فنان وعازف كوردي هاجر الى المانيا قبل أكثرمن 15 عاماً مهموماً ومثقلاً بأعباء الوطن حاملاً بزقه وآلامه وحسرة حنينه من بلده الى ديار الغربة. برزت لديه العلامات الفنية وهو في ريعان شبابه حينما كان يرافق والده وهو صغيراً في الامسيات والحفلات وتركت تلك اثراً كبيراً على تكوينه الفني، انه الفنان زبير صالح الذي ولد عام 1965 في مدينة الدرباسية روزآفا كوردستان، اضطر وهو في عمر العشر سنوات وبسبب الظروف المعيشية للانتقال مع عائلته إلى مدينة الحسكة، حيث عمل هناك كما انه كان يشارك في الاحتفالات والاعراس الشعبية ونضجت معه موهبته الفنية رويداً رويداً.
أصدر اول كاسيت غنائي وهو في عمر الرابعة عشرة وبعد أشهر من رحيل البارزاني الخالد. وكان العمل رثاء في رحيله حيث يقول في احدى مقابلاته انه يعتز بذلك الكاسيت كونه يعتبر من باكوره اعماله وقد تأثر كثيراً بفقدان البارزاني فهو الذي ضحى بالغالي والنفيس في سبيل الكورد وكوردستان ورحيله كانت صدمة مؤلمة وخسارة كبيرة للأمة الكوردية علماً ان الكاسيت كان من كلمات الشاعر الكبير تيريج.
ولعل الصفة التي تميز زبير صالح عن الفنانين الآخرين غنائة لقصائد الشاعر الكلاسيكي ملاي جزيري فقد اشتهر بها وخاصة قصيدة " صباح الخير خانا من " قصائده صوفية موزونه تلهم العاشقين وتغذي الفن والموسيقى، لا سيما اذا البست بلحن جميل ويغنى بصوت زبير صالح. كتب كلمات العديد من اغانيه ولحنها اغلبها اغاني العشق والهيام والوطن والتراث وقد صدرت له قرابة 20 البوماً غنائياً أغلبها تحمل طابع فولكلوري ومن التراث الشعبي الكوردي وأغاني الأعراس والمناسبات بصحبة آلة البزق آلته الموسيقية المحببة على قلبه، حيث يظل يحملها على كتفة واصبحت رفيقة دربه طول اكثر من 40 عاماً متجولاً في دول العالم يغني ويطرب الاسماع ويبعث الفرح والنشوة في النفوس واخيراً شارك في مهرجان طاطا للثقافة وموسيقى الشعوب في المغرب لتسليط الضوء على فعالياته وآخر اعماله اتصلت معه جريده التآخي واجرت معه الحوار الآتي.
- حبذا لوتحدثنا عن مشاركتك في مهرجان المغرب؟
- في البداية اشكركم على اتاحتكم الفرصة لي للتعبير عن آرائي، بالنسبة للمهرجان الذي شاركنا فيه بإسم فرقة كوردستان (جمعية بركات الخير) في السويد. أقيم في اقليم طاطا في المغرب بين اخواننا من الشعب الامازيغي. كان المهرجان عن فولكلور الشعوب وشارك فيه فرق عديدة من بلدان مختلفة، وشكل فرصة للتلاحم الحضاري والثقافي والانساني. لقد كان المهرجان ناجحاً جداً حيث شاركنا بإسم الكورد ورفعنا العلم الكوردي في تلك البلاد البعيدة، وكانت لمشاركتنا خاصية مميزة حيث عرفنا الموسيقا الكوردية بجمهورهم واحبوها كثيراً، كون الموسيقى الكوردية مختلفة وذو لون مختلف عن موسيقا تلك المنطقة، فقد اهتموا بنا كثيراً واسمعناهم اغاني كوردية وتحدثنا لهم عن غناء الثقافة والتراث والفولكلور الكوردي.
- كيف ينظر شعوب العالم الى الموسيقى والغناء الكوردي حسب مشاهداتك؟
- حسب ما شاهدت تأثروا كثيراً بالموسيقى الكوردية، كما تحاورنا مع العديد من الموسيقيين الاجانب المشاركين في المهرجان وتحدثنا لهم عن الفن والموسيقى الكوردية واعجبوا بها كثيراً، ولكن هناك حقيقة يجب الاعتراف بها وهي للاسف ان الموسيقى الكوردية لم يعرف ويشتهر جيداً على مستوى العالم.
