عدنان بشير من مواليد 1961 ديركا حمكو/ المالكية في أقصى شمال شرق سوريا، ترعرع في كنف عائلة كادحة ملتزمة بقيم الإسلام والفكر الكردايتي، تعلم بمدارس ديرك، وحصل على الثانوية العامة عام 1980 والتحق بعدها كلية الحقوق بجامعة دمشق، وتم تعيينه معلماً وكيلاً بنفس العام، ثم معلماً أصيلا عام 1985 لغاية فصله (صرف من الخدمة) منها عام 2013 بقرار من رئيس مجلس الوزراء السوري السابق د. وائل الحلقي بسبب نضاله السياسي ونشاطاته الإعلامية وكتاباته بميدان الثقافة الكُردية.
وفي هذا الصدد قال: تعرضت للاعتقال والاستجواب والتعذيب النفسي والجسدي من قبل فروع الأمن … الأمن الدولة، الأمن العسكري، الأمن الجوي وخاصة الأمن السياسي بالقامشلي عام 1992 بتهمة المشاركة بالملصقات التي قامت بها القيادة المشتركة لثلاثة أحزاب كُردية للمطالبة بحل موضوع أجانب محافظة الحسكة (الكُرد المجردين من الجنسية السورية)، والمرة الثانية في 2005 من قبل فرع الأمن السياسي بالحسكة وثم الإحالة إلى فرع التحقيق بـ دمشق على خلفية مشاركتي كرئيس لوفد مؤسسة سما كُرد للثقافة والفنون بالمهرجان الثقافي في دهوك ـ كردستان العراق.
ناضل الكاتب والسياسي عدنان بشير في صفوف الحركة الكردية السياسية لمدة 25 عاماً بمختلف الهيئات المسؤولة والقيادية. عمل بهيئة تحرير مجلة المنبر للمجلس العام للتحالف الديمقراطي الكُردي في سوريا، jina kurd -المرأة الكردية ونشرةRoj hilat –الشروق. وهو عضو بـ اتحاد كتاب كُردستان سوريا. له ثمانية كتب بين التأليف والترجمة والإعداد باللغتين الكُردية والعربية.
حدثنا الأستاذ عدنان بشير بداية عن أهم معلومات تاريخية لمدينته ديرك/ المالكية قائلاً: تم رسم الحدود بين سوريا والدولة التركية عام 1928 من خلال المفاوضات مع بريطانيا وفرنسا وتركيا وضمت بموجبها منطقة ديرك إلى سوريا وأصبحت منطقة إدارية مركزها “عين ديوار” على ضفاف نهر دجلة.
وبموجب المرسوم 1414 الصادر في 18/7/ 1933 أصبحت قرية ديرك بلدة وتم إنشاء البلدية فيها. وفي عام 1938 حولها الفرنسيون إلى مركز منطقة ونقل إليها مقر المستشار الفرنسي من عين ديوار.
وضمن سياق عملية التعريب الممنهجة وبموجب المرسوم 346 الصادر بتاريخ 24/ 2 /1957 تم تعريب اسم مدينة ديرك وأطلق عليها أسم (المالكية) نسبة إلى العقيد عدنان المالكي.
كان أول كتابة ومقال له، بنشرةRoj الناطقة باسم اللجنة المنطقية للبارتي عام 1983 بعنوان (ديرك العطاء تعيش الإهمال) لكن التواتر والاستمرار بالكتابة كانت بعد انضمامي لهيئتي التحرير(Roj hilat -الشروق) و(Jina kurd المرأة الكردية).
يبين إن الصعوبات التي كانت تواجهه في الكتابة هي كيفية التعامل، والالتفاف على الحظر المفروض على الثقافة الكُردية: فكنت أكتب بأسماء مستعارة مثل (ب. كاميران ـ ل. شكفته سبي) أو بدون أسماء وربما كان ردي الموضوعي على طوباوية خالد بكداش الأمين العام الدائم للحزب الشيوعي السوري بعنوان (خالد بكداش والرؤية القاصرة للقضية الكُردية) بمجلة الحوار أحدث ضجة وردود متباينة بين عنيفة وهجومية وأخرى موضوعية نشرت بمجلتي المواسم والحوار لأعداد متتالية على مدار عام كامل. فكيف لشخص مثلي ينتقد وبكل جرأة على قيادي شيوعي يدعي الشهرة العالمية ؟!
مؤلفاته ومضامينها:
1-مجموعة قصصية وخواطر باللغة الكردية(çardeha reş)
2- الزواج بالمجتمع الكردي وهي دراسة اجتماعية.
