اعداد : هوزان أمين و جمال برواري
للصحافة دور مؤثر على الحياة الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية للمجتمعات، وعن طريقها يستطيع المرء التعرف على ثقافات الشعوب، وهي الوسيلة المثلى للتعرف على الامم والحضارات، تعتبر الصحافة والاعلام بمكوناتها واعمدتها الثلاث المكتوبة والمسموعة والمرئية، العمود الفقري السليم لاي مكون اجتماعي، من ناحية ومن الناحية الاخرى بمقدور الاعلام العمل على توعية المجتمع وتطويره نحو الاحسن، وتعتبر بمثابة الرقيب على الحكومات لتوجيهها نحو الافضل وتسلط الضوء على اماكن الخلل والنقص وتنتقد الاخطاء التي ترتكبها الحكومة في اعمالها لاجل درء الخطر الناجم عنه ومحاولة اصلاحها قبل تفاقمها ، اي يساهم في خلق مجتمع متطور وحضاري ويكون الى جانب السلطات الثلاث ( التشريعية و القضائية والتنفيذية ) سلطة رابعة بحسب المفهوم العام المتخذ منه في العالم .
اذاً بما ان للصحافة هذا الدور الريادي في كشف مواطن الخطأ وابراز الصواب وقادره على تسيير دفة المجتمع نحو الافضل فأين هي صحافتنا (الكوردية) من لعب هذا الدور المنوط به ؟؟؟
بكل تأكيد لم نصل الى ذلك الدور المعهود الذي تلعبه الصحافة باعتبار صحافتنا ما زالت مقيدة في اطار النضال الدؤوب من اجل نيل الحقوق المشروعة للشعب الكوردي، ولا تمارس ذلك الدور الرقابي على السلطات المختلفة ولا تجد طريقها الى ان تكون كسلطة رابعة في البلاد، كونها تطمح الى مزيد من الحرية وابداء الرأي في سبيل تبيان حقيقة الوضع المعاش في المجتمع الكوردستاني ومدى معاناة الشعب الكوردي في ظل هذه الانظمة القمعية ولا سيما في تركيا وايران وسوريا، هذا باستثناء اقليم كردستان العراق الذي يعيش تجربته الفدرالية ويمارس فيه العمل الصحفي بنوع من الحرية رغم تابعية اغلبية المؤسسات الاعلامية للاحزاب السياسية، إلا ان هذا الانفتاح الاعلامي والحرية في اصدار المجلات والجرائد وبث اذاعات واطلاقات الفضائيات وبهذه الكمية الكبيرة تعتبر بادرة جيدة ووسيلة نحو تكوين اعلام كوردي حر ومستقل وقادر على لعب دوره المنوط به في المستقبل، خاصة بعد افتتاح مؤسسات اعلامية كبيرة في الاقليم، ووكلالات انباء ومواقع الكترونية تعتمد الحرفية في العمل الاعلامي وتختار كوادرها بعناية، وتحاول ايصال المعلومة للمتلقي بوسائل مؤثرة وفاعلة وقريبة من الواقع، إلا انه بالرغم من كل ذلك يبقى السؤال الذي يطرح نفسه بالحاح هل نحن بحاجة الى كل هذا الاعلام الموجه والمتحزب .
سنحاول عبر هذا الملف تسليط الضوء ولو بالجزء اليسير على واقع الصحافة والصحفيين الكورد في اجزاء كوردستان الاربعة ، واتصلنا ببعض الصحفيين الذين لهم باع في هذا المجال، واستجابوا لاسئلتنا بكل سرور، ونشكرهم على ذلك، وحاولوا شرح ماهية العمل الصحفي وضع الصحفيين الكورد، واعطاء بعض الاقتراحات بشأن ذلك .
عيد الصحافة الكوردية:
يحتفل الصحفيون الكورد في 22 نيسان من كل عام بذكرى صدور اول جريدة كوردية بإسم ( كوردستان) في القاهرة ، من قبل الصحفي الكردي الاول مقداد مدحت بدرخان عام 1898.