- اقمت حفلات فنية في كوردستان ودول أخرى، وشاركت مع فنانين كبار في مهرجانات، هل لك ان تحدثنا عنها؟
- نعم اصبح لي 40 عاماً في ميدان الفن والموسيقى الكوردية واقمت الحفلات في العديد من دول العالم من كوردستان الى أوربا فأفريقيا، فأنا أؤدي رسالة من خلال الفن واحب ان اوصلها الى أبناء شعبي، فأنا اخدم الموسيقى والفن الكوردي ومن خلالها خدمت عوائل الشهداء والجرحى والفقراء، بالاضافة الى انني قدمت مساعدات حسب طاقتي للمهاجرين الاكراد.
كما انني خدمت الفن والتراث الكوردي وسجلت قرابة 350 اغنية اضيفت الى ارشيف الاغنية الكوردية، فقد شاركت الى جانب فنانين كورد كبار في العديد من الحفلات، واعمل دون كلل وملل في أوربا لاجل خدمة الفنانيين الكورد وبالأخص فناني روزآفا.
- انت تغني اغاني سماعية وطربية، كما تقيم الاعراس والحفلات، هل تعتقد ان التنوع هو سبب للشهرة أكثر؟
- نعم هناك تنوع في الاغاني التي أؤديها منها السماعي ومنها اغاني الدبكات، فأنا أؤدي الاغنية العاطفية والوطنية والملاحمية والتاريخة الكوردية، أغاني تداعب حواس الناس وتحكي آلامهم ومعاناتهم. للعلم لم اعد اقيم حفلات الاعراس منذ 5 اعوام، لكنني مواظب على المشاركة في حفلات النوروز وأمسيات خاصة، لانني املك اسلوب خاص بي اغني مثل زبير صالح وليس مثل فلان، لهذا اشتهرت بين الفنانين الكورد واصبح لي اسم نتيجة إسلوبي الخاص وانتجت أغاني خاصة بي أنا ولا اغني أغاني الفنانين الآخرين.
- انت تحيي قصائد ملايي جزيري عبر لحنها وغنائها بأسلوب جديد، ما سر عشقك لقصائده؟
- منذ عام 1988 وأنا أقراً قصائد الجزيري ومنذ ذلك الوقت تعلقت بها حتى النخاع، فأنا اعتبر شدة تعلقي وحبي لقصائد ملايي جزيري أمراً في غاية الاهمية والقدسية كوني احييت قصائد كتبت قبل أكثر من ثلاثمائة وخمسون عاماً وادخلتها الى ميدان الفن الكوردي الحديث. فقد لحنت 15 قصيدة للجزيري وغنيتها بصوتي، انه عمل رائع وليس سهلاً أبداً. فمنذ عام 1996 بدأت العمل في البوم غنائي يتضمن 8 قصائد للجزيري حتى انجز عام 2014 بالتعاون مع شبكة ميديا روداو.
- حبذا لو تحدثنا عن اعمالك من البومات غنائية الى فيديو كليبات وما هنالك من نشاطات؟
- في الحقيقة ان بلادنا يمر بظروف صعبة، وهناك حوادث وظروف مأساوية تستحق الكتابة والغناء عليها، وحسب استطاعتي قدمت أغاني تذكر بتلك المواقف واللحظات المؤسفة، فقد ألفت اغنية على الطفل آلان كوردي الذي غرق في بحر ايجة، كما صورت كليب غنائي على مدينتي الحسكة حيث عبرت فيها عن اشتياقي واشواقي لها، وكذلك عن مقاومة كوباني البطولية.
بالاضافة الى انني لحنت أغنية من كلمات الشاعر الراحل آرشف اوسكان عن روزآفا وغنيتها بصحبة 8 فنانيين آخرين، وكما قلت أطلقت البوم ( Mey Ne Noşî Şêxê Senanî Xelet)من قصائد ملايي جزيري بالاضافة الى أعمال اخرى.
- نشكرك في ختام هذا الحوار، وهل من كلمة أخيرة لك؟
- في الختام اشكركم مرة أخرى واتمنى ان يسود الامن والأمان في منطقة الشرق الاوسط ويوضع حد لتلك الكوارث التي تحل بشعوبها وينتهي معاناتهم.
جريدة التآخي - العدد والتاريخ: 7247 ، 2016-11-29