
أصدرت الشاعرة شيرين دريعي كتابا شعريا باللغة العربية بعنوان "كنتُ قصيدةً تائهة". الكتاب صدر في شهر حزيران 2025 و يتألف من 143 صفحة ويضم بين دفتيه حوالي 50 قصيدة بالإضافة إلى مقدمة واستهلال تحت عنوان (في غيابك، كنت قصيدة بلا صوت).
قامت الشاعرة شيرين دريعي بكتابة المقدمة بنفسها وتقول فيها: "كنتُ قصيدةً تائهةً في متاهات اللغة، روحاً تحاول أن تهرب من سجن الكلمات، وحرفاً يبحث عن موطنه وسط الخرائب التي خلفتها الغربة في قلبي. لم أكن قصيدةً مكتملة، بل كنتُ تائهةً بين حروفٍ متشظية، تضيق أفقها كما تضيق صدورنا في ليالي الغربة الطويلة".
وفي مقطع آخر من مقدمتها تلقي دريعي الضوء على مضمون ديوانها وهدفها من كتابته: "في هذا الديوان، أُعلن عن ثورةٍ صامتة، ثورة الكلمة ضد غياب المعنى، وضد اختفاء الذات في مرايا الزمن التي تعكس صوراً مشوهةً، باهتةً، ومغربةً عن أصلها. قصيدتي هنا ليست مجرد أبيات تُقرأ، بل هي انعكاسٌ لرحلة الروح التي تاهت في صحراء الغربة، وحطّت على شواطئ الوحدة الباردة، حيث تتشابك الصرخات مع الصمت في رقصاتٍ بلا نهاية. الغربة ليست فقط جغرافية، بل هي ذلك الانفصال الذي يولد بين النفس ونفسها، بين الذاكرة وحاضرها، بين الحلم والواقع. هنا، حيث تتحول الكلمات إلى نوافذ تطل على عوالم من العدم والاشتياق، تنبعث القصيدة كطيفٍ من جسدٍ ممزق، تنسج من خيوط الألم والحنين نسيجاً يحمل عبء الوحدة، عبء السؤال الذي لا يجد جواباً".
نستشف من المقدمة مضمون الكتاب الذي يتناول ثيمات الغربة والإغتراب وما يسببان من ضياع الذات والإنطواء والركون إلى زوايا الإشتياق والحنين. حيث تبحث الشاعرة عن ذاتها بين ثنايا الكلمات وسطور القصائد محاولة إنتشال نفسها من النسيان والضياع وتعلن رفضها لليأس والموت: "هذا الديوان هو مرآة، هو صرخةٌ دفينة بين طيات الصمت، هو لقاءٌ بين الماضي والحاضر، بين الحزن والأمل، بين الألم الذي يفجر الكلمة، والحنين الذي يمنحها الروح. هو احتفال بالكلمة التي رفضت أن تموت في العزلة، التي رفضت أن تكون صدىً فارغاً، بل صارت صوتاً ينبض بالحياة رغم كل ما يحيط بها من خراب".
إمتنان للأم
تهدي الشاعرة مجموعتها الشعرية إلى أمها وتقول: "أهدي ديواني هذا، لا إلى القارئ وحده، بل إلى أول امرأةٍ علمتني كيف يمكن للكلمات أن تكون حضناً، وللدموع أن تتحول إلى بوح، وللحب أن يكون صامتاً لكنه أبلغ من كل القصائد. هذا الديوان، يا أمي، هو امتنان متأخر لكل لحظةٍ غسلتِ فيها حزني بصمتكِ، لكل صباحٍ كنتِ تستودعين قلبي في رحمة الله دون أن تقولي الكثير".
شيرين دريعي، أديبة وشاعرة من مدينة كوباني في غرب كردستان (سوريا). في قصائدها، تتقاطع وجوه الأطفال مع صرخات الركام، ويتحوّل الألم إلى جمالٍ باكٍ. شيرين تمثل صوت المرأة التي لم تهزم رغم النزوح، ولم تضعف رغم الغياب. هي شاعرة تحمل في نصوصها صدق الألم، ورهافة الشعور، وقوة من تجرعت الغربة ولم تفقد ملامحها.
من قصيدة "كنت قصيدةً تائهة"
كنتُ قصيدةً تائهة
كنتُ قصيدةً تائهةً في زحمة الحروف،
حيث الكلمات تهرب مني،
تتبدد في زوايا الزمن،
وأنا أحاول أن أجمع شتات نفسي بين سطور لم تكتمل بعد.
كنتُ قصيدةً هائمةً في ليالي الشتاء،
أرتدي بردَ الغربة،
وأدفئ نفسي بأشواقٍ مبعثرة،
تتسلل إلى خيالي كأنغامٍ بعيدة،
تغني للحُزن أغنيةً لا تنتهي.
كنتُ قصيدةً تائهةً،
لكنني أظل أكتب،
رغم الألم،
رغم الغربة،
رغم كل ما فيّ من ضياع،
لأنني في الكتابة،
أجد نفسي…
وأعود لأكون.
---------------
روداو