يصادف هذا العام الذكرى 14 بعد المئة على صدورها بهذه المناسبة العزيزة على قلوب جميع الصحفيين الكورد، تقام المهرجانات والفعاليات الثقافية الواسعة في سائر مدن كوردستان، تشمل تنظيم حفلات خطابية وندوات تطرح فيها مختلف جوانب مسيرة الصحافة الكوردية عبرة أكثر من قرن مضى، كما تفتح معارض تشكيلية وفوتوغرافية للفنانين الكورد، ويكرم بعض الصحافيين الكورد الذين خدموا الصحافة الكوردية، ونحن في جريدة التآخي اردنا ان نحتفل على طريقتنا عبر هذا الملف الذي نتمنى الاستفادة منه .
فكان لا بد لنا من وقفة امام هذه الانعطافة في تاريخ الشعب الكوردي السياسي والثقافي ، حيث كان الشعب الكوردي في اوج نضالاته التي كانت بحاجة لصوت ومنبر يوثق هذه التطورات التي كانت تحصل آنذاك وابرازها للعالم الخارجي ، وكان لا بد من فضح تلك الممارسات الهمجية التي كانت ترتكب بحقهم على ايدي السلطات العثمانية ، فكانت جريدة كردستان بصفتها باكورة الصحافة الكردية المدونة لها دور كبير في ايقاظ وتطوير الفكر القومي الكوردي ، وتوضيح الافكار واهداف الشعب الكردي الطامح للحرية والمساواة اسوة بالشعوب الاخرى ، ودعوة لهذا الشعب لنيل حقوقه المغتصبة.
نظرة سريعة على اصدارات الصحف الكوردية :
في البداية كان مركز صدور الصحف والمجلات الكوردية خارج كوردستان أي في المهجر مثل: القاهرة – اسطنبول – لندن – باريس – جنيف .
في فترة الثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي انتقل صدور الجرائد والمجلات الى مدن الشرق الأوسط مثل: دمشق – بيروت – طهران – بغداد – ييريفان عاصمة جمهورية أرمينيا وبعض المدن الكوردية مثل : السليمانية – أربيل – كركوك
وفي كوردستان تركيا كانت تصدر جريدة " آكري " الناطقة باسم ثورة آرارات عام 1930م ، وفي التسعينات من القرن الماضي، بدأت جريدة الوطن باللغة الكوردية بالصدور في اسطنبول ، ومن ثم صدرت العديد من المجلات والصحف ، ولا زالت مستمرة بالرغم من الظروف الصعبة.
اما كوردستان ايران كانت تصدر فيها خمس صحف ومجلات في عهد جمهورية مهاباد الكوردية عام 1946م.
وفي فترة الستينات حتى اوائل السبعينات من القرن الماضي صدرت في سوريا عدة مجلات دورية، وكذلك في لبنان، وبهجرة النخب الصحفية الى اوربا صدرت عن طريقهم العديد من الصحف والمجلات وما تزال مستمرة .
في حين صدر في العراق أول مجلة كوردية 1913م، وإلى يومنا هذا مستمرة في صدارة اعداد المجلات والجرائد وخاصة في الفترة الأخيرة بعد انتفاضة آذار المجيدة عام 1991م حيث يصدر فيها أكثر من مائتي صحيفة ومجلة كوردية ، ناهيك عن الاذاعات والتلفزيونات المحلية والفضائية ، وربما يصح القول انها اجتازت الارقام القياسية مقارنة مع عدد السكان في الاقليم وعلى صعيد اربعة محافظات .