3 – من بساتين الثقافة الكردية كتاب من 12 فصل تتضمن 700 سؤال وجواب حول مختلف الجوانب التاريخية والثورات والتراث والأدب
4 -كردستان الحمراء ترجمة من الكُردية للعربية، وهو دراسة عن إقامة منطقة الحكم الذاتي وعاصمتها لاجين الواقعة في منطقة “ناكورنو كاراباخ” بين أرمينيا وأذربيجان.
5 -الكُرد في الشعر العربي، وتتضمن الكثير من القصائد التي كتبها الشعراء عن الكُرد باللغة العربية منذ بدايات العصر الإسلامي حتى وقتنا الحاضر.
6 – دراسة عن جسر دجلة كمعلم أثري كردي بمقربة من جزيرة بوتان (ابن عمر) وعين ديوار
(pira bafit). –7 ـ شؤون كُردية تتضمن عشرات المقالات عن المواضيع الكُردية المختلفة. 8 -ديوان شعر باللغتين الكُردية والعربية.
يوضح لنا الهدف من تأسيس مؤسسة سما كُرد للثقافة والفنون، ودوره فيها بالقول: تأسست مؤسسة سما كُرد عام 2005 في دبي من قبل الأكاديمي ورجل الأعمال الحاج عارف رمضان وتجسدت أهدافها بنشر وخدمة الثقافة والفنون الكردية، وكنت من أحد قياداتها داخل الوطن ورئيس الوفد الزائر لمهرجان اتحاد كتاب كردستان في دهوك بكردستان العراق، وفور عودتي تم استجوابي والتحقيق معي من قبل ثلاثة فروع أمنية (الأمن العسكري والسياسي والأمن الدولة) بقامشلي والحسكة وإحالتي مكبلاً بالقيود والسلاسل الحديدية إلى فرع الفيحاء للأمن السياسي بدمشق ،ثم كف يدي عن الوظيفة لأكثر من مئة يوم. وقد تركت فيما بعد العمل بالمؤسسة بسبب الخلافات بين رئيس المؤسسة والجهة الراعية لها لتجنب الدخول بمتاهات وصراعات لا طائل منها، وقد استمرت سما كرد وطبعت عشرات العناوين من الكتب باللغتين الكردية والعربية وأيضاً رعاية الكليبات الفنية وإقامة المهرجانات الثقافية، فقد توقفت عن بعض نشاطاتها في الفترة الأخيرة، آملين أن تعود إلى سابق عهدها ونشاطها.
يؤكد الأستاذ عدنان بشير بإن الثقافة الكُردية بدأت تخرج من حالة الانكماش والانحسار بالزوايا الضيقة والانفلات من شرانقها لتزداد وتيرة العطاء والإبداع والإنتاج الأدبي وخاصة للمقيمين بالخارج في إقليم كردستان والمهجر لأسباب عدة، لتوفر حرية الفكر والتعبير والطباعة والتوزيع ومنها دراسات أكاديمية وتاريخية.
يضيف: أما أوجه الاختلاف بين كُردستان سوريا وباقي أجزاء كُردستان وخاصة إقليم كردستان ـ العراق، فهم سبقوننا بأشواط في مجال توفر مراكز الدراسات ووجود الجامعات الخاصة والعامة والمؤسسات الثقافية والإعلامية المتنوعة على اختلاف الأفكار والايديولوجيات الفكرية والحزبية والعقائدية والقومية.
أما انطباعه حول الاتحادات والروابط الأدبية، كان على النحو التالي: بتصوري أن اتحادات وروابط الكتاب أصابتها التشتت والتشظي بتأثرها وارتباطها بالخلافات الحزبية المؤسفة وهي ليست حالة صحية، آملين أن يتم تجاوز تلك الحالة المزرية لتشكيل هيكلية سليمة خالية من الصراعات التنظيمية والتوجه بكل جدية لخدمة الثقافة الكُردية. لكن لا ننكر قيام اتحادنا (اتحاد كتاب كردستان سوريا) بخطوات إيجابية كإصدار مجلة باللغتين الكُردية والعربية وطباعة عشرات الكتب من مؤلفات أعضائها رغم إمكاناتها المتواضعة، بالإضافة إلى الخدمات التي قامت بها غيرها من الاتحادات والروابط.
واختصر جوابه عن الملتقيات الثقافية بالقول: إن أي جهد ومسعى لخدمة الثقافة الكردية هو موضع احترامنا ويزداد تقديرنا لذلك الجهد بقدر فاعليته إن كان فردياً أو جماعياً منظماً، لكن تشتت وتفرق تلك الملتقيات كحال الأحزاب الكردية، تسبب هدراً للطاقات والإمكانات الموجودة.
