على أثر الهجمات الإرهابية، من قبل ما تسمى بـ الدولة الإسلامية ( داعش )، على إقليم كوردستان، في المناطق المتاخمة لسهول الموصول،
واستيلائها على قضاء شنكال، المعقل التاريخي لأبناء شعبنا من الكورد الإيزيديين، والذي يحوي على المعابد الدينية المقدسة لأتباع هذه الديانة العريقة، ومن أهمها معبد " لالش " وكذلك العديد من المزارات الدينية الأخرى، وقيامها بارتكاب مجازر وحشية مروعة بحق سكانها، وصلت إلى حد دفن أكثر من ( 500 ) شخص من الأطفال والنساء والشيوخ... في مقابر جماعية وهم أحياء، وفقاً للعديد من التقارير الصحفية والحقوقية، وكذلك جز الرقاب وقطعها في الشوارع والطرقات، ناهيك عن حالات الأسر والمعاملة القاسية لهم والبعيدة كل البعد عن قيم الإسلام التي يدعون به ومبائه السمحة وعن قيم الإنسانية عموماً، وكذلك حالات سبي النساء وبيعهن في أسواق النخاسة، واقتحام المباني والمصارف والدوائر الحكومية ونهبها وسرقتها، وتفجير المزارات الدينية، مثل: مزار " ئامادين " ومزار " لامريين " الواقعتين أسفل جبل شنكال.
وقد دفعت كل ذلك، أغلب أبناء هذه المنطقة إلى ترك بيوتهم ومغادرتها باتجاه جبال شنكال الوعرة، خوفاً من التطهير والإبادة الجماعية، التي بدأها هؤلاء الأرهابيون بحقهم، حيث أكدت التقارير إلى إن ما يقارب من ( 200 ) ألف شخص منهم نزحوا إلى مناطق مختلفة في إقليم كوردستان في دهوك وإلى مناطق ديرك وتربة سبي وقامشلو... في كوردستان سوريا، من بينهم حوالي ( 50 ) ألف شخص لا يزالوا عالقين في جبال شنكال في ظل ظروف إنسانية صعبة جداً تنذر بوقوع كارثة إنسانية كبيرة ما لم يتم تداركها بشكل عاجل وسريع، حيث إنهم يواجهون ظروف قاسية جداً جداً تحت حرارة الشمس الحارقة والمعاناة القاسية من الجوع والعطش والنوم في العراء، في ظل رحمة السماء، كما أكدت تقارير أخرى إلى إن هناك حالات وفاة لحوالي ( 50 ) طفلاً بشكل يومي، أمام أعين وبصر أولياء أمورهم بحرقة وحسرة دون أن يتمكنوا من فعل أي شيء.
لقد وصف الصحفي البريطاني " جوناثان كروهن " وهو الصحفي الغربي الوحيد الذي وصل إلى جبل شنكال، حيث المأساة الإنسانية، وصفها بالمكان الذي " ينبعث منه رائحة الموت " مؤكداً بإن الحيوانات المفترسة والكلاب في المكان يأكلون جثث الموتى، قائلاً: إن المساعدات الإنسانية التي يلقيها الطائرات للاجئين في الجبال، قليلة ولا تكفي لإنقاذ حياتهم.
من جهتها أطلقت النائبة الكوردية عن التحالف الكوردستاني في البرلمان العراقي، فيان دخيل، نداءاً عاجلاً إلى دول العالم والأمم المتحدة وكل المنظمات الإنسانية، لإنقاذ حياة النازحين الكورد العالقين في جبال شنكال خلال فترة قصيرة لا تتعدى ( 48 ) ساعة، وإلا فإن كارثة ومأساة إنسنية رهيبة ستقع، واصفة عمليات إجلاء العالقين بالمروحيات بأنها بطيئة جداً.
أمام هذه الكارثة الإنسانية الرهيبة، التي تهدد الكورد الإيزيديين من أبناء شعبنا، وتجعلهم عرضة لخطر الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والديني، بشكل يتنافي مع أبسط القواعد والقيم الإنسانية والأعراف والمواثيق والقوانين والعهود الدولية...، المتعلقة بالأعراق والقوميات والأقليات الدينية، وفي الوقت الذي يستحق فيه وقوف المجتمع الدولي مع أبناء شعبنا في محنته وتضامنه الكامل معه وتأكيده على التزامه بالحفاظ على لأمن والاستقرار في إقليم كوردستان، وقيام الولايات المتحدة الأمريكية بقصف مواقع ( داعش )، وتدمير أسلحته المتطورة، وكذلك قيام مروحياته بإنزال المواد والحاجات الضرورية للبقاء والاستمرار على قيد الحياة للعالقين في الجبال، تمهيداً لإجلائهم إلى مناطق آمنة نوعاً ما، كل الإشادة والتقدير والاحترام...، واعتبار ذلك نصراً كبيراً ومهماً لشعبنا وقضيته القومية وحقوقه المشروعة، فإن هذا لايعفي المجتمع الدولي وكل الهيئات والمنظمات الإنسانية التي تهمها الديمقراطية وحقوق الإنسان ومن أهمها الحق في الحياة وحرية الرأي والدين والمعتقد وحق العيش بحرية وكرامة وحق التعدد والتنوع...، وتهمها كذلك محاربة الإرهاب والظلامية والتكفير...، وتهمها أيضاً وايضاً تحقيق الأمان والطمأنينة والاستقرار...، من العمل الجاد بأسرع وقت ممكن لإيجاد وسائل وآليات أكثر نجاعة من أجل إنقاذ الكورد الإيزيديين من أبناء شعبنا، ووقف وتدارك تفاقم مأساته الإنسانية الكبيرة.
· مصطفى أوسو، عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكوردستاني – سوريا.