وننشر هنا آراء الصحفيين الكورد حسب ما ورد الينا
حول واقع الصحافة الكوردية في كوردستان الغربية ( سوريا) كتب الينا الصّحفي والأديبُ الكوردي السّوري محمود عبدو عبدو حول "الصّحافة الكرديّة في سورية لا زالت تتلّمس خطواتها الأولى”
يكتسبُ الحديث عن الصّحافة الكورديّة وتناولُ الإعلام الكوردي برمته صبغةً خاصة وإشكالية في آن، لأمورٍ عدّة أهمُّها فيما يصدره الكورد في سورية يكادُ يكون وسيلتهم النضاليّة الوحيدة، ومُتنفسهم المحليّ والرّسمي والوطنيّ والقوميّ الوحيد، في ظلِّ غيابِ مُتنفّسٍ حكوميٍّ للكورد في الإعلام الرّسميّ السّوري، ناهيكَ عمّا يُمثّلهُ هذا الإعلام كونهُ حامل قضية أمة ودرعها الواقي، فالأفكار والكتابات تبقى –أبداً-مضادةً للرصاص، ويكتسبُ صبغتهُ الخاصة وأهميته القصوى أيضاً لكونه السّلطة الوحيدة التي يمتلكونها وليست السّلطة الرابعة كما عُرف عنها، لغياب السّلطات الثّلاث الأولى "التشريعية والقضائية والتنفيذية" ولهذا الاعتبار تأتي حتمية تفعيله ليقوم بأدواره مجتمعة، مُؤديّاً وظيفتهُ المهنيّة من جانب والقوميّة من جهةٍ أخرى.
ويأتي الاحتفال السّنوي بإصدار أول صحيفة كردية في 22 نيسان كاحتفال جمعي لكل الفنون الإبداعيّة والكتابيّة الكرديّة، فهو عيدُ الكتاب والشّعراء واللغويين والسّاسة والصّحفيين، فالصحيفة نشرت الكتابة الكورديّة، وسوّقت القصيدة والإبداع، وعرّفت باللغة الكورديّة، وشكّلت الرؤية السّياسيّة الوطنيّة والقوميّة الكوردية، وتجميعاً للتراث والفلكلور الكورديين.
وللتخلص من الرتابة المناسباتية للحدث، كـ يومٍ للخطب الجوفاء وتمجيد الماضي، نرغبُ في أن تكون المناسبة دفعاً جديداً للصحافة وتخلصاً من عوائقٍ ومصاعبٍ جمّة تحيطُ بها أصلاً، من خلال استحضارها حوارياً، والتي تمنعُ صحفييها من تقديم الأفضل، فلا يمكننا الحديث عن صحافة يومية بعد، لعدم وجودها أصلاً، فما هو موجود أقربه "نصف شهرية" أو شهرية وحتى فصلية ومناسباتية/موسمية لدى البعض، وكأن المنشور مَحضُ ترف لبعض سياسيينا وطقساً حزبيا لا أكثر.
المُنتج الكوردي تحت مسمى الصّحافة لا يرتقي إلى المُسمى والدلالة، رغم تقديرنا للمجهود "الشّخصي" للبعض، لكن العمل الإعلامي الكوردي لم يأخذ في سورية الطّابع المُؤسساتي والتّخصص بعد، فلا تجد مفهوم "المحرر" ولا الصّحفي المُختص بالشؤون "الفلانية" ولا تجد هيئة تحرير متكاملة، يمتد كلامنا إلى الإعلام الكورديّ الالكترونيّ في سورية أيضاً، رغم قيمة وأهمية ما قدّمه لم يرتق أيُّ موقعٍ كورديّ سوريّ ليكون محط ثقة وكالات الأنباء أو المحطات، تستقي منها الأخبار الخاصة بالكورد السّوريين ومعاناتهم، وربما يمكننا التأكيد والجزم بأن مواقع الانترنيت شكلّت للكورد مُتنفساً وهرباً من "الحزبويّة" الضّيقة في المنشورات الكورديّة السّوريّة والاصطفافيّة ومصدراً –محليّاً- للأخبار والمكان الوحيد الذي يُسمع فيه الرأي والصوت الآخر.
وكي لا ننصاع لمقولة محمد الماغوط "الحزن يسكننا كأي مستأجر" ومقولات النقد والتباكي راضخين لواقع لا نراه يعكس آمالنا، فليس للكوردي إلا العمل، لذا نحنُ مُتفائلون بجيلٍ شاب "إعلامي" يعرف اللعبة الإعلاميّة ويُحسن استعمال أدواتها، مُستندين لتجارب كورديّة سوريّة-شخصيّة طبعا- جديرة وبمواقع كورديّة بدأت تُحسّن لغتها وصورتها وتبحث عن بدائل يومية للارتقاء برسالتها ومهنيتها بموضوعية وتخصص.
