاء ليستقر عليها حيث تقول، ونشرت مجموعتها الشعرية الاولى"موجة من بحر احزاني" عام 1992 باللغة الكوردية، ويعد ذلك اول ديوان شعري نسائي يصدر باللغة الكوردية في غرب كوردستان، ومنها انطلقت الى ساحة الادب والثقافة الكوردية ونشرت اعمالها الادبية في المجلات والدوريات الثقافية الكوردية وترجمت عدد كبير من كتاباتها الى اللغة العربية والتركية والروسية، كثر الجدل عنها في الاوساط الثقافية والاعلامية في السنوات الاخيرة، لنشاطها الملحوظ على المستويات الثقافية والادبية والسياسية، فهي عضوة في لجنة دعم قضايا المرأة السورية ولجنة المهرجان الشعري في سوريا ولجنة جائزة اوصمان صبري وقدمت تلك الجائزة الى السيدة دانييال ميتران بنفسها عام 2004 في باريس، استقبلت في البرلمان السويدي كأديبة كوردية عام 2006 وقدمت كلمة مؤثرة هناك، اما على صعيد الجوائز التي نالتها فحدث ولا حرج فقد نالت العديد من شهادات التقدير والهدايا ونذكر منها على سبيل المثال جائزة مئوية البارزاني الخالد عام 2003 وجوائز كثيرة أخرى من وزارة الثقافة وفي العديد من المهرجانات، ناهيك عن المقابلات والمقالات النقدية التي تناولتها نقاد عرب وكورد معروفون، والتقت بالرئيس مسعود البارزاني بشكل خاص وفي عدة مناسبات، وهي من اولى النساء الكورديات السوريات التي تبوئت مراتب قيادية حزبية، وصدرت لها ثلاثة عشرة كتاباً متوزعاً بين الشعر والقصة والتراث.
بدأت الحديث معها عن السياسة قبل الادب، نظراً لقدومها حديثاً من مؤتمر في عمان، وتعتبره مهماً جداً لما توصلت اليه من قرارات بشأن القضية الكوردية، وسألتها عن ماهية هذا المؤتمر واهميته اجابت بالقول .
ذلك المؤتمر كان تحت عنوان الحوار الوطني السوري والمسألة الكوردية ، واعتبره مهماً جداً وايجابياً، لاكثر من سبب، لانه كان مبادرة سورية بدون تدخل خارجي عربي او اقليمي او دولي، وقد دعى اليه مجموعة كبيرة من الشخصيات الثقافية السورية، وكانت مبادرة لايجاد حلول اهم واكبر القضايا السورية وهي المسألة الكوردية ، وهذا ما كنا نطمح اليه منذ سنوات طويلة، واستمر الحوار لاكثر من يوميين متتاليين، والنتائج كانت نسبياً جيدة، ربما لا تلبي طموحات الشعب الكوردي كاملتاً ولكن المهم خرجنا منه بوثيقية ووقع عليه في البيان الختامي بأن الكورد في سوريا هم شعب على ارضه .
وحول الذين الشخصيات التي حضرت المؤتمر وهويتهم ؟قالت بأنهم من معارضة الداخل السلمية وبعض الشخصيات المعارضة من خارج سوريا، وحول تطبيق بنود تلك القرارات وآليتها قالت ، بالنسبة لنا المهم ما وثق في المؤتمر من بيان ختامي، وهذا مهم جداً في العلاقات السياسية والدولية.
واذكر هنا ما جاء في البيان الختامي للمؤتمر السوري للحوار الوطني المنعقد في عمان بتاريخ 28-شباط-1آذار 2013 حول المسألة الكوردية .
وجاء حرفياً ما ورد على الشأن الكوردي في البيان
البند 2- يؤكد المشاركون ان الوجود القومي الكوردي هو جزء أساسي وتاريخي من التكوين الوطني السوري، ويقرون انه ليس ثمة مجال للمس بوحدة الارض والمجتمع السوريين، كما يؤكدون على ضرورة ايجاد حل ديمقراطي عادل للقضية الكوردية يتم التعبير عنه من خلال مبادئ دستورية .
