Share |

الشاعر الكوردي ياسين حسين ( أحب القراءة والكتابة بكل لغات العالم، لكني لا أجيد التعبير إلا بلغتي الكوردية)…حاوره: هوزان أمين

الشاعر ياسين حسين و آخر ديوان صدر له
الشاعر ياسين حسين و آخر ديوان صدر له

ياسين حسين، شاعر وصحفي كورديمن روزآفا كوردستان.يتقن فن هندسة الكلمة ووضعها في المكان المناسب، تخرج كلماته من اعماق قلبه ووجدانه، ويكتب قصائد معبرة عن الحب والانسانية والوطن، يخاطب الروح ويناجي عذاباته بإحساس شاعري جميل.

 يتأمل حياته وآلامه ومدينته التي طالما يحن اليها ويعود اليها بعد فراق، ليتجول في ازقتها ويسلم على ناسها وأهلها. يلملم عذاباته وذكرياته المتراكمة بين وحلها المجبول بالذاكرة شتاءً وغبارها المتناثر صيفاً.

في مدينة عامودا حيث ولد سنة1970 تربى وترعرع ودرس فيها، جالس كتابها وشعرائها الكثر وخلق فيها شخصيته الشعرية والفنية، بدأ الكتابة سنة 1990، كان ملماً بالشعر والادب والموسيقى والغناء، وشارك مع الفرق الفنية في الاحتفالات الوطنية، يكتب باللغة الكوردية وصدرت أربعة دوواين شعرية بالاضافة الى ان له باع في العمل الصحفي.

 كتب ونشرالعشرات من المقالات الادبية في الصحف والمجلات الكوردية في سوريا وخارجها وله مشاركات ثقافية كثيرة في المهرجانات والامسيات، يعمل حالياً رئيساً للقسم الكوردي - (اللاتيني) في معهد التراث الكوردي في مدينة السليمانية.لمعرفته ومعرفة المزيد عنه طرحنا عليه بعض الاسئلة فتجاوب معنا مشكوراً.

-          في البداية حبذا لو تعرفنا بنفسك أكثر؟

نعم، ولدت في عامودا ضمن بيئة فقيرة ومعدومة، كأقراني جميعهم، بداية السبعينات، بدايات الألم الكوردي وبدايات الوعي الكوردي أيضاُ،

كانت الثورة الكوردية في جنوبي كوردستان في أوجها، حيث نقاشات الكورد وقيامهم وقعودهم عن الثورة. كنا أطفالا، لم نكن نعلم ماهي الثورة. جذبتني صورتين، احداها لا زلت أحتفظ بها، صورة الشهيدة ليلى قاسم. والأخرى صورة الملا مصطفى البارزاني أخذها مني صديق.

درست في مدارس المدينة، كانت البدايات في مدرسة الكنيسة. المدرسة كانت اسطبلاً للاحصنة سابقاً وحولوها الى مدرسة ابتدائية. في الشتاء كانوا يطردوننا من المدرسة خوفاً ان ينزل البناء الطيني في رؤوسنا. هناك وبعد ستة سنوات علمت ان هناك شيء آخر يجب ان أتعلمه، وتعرفت عليه اللغة العربية، التي كانت آنستنا الساحلية تعلمنا اياها والعصا في يديها.

لم أكن أفهم منها ولا كلمة، وأغلب التلاميذ مثلي، فقط كنت انظر الى شفاهها الحمراء بدقة، علني افهم كلمة ما، لكن دون جدوى.

لم أكن أذهب الى الجزء الغربي من المدينة، لان السينما هناك، سينما عامودا وأطفالها الذين أحترقوا بنارها، الى الان اتجنب الذهاب الى هناك. احس باني أشم رائحة شواء اجساء أبناء بلدتي هناك.

وهكذا، تعلمت العربية مرغماً، وتمسكت بمدينتي، احبها الى الان، لا أستطيع الابتعاد عنها، أهاجر الى بلدان قريبة عليها، كي أستطيع العودة متى شئت.

-          ما الذي دفعك الى الكتابة باللغة الكوردية،في حين سلك مثقفون آخرون من جيلك دروب الكتابة بالغة العربية؟

الى الان، كلما سُألت هذا السؤال، أتذكر والدتي ولغتها الكوردية النظيفة، أحيانا وللضرورة كنت أكتب بالعربية. كنت أحس حينها أني اخون والدتي.

أمي هي لغتي ولغتي هي أمي، ولا أستطيع أن أخون والدتي التي علمتني هذه اللغة، أحب القراءة والكتابة بكل لغات العالم  لكني لا أجيد التعبير الا بلغتي الكوردية.

-          وهل تعتبر الكتاب الكورد الذين يكتبون بلغات آخرى، أدباً يخدم الثقافة الكوردية؟

هو يخدم الادب بشكل عام، لكن لا يخدم الثقافة الكوردية. الثقافة الكوردية يجب ان تدون بلغتها لا بلغة الغير.