وتبقى الصّحافة صانعة الرأي ونبض الشّعوب وخاصة للشعوب التي لا زالت تئن من الإقصاء والتهميش كالشّعب الكوردي.
وكان للصحفي الكوردي من مدينة دياربكر ( رزو خرزي ) وقفه على وضع الصحافة والصحفيين الكورد ومعاناتهم في ظل قمع الحريات وابداء الرأي في تركيا .
الصحافة الكوردية ومعاناتها في تركيا ( دياربكر – ترجمة عن الكوردية التآخي )
ساحاول بايجاز تلخيص الاوضاع الصحفية الكوردية ومدى معاناة الصحفيين الكورد في شمال كوردستان وتركيا ، تحت ضغط وتنكيل السلطات التركية ومحاولة قمعها واسكات صوتها ، لاجل ان تنفرد باعلامها وتنشر ما يهوى لها من اخبار وتقارير بعيدة عن الحقيقة، وان تشوه حقيقة الاوضاع المعاشة في شمال كوردستان ، ولان الصحافة الكوردية تلعب دوراً ايجابياً في كشف الاعيب ومؤامرات السلطات التركية المدنية والعسكرية، بحق الشعب الكوردي وتعمل الحكومة قدر المستطاع لاجل اسكات صوتها وايقافها.
بما انني صحفي اعمل في جريدة " حرية الوطن" وهي جريدة يومية سياسية ثقافية اجتماعية جامعة، ساحاول شرح اوضاعها واخذها نموذجاً للشرح.
جريدة " حرية الوطن"
هي استمرار لصدور جريدة " الوطن" التي كانت تصدر في اسطنبول كل اسبوع في عام 1992، ولكن اغلقت بعد فترة قصيرة لاسباب سياسية، وبعدها تم اصدار جريدة " وطننا " ولكنها ايضاً ولنفس الاسباب اغلقت، وفي عام 1994 صدرت جريدة" حرية الوطن" بشكل اسبوعي ونقل مركزها الى دياربكر ، ومنذ عام 2006 اصبحت الجريدة يومية ، ومستمرة بالصدور لغاية اليوم رغم كل الصعوبات والضغوطات التي تمارسها السلطات التركية.
" حرية الوطن" هي الجريدة الوحيدة واليومية التي تصدر باللغة الكوردية في تركيا وشمال كوردستان وتصدر في ظروف صعبة للغاية ، ولاجل ان تستمر الجريدة بالصدور ، يتطلب تغيير صاحب امتيازها كل عدة شهور ، لتفادي الحكم عليه عشرات السنين ، بعد ان اصدرت بحقها العديد من الدعاوي من المحكمة بحجة دعم حركة التحرر الكوردية.
اغلقت جريدة حرية الوطن مرتين خلال عام واحد ، وحوكم الصحفيين والعاملين فيها بما مجمله 347 عام و 3 شهور بالسجن ، حتى وصل الامر بقتل بعض عامليها واعتقال رئيس تحريرها محمد امين يلدرم وورئيس تحريرها السابق طيب تمل.
وصلت مستوى الضغوطات على الجريدة الى اعلى مستوى لها في عام 2010 ، حيث اغلقت الجريدة باحكام قضائية جائرة وتم تهديد منتسبيها واعضائها وكوادرها الاعلامية بالقتل ، اذا لم يتخلوا عن الجريدة ويتابعوا اصدراها ، حيث تم تهديد موزعيها من قبل الشرطة والاستخبارات التركية ، وطالبهم بالكف عن توزيعها او سيلاقون مصيراً مجهولاً، وقتل متين آلتاش في مدينة اضنة في ظروف غامضة حين كان يهم بتوزيع الجريدة .
هذا غيض عن فيض مما يلاقيه الصحفيين الكورد في تركيا، حيث الضغوطات تطال جميع المؤسسات المحسوبة على الكورد، ومنها وكالة انباء دجلةDÎHA و تلفزيونGUN المحلي في دياربكر ، وجريدةGUNLUK الصادرة باللغة التركية ايضاً ، ويطال الضغوطات حتى على الفضائيات الكوردية ، حيث يتم اعتقال عامليها وزجهم في السجون.
