صدر حديثاً، الكتاب الخامس عشر للشاعر والناقد لقمان محمود، بعنوان: (الماء الأسير)، ضمن منشورات باران في السليمانية. ويقع الكتاب في (145) صفحة من القطع المتوسط. وهو استكمالٌ لمشروع لقمان محمود في مجال الشعر، حيث سبق أن صدرت له في هذا المجال:
أفراح حزينة،عام 1990.
خطوات تستنشق المسافة
عندما كانت لآدم أقدام عام 1996.
دلشاستان، عام 2001.
القمر البعيد من حريتي، عام 2012.
أتابع حريتي، عام 2013
من السراب إلى الماء، عام 2013
"وسيلة لفهم المنافي" عام 2014.
كما سبق أن صدر للقمان محمود في مجال النقد: إشراقات كردية: مقدمة للشعر في كردستان، مراتب الجمال، ترويض المصادفة، شرارة الأناشيد القومية في الغناء الكردي، تحولات النص الأدبي، البهجة السرّية، و أسطورة شيركو بيكس الشعرية بين أغنية الوطن وصوت الحرية.
تتسم نصوص (الماء الأسير) بجمالية متفردة، ولغة تدفع بالبعد الحسي إلى ملامسة الحقيقة و إختراق تفاصيلها الطافحة بالقسوة الموحشة على مدى عمر من المنفى والقهر. وكل ذلك من خلال مخيلة مشحونة برؤى تدفعها إليها ذاكرة حية تنهض على ملاحقة الماضي بكل همومها اليومية.
إنها خاصية الشاعر المسكون دائماً بالبوح الأصيل مع الذات والوطن والذكريات، كوسيلة للبحث عن معنى أوسع للحياة في ظل المنافي.
إن تجربة الشاعر في هذه القصائد وما سبقتها، هي تجربة إنسانية زاخرة بعوالم فنية رائعة، تسهم في تشكيل الذائقة الشعرية الجديدة. فالقصيدة لديه تزخر بالمعاني الإنسانية المتأتية من معاناته الشخصية و التي عبَر عنها بمستويات لغوية أدائية متعددة، فضلاً عن أفقها الإبداعي و الجمالي.
الشعر هنا يعطي أملاًفي أن الشعر ينطوي على مفهوم "الحياة" لكن بأفق "الحرية"، كوسيلة جمالية إنسانية تتوسل التعبير عن عوالم داخلية لحظة ارتطامها بالواقع والحياة.إن وعي الشاعر بالحرية مظهر من مظاهر مجابهة الأسر والتدجين.
يستند الشاعر في هذه المجموعة الجديدة على عناصر متعددة في عملية البناء الفني، وربما أقرب تعريف لها، ما قاله الشاعر الكبير شيركو بيكس:
"إن قراءة قصائد "لقمان محمود" تشبه قراءة رذاذ المطر و الوحدة و الليل المقمر. أحياناً تشبه المويجات في شفافيتها و أحياناً أخرى تنأى بعيداً على مدى إمتداد الخيال.. و هناك لحظات تشعر بأنها قريبة منك كقرب دموع عينيك".
تجدر الإشارة إلى أنّ الشاعر والناقد لقمان محمود من مواليد مدينة عامودا السورية العام 1966، يرئس تحرير مجلة سردم العربي التي تُعنى بالتواصل الكردي - العربي، كما يكتب في جريدة التآخي البغدادية بمعدل مرتين في الأسبوع، من خلال عمود ثابت بعنوان: أفق الكلمة.
من أجواء المجموعة نقرأ:
أصبحت الحياة قاتلة
بعض الشيء
لذلك حتى الفراشات
صارت لا تقترب
من النار المقتولة.
q
تولد الإنتصارات
- على الأغلب - كسيحة
لذلك
لا تعمِّر طويلاً.
q
الجوع المتوحش
داخل القمح الخائف
لن يعرف الخبز أبداً.
q
ليلة كاملة
بقيت أشلاء ابن قرنو
ملقية بجانب القنابل.
من الواضح
أنّ الأتراك سعيدون
بزراعة هذا الموت.
ومن الواضح
أن قنابلهم أيضاً سعيدة
عندما يمشي عليها
حياة الكردي.
q
في إيران
تشرق الشمس – أيضاً – كل يوم
لكن من خلال شموخ رأس كردي
فوق منصة الإعدام.
q
أتنقَّل بطفولتي بين قبور عامودا
كمن يبحث عن حياته في ظلّ قبر
أعدّ خطواتي وأمشي
أمشي بين عيون الموتى
إذ لا يقتلني هنا
سوى الصوت المبحوح تحت التراب
لا يقتلني سوى جرح أبي المفتوح في صدر الألم
نَمْ يا أبي. نَمْ
لا جديد في كردستان:
فقط أحجارٌ قديمة لبيتٍ جديد.
q
لا تنسج السياسة
غير الثياب المريضة
لذلك، لا نكاد نلبسها
حتى نهترئ.
q
"التحريم" و "التحليل"
يجتمعان الآن في نشيدٍ جنائزي
لتغييب الواقع كلّياً
لصالح "الجنة" أو "الجحيم".
q
كل جدار يحلم
بإنفتاح باب مكتوم في صدره.
كل غرفة تحلم
بإنفتاح نافذتين مكتومتين في صدرها.
أما أنا
فما زلتُ صورة فوتوغرافية
أحلم فقط
بالعيش في ألبوم العائلة.
q
يا لهذه السعادة
لا
نعثر
عليها
إلّا في ظلّ ممحاة.