Share |

"القضية الكوردية و الحلول السيئة" ...عبدالله جعفر كوفلي*

 

 الحل هو وضع نهاية لأزمة أو مشكلة ما، كانت مستعصية , و تقف حائلاً أمام سير عجلة الحياة في أي مجال منها , و مهما كانت حجم الأزمة كبيرة و مستواها لابد و أن يكون هناك أكثر من حل لها يوضع من قبل ذوي الأختصاص أو الحاجة وأغلبها من ذوي المصالح , و عليه يجب أن يكون الحل واقعياً غير مثالي , جديداً ليس بقديم يتماشى مع الظروف الراهنة .

و في سبيل أيجاد الحلول اللازمة إننا نحتاج الى أيقاظ العقول و المشاعر من سباتها،  و سيرها بالاتجاه الصحيح بعيداً عن المتاهات و الأنفاق المظلمة , حيث لاتقوم صناعة الحياة بالاعتماد على الحلول القديمة و تطبيقها على المشاكل و الأزمات الراهنة، بل تتطلب أبتكار حلول جديدة و طارئة خاصة بكل مشكلة , و عندما لايكون الحل واقعياً و جديداً ، فإنها لاتؤدي الى أنهاء الأزمة بل تفتح الباب على مصراعيها للكثير من المشاكل و التداعيات السلبية، و خاصة عندما يكون الحل خارجياً بعيداً عن رأي و إرادة المعنيين بها ، فإنها تجعل من هذه الحلول تحقيقاً لمصالحها بغض النظر عن ما ينتج عنها من آثار سيئة.

 

الشعب الكوردي الذي يشكل أكبر قومية في العالم لايزال يشكو من عدم وجود كيان سياسي له يعبر عن إرادته و تطلعاته , و على مر التاريخ كان الضحية لحلول سيئة لقضاياه وأزماته ، والأسوء منها أنه كان ضحية لحلول قضايا المنطقة برمتها , لأن هذه الحلول كانت مستوردة و معبرة عن مصالح من يضعها لا دخل لإرادة هذا الشعب فيها , فحمل معها الألام و الدماء و على أكتافه بنى غيرهم دولهم و حققوا مصالحهم , و كثيراً ما كان يقترب من تحقيق آماله لكن مصالح الدول حالت دون ذلك إضافة الى من يقف في الصف الداخلي مهلهلاً لما يحاك و مباركاً بما يجري.

 

لانذهب بعيداً بل نكتفي بالرجوع الى بدايات القرن الماضي و ما آلت اليه الحربين العالميتين من إنتصارات و إخفاقات و تغير في الخارطة السياسية في العالم بحيث قلصت سلطان البعض و أخرون مددوا و تربصوا على العرش و منهم من كان الضحية بينهما و لم ينل إلا التدمير و القتل و الاضطهاد رغم المحاولات المستمرة لهذا الشعب , فإن قضيتها تم معالجتها بحل سيئ إستناداً الى مصالح الدول العظمى و لم يكن واقعياً و حرم من بناء كيانه السياسي ، فخلف الكثير من الآثار و لايزال ، حيث تم تقسيمه بين عدة دول و عامل كل منها وفق مصالحها معهم تارةً بالترهيب و أخرى بمحو أثاره من الوجود محاولاً صهره في بوتقة قومياتهم , و لكن هيهات هيهات لهم حيث كان الثورات و الانتفاضات الشعبية العارمة سمات المراحل السابقة حتى الأن.

 

و من الأحداث و التطورات الجارية في المنطقة يمكننا التكهن بأنها تتجه نحو التغير في الخارطة السياسية فعدد من الحدود الدولية لم تعد لها وجود و سيادة عدة دول لا معنى لها إلا في أضيق الحدود ، و أصبحت ساحة للصراعات الدولية بحجج و مبررات لاتعد و لا تحصى يحمل كل منها أجنداتها وأهدافها , و من المتوقع أن تقسيم هذه المنطقة تلوح في الافق طبعاً وفق مصالح الدول العظمى , و من شعوب المنطقة من يستفاد و أخرون يتضررون منها , مع الفارق عن ما سبق ، فإن الشعب الكوردي في أقليم كوردستان العراق هو من اللاعبين إن لم يكن رئيسياً في هذه اللعبة الدولية و يلعب دوراً مهماً فيها لأسباب عديدة منها ما يتعلق بسياسته الداخلية و فهمه للواقع و الظروف الدولية و الأحداث المحيطة وامتلاك مصادر الطاقة و عدم تقاطع مصالحه مع مصالح الدول الكبرى على المستوى الخارجي، وأصبح يقاتل الأرهاب نيابةً عن المجتمع الدولي.

 

و عليه فإن الفرصة ذهبية، وأن نؤتى بكل وسعنا و نستغل الظروف , و على الدول المعنية وضع الحل الصحيح لقضية هذا الشعب لكي لا تتكرر المأسي و تتعالى الآهات و تزداد سيل الدماء مرة أخرى ،فإن الحلول السيئة و أن كانت جيدة لفترة و لصالح طرف لاتجلب معها إلا الدمار و الخراب ، و على من بيده القرار الدولي وضع الحلول الواقعية لقضية هذا الشعب بالاعتراف بكيانه السياسي وأن يعيى بأن هذا الشعب لايقف مكتوف الأيدي كما كان في السابق لأنه لايعرف الملل و الكلل و شعب دعائمه الدم و الجماجم و لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين .

 

- ماجستير قانون دولي

 

kuvileabdelah@yahoo.co.uk