وكذلك كتب لنا الصحفي الكوردي السوري مصطفى عبدي، " سوريا - كوباني" :
حول سؤال وجهنا اليه حول واقع الصحافة الكوردية في ظل الثورة السورية من وجهة نظرك هل تعكس الواقع المعاش في المجتمع ام لا ؟
كتب قائلاً : سيكون للإحتفاء بعيد الصحافة الكوردية هذا العام، فعل مختلف التأثير والتأثر نظراً لما تعيشه سورية من ثورة شاملة، وما سيترافق ذلك من حيثيات من حيث فضاء الحرية المُستبق لقطف ثمار الثورة، والذي تعيشه المناطق الكوردية.
وفي قصة العودة أكتب:
تعود ولادة أول جريدة كوردية إلى العام 1898 حيث ظهرت أول جريدة كوردية سياسية ( كوردستان ) في القاهرة، وأول من حرر هذه الجريدة هو مدحت بك بدر خان ( مقداد مدحت بك بدر خان ) وقد تولى إصدارها من بعده شقيقه عبد الرحمن بدر خان ولعوامل سياسية غيرت الجريدة مراراً مركز إصدارها فطبعت في جنيف وفولكستون ولندن ثم في اسطنبول تحت أشراف ثريا بدر خان، وانتقلت أثناء الحرب العالمية الأولى إلى القاهرة حيث أصبحت نصف شهرية (صدرت الجريدة في 22 نيسان عام 1898 ودامت إلى 14 نيسان عام 1902 وبلغ مجموع أعدادها (31) عدداً، من العدد (1-5) في القاهرة وترأس تحريرها مقداد مدحت بك بدر خان، من العدد (6-19) في جنيف، من العدد (20-23) في القاهرة، العدد (24) في لندن، من العدد (25-29) في فولكستون – شمالي انكلتره، من (30-31) في جنيف، و ترئسه تحريرها عبد الرحمن بك بد رخان.
الصحافة هي مرآة تعكس ألم وهم، وآمال الشارع، والشعب، وتعتبر من إحدى أهم العوامل المؤثرة في الرأي العام، وهي كما تؤثر في حياة الشعوب وحركاتها، تتأثر أيضا بواقعها السياسي والتاريخي والحضاري، فالشعوب المتقدمة حضارياً، تتميز بصحافة مزدهرة وعريقة؛ إذ أن تاريخ الصحافة وتطورها يرتبط ارتباطا وثيقا بتاريخ الشعوب.
وتاريخ الصحافة الكوردية ومسيرتها عبر ما يزيد على قرن واحد، مرتبط بحركة التحرر الوطني الكوردية، وتكاد تكون هذه الحركة هي البوصلة التي تحدد نمو او انحسار الصحافة عبر مد الحركة وتصاعدها أو جزرها وانكساراتها.
مقياس حضارة ورقي أي دولة هو مقدار تحرر، وقيمة صحفها، وذات القول ردده أحدهم:
لا أعرف بلداً، إلا حينما أقرأ صحافته، وإن ذهبنا إلى تطبيق ما سبق على واقع صحفنا، ستجده اقل قدرة على التعبير والوصول لحقيقة واقعنا ك كرد، من زمان ما قبل الثورة السورية( 15 آذار 2012) وفي الاثناء.
ولذلك اسباب عدة اذكر منها:
عدم قدرتنا على تجاوز حالة الحزبية، وسيطرة الولاءات، مع احتكار الصوت الكوردي الاعلامي الظاهر ومحاولة قوقعته في اطار موجه.
إن ذهبنا نجزء الإعلام الصحفي إلى مراجعه، نجد أن الصحافة تتوزع إلى:
مرئي، مسموع، مكتوب.