البعض منهم أبدعوا باللغة العربية، وياليت لو أبدعوا بنفس الوتيرة بالكوردية، العقل الكوردي بحاجة الى الكتابات الكوردية، فلم نساهم ككتاب، بطغيان لغات أخرى على لغتنا؟

-          لديك بعض الدوواين الشعرية المطبوعة حبذا لو تعرفها لنا ؟

نعم، طبعت دواوين شعرية، كنت الشاعر والكاتب والناشر والممول والموزع لتلك الدواوين، وأول مجموعة شعرية لي طبعتها في مدينة حلب سنة 1997، على نفقتي.

كانت طباعة كتاب باللغة الكوردية حينها كجريمة يقترفها الانسان، لكن طبعتها بظروف سرية جداً، وعلى نفقتي كلفتني الكثير من المال، الذي تدينته بالطبع.

بعد الطباعة بدأت بتوزيعها على طلاب الجامعة بالدرجة الأولى، وبعدها كنت أحمل نسخاً منها في حقيبة ملابس وأوزعها بيدي في المدن الكوردية من عفرين الى ديريك.

أرتحت كثيرا بعد ان أنهيت مهمتي تلك. لا زلت كلما أطبع عملاً لي، أحس بعدها بأني بحاجة الى النوم، أو موت مؤقت أو دائم.

مجموعتي الثانية، أيضاً طبعتها في حلب سنة 2003، لكنها لم تنفذ من عين الرقيب، وصلني منها عشرة نسخ فقط من أصل خمسمائة نسخة وآخر ديوان طبعته في السليمانية، دار جمال عرفان للطباعة والنشر.

-          بالاضافة الى الشعر لك أهتمامات أخرى كالموسيقا، والترجمة والعمل بالمجال الاعلامي حدثنا عن ذلك الجانب في شخصيتك؟

بداياتي كانت مع الموسيقا، الناي، كنت أعزف على الناي منذ صغري، كنت في السادسة من العمر، اشتريت ناياً صغيراً بلاستيكياً، كان أقرب الى اللعبة منها الى الة موسيقية، لكني كنت أحوال جاهدا ان اغني عبر فتحات ذلك الناي. طبعا يجب هنا الا انسى تأثير المرحوم وعازف الناي المرحوم عبد الرحمن دريعي.

كان بيته قريباً علينا، وكنت أسمع عزفه أحيانا في المساءات، في الحوش. كنت أذهب الى مقربة من جدار بيتهم وأستمع أليه. لم اكن اتجرأ الذهاب الى داخل الحوش كنت أحس برهبة تنتابني، فقد كان معلماً ومربياً بالفعل، ساعدني في مجال الموسيقا كثيراً وشجعني على الاستمرار.

بعد ذلك تعلمت العزف على آلات موسيقية أخرى كالطمبور والعود. وشاركت مع الفرق الفنية الكوردية في أعياد النوروز، فرقة آغري( Agrî) وفرقة بيمان (Peyman) في حلب.

الترجمة كنت أقوم بها بأوقات فراغي ولازلت أترجم، من السورانية الى العربية، من العربية الى الكوردية. ترجمت مسرحيات وبعض الروايات والقصص والأبحاث، لم تجد هذه الترجمات طريقها الى الطباعة حتى الان وانا بصدد مراجعتها وأبحث عن دور نشر تهتم بالترجمة كي أطبع هذه الاعمال، فقط عمل واحد طبع في معهد التراث الكوردي بالسليمانية.

-          انت تعمل في معهد التراث الكوردي في السليمانية وتدير القسم الكوردي اللاتيني، ما هي طبيعة عملكم هناك؟

نعم، معهد التراث الكوردي، هو بيتي ووطني الآخر، في هذا المعهد التقي بالكوردي من الشمال والشرق والجنوب والغرب، التقي بالكوردي الهورامي والكاكائي والزازي.

في المعهد، أبحث واتوغل في شخصية الكوردي، المحارب، السمح، الكريم. المحب والعاشق. من خلال الاساطير والملاحم والقصص والاغاني الكوردية.

أحيانا أنسى الزمن في عملي هناك، لا أتقيد بعامل الوقت في العمل، ولا أعرفه، خاصة عندما أكون منهمكا في ملحمة كوردية أو قصائد لشعراء كورد قديمين.

نجمع التراث الكوردي ونقرأه ونصنفه ونعيد طباعته اذا اضطر الامر. بالصوت والصورة، استفدت من عملي في المعهد لسنوات، تعلمت اغلب اللهجات الكوردية، مما زاد في ذخيرتي اللغوية، والى الان لازلت مستمراً في العمل بالمعهد، بنفس الوتيرة وبنفس الروح.

-          كلمة أخيرة تحب ان تقولها في ختام هذا الحوار؟

أشكركم جزيل الشكر على هذا الحوار، وأرجو لكم الموفقية في عملكم.

 
جريدة التآخي- تاريخ النشر: الثلاثاء 30-08-2016