وعن سؤال فيما يخص جوانب الاختلاف والتوافق بين الكتابة الكُردية والعربية، رد قائلاً: بتصوري قد تختلف بالمضمون وكل كاتب يعكس كالمرآة واقع ومعاناة شعبه، وواقعه ويصبوا إلى تغيير وتحولات وتحقيق أهداف معينة، وتجسد معظم الكتابات الكُردية بالسعي نحو التحرر القومي وإيجاد كيان قومي يحفظ وجودهم والتقدم الاجتماعي. أما الكاتب العربي فله اهتمامات أخرى، وكتاباته تتضمن هموم وطموحات مغايرة. لكنها تتفق من حيث بناء الأعمال الأدبية، والتقيد بضرورات أركان كل منها ومقومات نجاحها كالمسرح والقصة والشعر والمقال.
وأيضاً، سألناه عن مدى قدرة المثقف الكردي التأثير إيجاباً على الحركة الكُردية السياسية خدمة للشعب الكُردي، أجاب: لكل طبقة اجتماعية مثقفيها كذلك ينتمي قسم من المثقفين إلى أحزاب متناقضة ومتصارعة والبقية ينقسمون بين المثقفين الانتهازيين والثوريين، فهم بالتالي ليسوا طبقة واحدة لنقيمهم على ذلك الأساس، كذلك أن الأحزاب الكُردية لا تحترم غيرها المخالف ولا تعطي المجال لوساطات خارج أطرها ، كما أن بعضها لا تحترم تواقيعها ولا تلتزم باتفاقاتها إلا بما يحلو لها ، لذلك النخبة الواعية والملتزمة بقضية شعبها لا تجد فرصتها لتقوم بتلك المهمة الجليلة.
يرى بأن المهام المنتظرة من المثقف الكُردي حالياً متعددة: إن المثقفين الثوريين والملتزمين بقضية شعبهم كانوا في طليعة مناضلي شعبهم ويضعون خطط النضال ورسم مسار الثورة وقيادتها ولا (ثورة بدون نظرية ثورية) أما الآن فإن مهامهم تعددت وكل يستطيع أن يخدم قضيته حسب طاقته وإمكاناته فالرسام بريشته والكاتب بقلمه والموسيقار بعزفه والفنان بصوته والمناضل بتضحياته ولكل له دور بالنضال. وأما التراث فيمكننا عمل الكثير كأفراد ومجموعات لجمع وتدوين وتنقية الفلكلور، والوقت يضيق فكل مسن/ة يتوفى يأخذ معه جزء منه إلى القبر.
كما يمكن للمثقف الكردي إيصال رسائل شعبه إلى أنحاء العالم بسهولة: المثقف الملتزم والذي يضع مصلحة شعبه وقضيته العادلة فوق جميع المصالح سوف يجد الطريقة المثلى للتعبير عن آرائه ومواقفه وتحليلاته خاصة بعد توفير النت وانتشار مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام المختلفة، ناهيك عن التوزع البشري في بلاد المهجر حيث تجد في مخيم (كامب) واحد للاجئين أناس ينتمون إلى أكثر من عشرين لغة ولم يعد الاتصال والتواصل من الأمور الصعبة فالكون تحول إلى قرية صغيرة.
الحل النزاع السوري أصبح بيد الدول الكُبرى: إن المسألة السورية برمتها يلفها الغموض وما زال الخوف من المجهول يسيطر
على أفئدة الناس وهذا ما شكل إحدى الأسباب الرئيسة لحدوث حركة النزوح الداخلي والهجرة الخارجية، وحل النزاع السوري لم يعد ممكنناً بإرادة السوريين أنفسهم، بل خضع لموازين ومصالح الدول الكبرى ، وإن بقي حل الموضوع خاضعاً لإرادة الشعوب فلا خوف من ذلك، لكن الموضوع أصبح خارج السيطرة ولا نتمنى أن تتحول إلى صراعات ونزاعات مذهبية وقومية فوقتها سيكون الكل خاسراً، وأنا بطبعي أميل إلى النتائج الإيجابية و من الناس المتفائلين بالخير لمستقبل سوريا وسائر شعوبها.
وفي نهاية الحوار أفصح لنا الكاتب والسياسي الكُردي عدنان بشير عن طموحاته المستقبلية بالقول: نسعى للعمل على تخطي مرحلة كتابة المقالات العامة والخواطر والقصص للوصول إلى إعداد الدراسات المنهجية والأبحاث الموثقة والمؤلفات النوعية، وخاصة تسليط المزيد من الأضواء على خصوصية كردستان سوريا أرضاً وشعباً وتاريخاً فمنها ننحدر وهي غالية علينا وواجب علينا أن نخدمها أينما كنا وحيثما حللنا، وهي أكثر تعرضاً للإهمال وهدر الطاقات والعمل على توجيه الأنظار لخارج الحدود.
حوار أجراه: خالد ديريك