وإن سردنا الواقع الإعلامي الكوردي عامة، مجتزئين منه الجانب الصحفي، المتلعق بـ:
1- المرئي، سنجد عددا لا بأس منه من القنوات التلفزيونية العاملة، وسنجد تزايدها التراكمي، وفي تقييمها سنلخص أن منها ما هو تابع للحزب، ويتماشى متماهياً وسياستها بمعزل عن الشارع أو الشعب، تنقل وجهة نظر واحدة، وما يحدث يكون تحليله من ذات وجهة النظر، وبطواقم هيئية غير مدربة، أو متخصصة، ذات المعيار نجده مترسخاً في القنوات التي تصنف تحت بند( مستقلة ) فسرعان ما يتضح أن لها أجندات مرتبطة بهذا أو ذاك التيار، وما أقل القنوات المستقلة، حتى إن كانت كذلك.
إذاً الإعلام الكوردي المرئي غير ناجح تقييميا، تقنيا، أكاديميا، أو في حالة التعبير عن نبض الشارع.
2- المسموع، هو جانب له وقعه في الذاكرة ليس أكثر، وقد يكون له تواجد في الساحات المحلية، ولكن في سورية تتوافر عدد من الاذاعات العاملة، لكن تعاني ايضاً من مشاكل تقنية، من ناحية ضعف البث، وعدم دقة التوقيت ومناسبته، وأيضاً يمكن تصنيفها تحت ذات البند السابق بأنها موجات موجهة، بارتباط حزبي معين.
3- المكتوب، وهو يوزع بين الصحافة الالكترونية، والمطبوعات الورقية( جرائد، مجلات)
الجرائد الموزعة اغلبها حزبية بحتة، بلغة أقل من المطلوب، بأفكار عفى الزمن عليها وشرب برميل ماء، لا تعرف منها الترفيهي عن التثقيفي عن البيان الحزبي، وإن كنت مؤخرا استشف ظهور بوادر حرية صحفية من خلال عدد من الجرائد المستقلة التي ظهرت مؤخراً في كوباني:
جريدة فرات(اسبوعية سياسية)، جريدة سبا(شهرية، ثقافية) وكلتاهما قد تتمكنان من التعبير عن نبض الشارع، إن ألتزمتا معاييره.
وفي الصحافة الالكترونية كثير من الغبن، من ناحية أن أغلب المواقع العاملة، لا تتمتع في هيئاتها لجان تحرير مهتمتها متابعة، وتدقيق ومراجعة المقالات ام الاخبار قبل نشرها، واللغة الدارجة هي نشر كل ما يصل البريد الالكتروني، لا استطيع تقديم اي استثناء مطلقا، فجميع المواقع الكردية العاملة تتبع ذات النهج، هذا عدا عن عدم توافر مراسلين في المناطق الكردية المختلفة فيعتمد نشر الخبر على من يرسله.
ففي كوباني مثلا أقرأ بشكل دوري عددا من التقارير في ذات الموقع عن حدث واحد باختلاف كبير، ويتكر النشر في ما عداه من المواقع.
أضف أن أغلب كتاب المواقع، وهم في تكاثر مستطرد غير مؤهلين ك كاتب، أو كصحافي، فتجد اغلب المقالات تأتيك مجردة من مراجعها أو الحقائق أو الاسس العلمية والمنهجية، ودونما تراكب فكري، أو ثقافي مؤهل.
وفي ذات الاتجاه، تستطيع قراءة تأثيرات حزبية، من ناحية التأثير في أغلبها، لتصبح مع الوقت بوقا آخر، يضافْ.
وفي ذلك نستطيع تصنيف مواقعنا الالكترونية العاملة وفق ارتباطاتها، بحيث تنشر الخبر والبيان الحزبي المؤيد، وتتجاهل ما عداه...ولن أذكر لا أسماء المواقع أو منشوراتها!
اختصر:
فشلت الصحافة الكوردية عن التأقلم والثورات المتكررة، ومنها الثورة السورية، بحيث أنها ظلت تعمل بذات الاتجاه الذي كانته قبل الثورات، ولم تستطع استغلال الظرف من ناحية اعتماد مبدأ أكاديمي، وتعلمي مميز، من ناحية نقل الخبر، وبثه، أو كتابته، ومن ناحية ضعف الطاقم والكوارد، وأقول ختاما، وبعد الشكر لموقع سما كورد، ممثلا بالعزيز هوزان أمين:
صفحات مواقع التواصل الاجتماعي فرضت نفسها كوسيلة بديلة، لأنها حرة، لأنها صادقة!!!
