Share |

الفنان الموهوب سونداي تتر:عشقي للفن..دفعني للخوض في غماره بالرغم من الظروف

هوزان أمين – دهوك- سونداي تتر ذلك الفنان المجهول الذي لا يزال يبحث عن مكان يؤيه وخشبة مسرح يقدم عليه اعماله ، وحيطان صالة يعلق عليها لوحاته .غادر مدينة عامودا ( غرب كوردستان) حين ضاق به المكان والزمان ،

 

باحثاً عن افق اوسع ليستوعب خياله ويشبع آماله ، لم يسلك دروب الغربه كما فعل  غيره من الفنانين واختاروا بلاد الغرب مؤى لهم ، لكنه قدم الى اقليم كردستان العراق لكي يمارس فنونه بكل حرية وعساه يجد ضالته  .

سونداي تتر هو ككل انسان كوردي لم يعش طفولته بأمان، وأول وجع الم  به حين تلقى حقنة  في حملة التلقيح لحماية الاطفال من مرض الشلل وهو في العرس كما يقول عندما اغتنمت الممرضات فرصة تواجد كل الاطفال بالعرس،  ولكن اصابت الحقنة الوريد مباشرة  نتيجة الاستهتار واللامبالاة من اولئك الذين يسمون ملائكة الرحمة ،  وادى ذلك الى ضعف في احدى ساقيه واصابته بالمرض الذي كانوا يريدون وقايته منه ، ضعفت عضلات رجليه ، والى الآن لا يستطيع فعل شيء ، يقول وابتسامته الخجولة تعلو وجنتيه : لتلك الحادثة الاثر الاكبر في حياتي لانها جعلتني مقعدا ، ولذلك برزت لدي مواهبي التي بها استطيع الترفع عن نفسي بعض الشيء .

 

منذ نعومة اظافره ظهرت لديه نزعة العشق للفن، وهذا الحب الجامح دفعه رغم كل الظروف الى العمل الجاد والمضني اعتمادا على ذاته الى اكتشاف المجهول في عالم هذا العالم الواسع (الفن) والخوض في غماره ، ومنذ بداياته كان محط اهتمام الناس الذين حوله عندما اقدم على صنع آلة موسيقية من الاخشاب وتعلم عليها من تلقاء نفسه ، ومن ثم عمل آله طنبور من عيدان البوظا ورغم ممانعة الاهل له كونه من عائلة شبه محافظة ، ويقول مبتسماً : في ذلك الوقت كان الناس يقولون لابي ان ابنك يعزف على الطنبور وانت قد اقسمت امامنا جميعاً بأنك لن تدعه يفعل ذلك ، حينها قال الاب لهم لقد اقسمت ان لا اشتري له ، ولكن ما دام هو من صنعها بنفسه فلا دخل لي بذلك .

 

بعد ان كبر وكبرت معه آماله وطموحاته  استطاع مع مجموعة من اولاد حارته ان يؤسسوا فرقة فنية لم تكتب لها العمر المديد بسبب رحيل الاصدقاء ، بعد خراب العش الصغير والمتنفس الوحيد والفراغ الذي شكله مغادرة رفاقه ، استعاض عنهم وابتكر على مراحل آله عزف مدمجة من طنبور وقانون و الهورمونيكا ،تلك الآلة التي يستخدمها رعاة البقر في امريكا، ادمجها جميعاً في آلة واحدة وسماها ( زارين) في اشارة الى المعاناة والأسى التي تشكل سمة سنوات عمره القليلة . بحيث يكون قادراً على عزف ثلاث آلات موسيقية في الآن ذاته .

 

اضافه الى شغفه بالموسيقا وحبه لها يمتلك سونداي تتر موهبة اخرى وهي الرسم والكاريكاتير ، فقد تعود منذ الصغر على رسم كل شيء يقع عليه عيناه ، يقول ( كنت ارسم شخصيات كرتونية كنا نتابعها في التلفزيون ) وتصقلت تلك الموهبة لديه مع مرور الايام ، فقد كان من الرواد الاوائل على  مستوى  محافظة الحسكة   في فترة الدراسة الابتدائية ، وقد اقام معارض متجولة في فترة الشباب  انطلاقاً من منزله ، ولربما تكون هذه مبادرته الاولى حينما اقام معرضاً في منزله ومن ثم تجول في العديد من مدن وقرى الجزيرة .

 لوحاته كانت ذات طابع رمزي وتحمل مدلولات ومعاني كوردية ، حيث عرض لوحة عن حريق سينما عامودا وكذلك تناول من خلال ريشته  قضية المجردين من الجنسية .

يقول في معرض حديثه عن تلك الفترة ( لقد اقمت عدة معارض في المنازل والقرى ولاقى استحسان الناظرين ونتيجة لذلك قمت بأخفائها بعد تلفيفها بالنايلون تحت ارض حوش البيت ، بعد عامين عدت ونبشت الارض فوجدتها مهترئة أكلتها الرطوبة ، حزنت كثيراً في ذلك الوقت )

اتخذ لنفسه اسلوبا خاصا في بناء اللوحة الفنية ، يستعمل تقنيات متعددة في فن الرسم من خلال استعمال المواد التي تدخل في صنع لوحاته ، بحيث تأخذ  قصاصات الصحف حيزا واسعا في صنع لوحته الفنية بأسلوب ينفرد به هذا الفنان اليافع اضافة الى مواد اخرى والوان ويدمجها جميعاً  لان الفن التشكيلي هو الذي يعيد اكتشاف الواقع ممزوجاً بالخيال عنده .     

بالإضافة الى الرسم فهو  متعدد المواهب ويرسم الكاريكاتير ويصنع منحوتات وتماثيل  وينحت على الخشب .

اقام امسيتين موسيقيتين في المركز الثقافي الفرنسي بدمشق ولاقى تصفيق واستحسان الحضور ، وكذلك اقام امسية موسيقية في المركز الثقافي الاسباني، شارك في مسابقة اقامتها مستشارية ايران مرتين ونال الجائزة بالاولى والثانية .

شارك الى جانب 25 فناناً تشكيلياً في معرض تحية الى الفنان عمر حسيب بدمشق .

 

بعد ذلكيقول ضاق بي المكان في عامودا ورمت امي بعض منحوتاتي الى بئر الماء الذي كنا نشرب منه ، بعد حملات التمشيط التي اقامتها السلطات السورية ابان انتفاضة اذار 2004. وقدمت الى اقليم كوردستان محاولاً ابراز فني ومهاراتي عساني اجد مساندة من احد اومؤسسة تؤويني .

اقام عدة معارض فردية وجماعية  في كل من زاخو ودهوك، وساهم مع الفنان عزالدين تمو في نحت تمثال للاسد يزن اكثر من 50 طن على احدى الطرق العامة، حيث عملا فيه قرابة 6 اشهر امام قيظ شمس صيف عام 2006 ويقول للاسف لم نجد حتى كلمة ثناء لجهودنا من قبل المعنيين وحتى من قبل نقابة الفنانيين والتشكيليين والنحاتيين .

 

يعيش في مخيم مقبلي للاجئين الكورد السوريين، هؤلاء الذين قدموا من غرب كوردستان ( سوريا) بعد انتفاضة 12 آذار عام 2004، ولا زال يطمح الى تقديم المزيد حيث يعمل على تدريس الرسم في احدى المدارس الابتدائية الخاصة .

المصدر جريدة التآخي -العدد والتاريخ: 6586 ، 2013-05-25