وسألتها عن هوية الشخصيات الكوردية التي حضرت المؤتمر ومن يمثلون؟ قالت كنا ثمانية اشخاص ممثلين عن الشعب الكوردي ولم نكن نمثل احزاب كوردية بل كنا ككتلة كوردية ، ومارسنا ضغطاً كبيراً عليهم لنحصل منهم تلك الوثيقة التي صدرت في البداية دون ذكر كلمة الشعب الكوردي إلا اننا اصرينا على وجود شعب واقنعناهم بذلك، عنوان المؤتمر كان حول مستقبل سوريا ؟ ومن بينها المسألة الكوردية كبند اساسي ، والبيان الختامي وقع عليه اربعون شخصية سورية مهمة جداً، والبيان اصبح ملك للتاريخ، ومن الطبيعي سيتم المتابعة عليها وهذه ايضاً احدى بنودها، وشكلت لجان بشأن ذلك.
وسالتها عن وضعها اليوم والمعروفة ديا جوان بالشاعرة والاديبة، وكيفية توفقيها بين الشعر حيث المشاعر المرهفة والاحاسيس الفياضة، والسياسة التي تتطلب القوة والخشونة في اغلب المواقف دون العواطف ؟
قالت انا اعتقد كل مثقف على وجه الارض هو سياسي حكماً شاء ام ابى، ولكن هناك فرق بين الحزب والسياسة حتى وان وجد رابط بينهما، فيجب عدم الخلط بين الاثنين فالسياسة بالمدلول العام اوسع واشمل، نجد الكثير من الكتاب والمثقفين الكورد يقولون نحن لا نتدخل في السياسة، اقول لهم انتم سياسيون شأتم ام ابيتم، ما دمتم تتحدثون عن هموم ومشاكل الشعب ويهمكم مصلحة الناس فانتم سياسيون حكماً، هذا رأيي طبعاً، وظروف الشعب الكوردي والقهر الذي يعيشه ومعاناته هي التي دفعتني لممارسة السياسة، وإلا لما دخلت معترك الحياة الحزبية، لكن ظروف الشعب الكوردي تختلف عن ظروف كافة شعوب العالم، فالقضية الكوردية تحتاج الى كافة فئات وطبقات وشرائح المجتمع، واحترم واقدر نضال كل حزب حتى ولو اختلفت معهم بالرأي، والاحزاب الكوردية تختلف عن الاحزاب الاخرى في الدول الاخرى، لانها تناضل وتكافح من اجل نيل الشعب لكرامته وهويته، والشخص الحزبي في الدول الاخرى ينال مكاسب ، ولكن بالنسبة لنا فان الحزبي يخسر الكثير ويتضرر مصالحه اذا اراد ان يكون سياسياً وحزبياً، ولكن نحن مجبرون لاننا بشر، وما دمنا نحمل اسم مثقف فواجبنا الاول والاخير خدمة قضيتنا، وكذلك ايماني الراسخ بعدالة قضية شعبي العادلة، دفعني للنضال وقد نذرت نفسي لخدمة الانسان الكوردي وقضيته حتى آخر نفس في صدري، واتمنى من الله ان يطيل عمري لكي اخدم شعبي اكثر.
وحول مشاريعها المستقبلية، ونتاجاتها الاخيرة ؟
قالت صدر لي الشهر الفائت ثلاثة كتب جديدة، من قبل مديرية الطباعة والنشر في دهوك، احداهما شعر، والثاني قصص كوردية تراثية، والثالث قاموس للكلمات الكوردية الاصيلة والتي اصبحت قليل التداول اليوم.
وفي ختام حديثنا قالت اني على الصعيد الشخصي ليس لدي أي مطلب من الحياة، وكل ما قمت به محل اعتزاز لدي ولم اندم لغاية اليوم على أي خطوة من خطواتي سواء على الصعيد العائلي او الشخصي، اما على الصعيد القومي فاتمنى ان يعيش الشعب الكوردي بما يليق به، الى جانب جميع شعوب العالم، يتمتع بكافة حقوقه وبكرامته وانسانيته، لانه شعب تواق الى الحرية وللسلم والامان ويستحق ذلك، واذكرالقول بحديثي في البرلمان السويدي عام 2004 ، قلت حينها اتمنى من الآن فصاعداً ان لا ارى ام تبكي وأخرى خائفة على فلذات اكبادها، فهذا الكون الفسيح يكفي لجميع الناس، لكي نعيش معاً ونعمل معاً ونحب بعضنا البعض في أمن وسلام هذه كل امنياتي .
واختتم حواري هذا بأبيات شعرية من احدى قصائدها حيث تقول :
كيف نكون بشراً
ان انت لم تكدح
ان انت لم تخطئ ولم تصب
ان انت لم تكن مرناً حينً
وصلباً حيناً
--------------
التآخي