وفي ذلك دروس وعبرة.
وكذلك كان للشاعر والناقد الكورديلقمان محمود. الذي يعمل محرراً في مجلة "سردم العربي"، ومديراً لمكتب مجلة "إشراقات كردية" الصادرة في القاهرة، مشاركة في هذا الملف الذي كتب لنا مقالة تحت عنوان
"يوم الصحافة الكوردية وتجديد الآمال"
لا تزال الصورة المثالية للصحافة، رغم اختلاف الأزمنة وتبدل العصور، هي التي تعبّر عن وعي وعمق ثقافة الأمم. ومازالت نظرة الكرد ، لجريدتهم الأولى ، تعكس انطباعها الملموس، بمعناها الريادي الحقيقي. وما زال العالم الكردي يحتفي في الثاني والعشرين من شهر إبريل/ نيسان في كل عام، بيوم الصحافة الكردية، ليكون هذا اليوم مناسبة حقيقية للاحتفال بالذكرى السنوية لجريدة "كردستان".
حيث تحتفل الأمة الكوردية، بعيد الصحافة الكوردية في كل عام، بمناسبة صدور أول صحيفة كوردية، حملت اسماً مخيفاً لكل الدول التي استعمرتها. إن اسم "كوردستان"، دليل على وجود أمة توزعت قسراً على دول الجوار. هذا ما يؤكده الظرف التاريخي والسياسي الذي ولدت فيه الجريدة - جريدة "كوردستان"، الذي أعقب سقوط الإمارات الكوردية؛ وانهيار الانتفاضات والحركات التحررية لكل من (البدرخانيين) و(الشيخ عبيدالله النهري)، وكذلك ازدياد الضغط العثماني، على القوميات غير التركية، داخل الإمبراطورية، وتنامي الشعور القومي لدى هذه القوميات، كل هذه وغيرها من الأسباب، أعطت جريدة "كردستان" أهمية خاصة، حيث يبدو أن القائمين على إصدار الصحيفة، قد أدركوا أهمية الصحافة والكلمة كسلاح جديد للنضال، بعدما تم إسكات نضالهم المسلح بالقوة.
إن صدور "كوردستان" كأول جريدة كوردية في التاريخ، يعتبر نقطة تحول مهمة، ليس في تاريخ الصحافة الكوردية وحسب، بل وفي مسيرة النضال التحرري للأمة الكوردية.
فقد عرفت هذه الأمة - وبشكل مبكر- أهمية الصحافة، كرد فعل لاثبات الهوية القومية، و رغم ذلك لم ننجح نحن الكورد، حتى اليوم، في إكمال رسالة الأب الفعلي للصحافة الكوردية- رسالة المعلم الأول (مقداد مدحت بدرخان)، الذي أصدر في ظروف حالكة أول نسخة من جريدة " كوردستان " في مصر بتاريخ 22 نيسان 1898 م.
فنحن كأمة مضطهدة، ما زلنا بحاجة إلى صحافة حقيقية، تدافع عن حقنا أمام الأمم الغالبة.. صحافة تتبصر مستقبل هذه الأمة المقهورة، التي ما زالت تطالب بحقها المشروع في الحرية و تقرير المصير..صحافة تتأثر بواقعها السياسي والتاريخي والحضاري. خاصة إذا ما عرفنا أن الأمة الكوردية، هي الأمة الوحيدة بين أمم الشرق الأوسط، التي يفرض عليها ظلم الإحتلال والإلحاق، رغم تحرر معظم أمم العالم. فهي حتى الآن لا تزال بدون كيان سياسي، مع العلم أن لهذه الأمة وطناً خاصاً، متميزاً جغرافياً عن أوطان الأمم الأخرى التي تجاورها. ومن يعرف تاريخ اصدار العدد الاول، من جريدة "كوردستان"، سيعرف أن هناك وطناً يعرف بهذا الاسم، خضع في القرن التاسع عشر للدولتين الصفوية والعثمانية.
فبعد الحرب العالمية الأولى، تحولت كوردستان إلى مستعمرة مقسمة لأربعة اقسام، يتبع كل قسم منها: أيران، تركيا، العراق، وسوريا. ومنذ ذلك التاريخ، والحكومات المركزية أعلاه، تحاول بشتى السبل تحويل الكورد الى أقلية صغيرة.
لقد كانت جريدة "كوردستان" القبس الأول في تنوير الذهن الكردي، و البداية الحقيقية لنشر الفكر القومي للكورد، وهي بذلك تستحق أن تكون البوصلة الحقيقية للصحافة الكوردية الواعية، و الصادقة، لخدمة إظهار الحق الكوردي على أرضه التاريخية.
وهنا، أحب أن اشير إلى أن مقداد مدحت بدرخان (قبل 114 عاماً) كان قد أشار إلى الهدف من إصدار جريدة "كوردستان "، بما يلي:
أولا، ايصال صوت الشعب الكوردي، والكلمة الكوردية، إلى كل أرجاء كوردستان، والمنطقة، وتنوير عقول الكورد منها، وتوسيع مدارك أفكارهم.
ثانيا، اثبات وجود الشعب الكوردي، وشرعية قضيته للعالم، وبأن للكورد جريدة، ولغة، حالهم، حال شعوب المنطقة.
واخيراً كتب الينا الصحفي و الناشط الإعلامي من "هولندا" الكوردي المغترب حسو هورمي عن واقع الصحافة الكوردية في الهجر باختصار قائلاً :
عواصمُ ومدن غربية كثيرة احتضنت الحلم والألم والشّتاتَ الكوردي ومنها اي من المنفى ولدت الصحافة الكوردية وكما هو معروف للجميع ،فان بدايات الصحافة الكوردية بدأت من المهجر او بالاحرى من المنفى حيث قام الامير مقداد مدحت بدرخان بتحرير صحيفة كوردستان وهي الصحيفة الكوردية الأولى التي صدرت في القاهرة عام 1898 ولازل للكورد صحافتهم اللاجئة في (اوربا ،امريكا وفي الشتات )
وهي صحافة مهنيّة بإمتياز ولكنها تصدر خارج حدودها الجغرافيّة الطبيعيّة ،لذا تبدو فريدة في نوعها من حيث شموليتها وتمتلك توجهاً قوميا تخاطب الكورد بغض النظر عن انتمائهم السياسي والفكري وهذا ما يميزها عن الصحف الإقليميّة التي تصدر في كل جزء من كوردستان على حدة ولها نوعية وجودة عالية في مسألة الطباعة والاخراج الفني .
كما بدأت القنوات الفضائية الكوردية تلقي بتأثيرها على أبناء الجالية الكوردية ، فإن صحيفة مركزية عالية المهنية لا بد أن تستحوذ على جزء هام من اهتمام الجالية وان كانت ستقل بسبب الصحافة الالكتروية المنتشرة بكثرة
الصحف الكوردية المهاجرة في اوروبا تحتاج الى الدعم الحكومي الكوردستاني أوالمؤسساتي حيث لا توجد جريدة او مجلة تستطيع أن تعتمد على دخل الإعلانات التجارية فقط كي تستمر بالصدور مع غياب المستثمرين الكورد الذين يؤمنون بالدور الرئيسي للصحافة والذين لديهم استعداد حقيقي لمنح الأموال اللازمة لإصدار جريدة يومية محترمة ومهنية وتكون قناة تواصل بين الوطن الأم والمهجر الأوربي ,لذا اعتقد بانه لا يمكن للصحافة الكوردية في اوربا ان تزدهر ,فهناك الكثير من الصحف والمجلات الكوردية تصدر وتنشر بلغات متعددة واغلبها تموت وتتوقف عن النشر بسب ضعف التمويل المادي
اما عن تأثير الصحافة الكوردية المهاجرة على الانسان الاوربي فهي قليلة ان لم نقل معدومة وانا اعتبر المتلقي الكوردي المقيم في اوربا هو الهدف الاكبر لهذه الصحافة
---------------------
جريدة التآخي -العدد والتاريخ: 6307 ، 2012-04-22