تسارع تطور الاحداث السياسية في الاونة الاخيرة نتيجة الازمة السورية الكارثية التي خلقتها في الدرجة الاولى النظام الاسدي الشوفيني والديكتاتوري
اضافة الى من ادعوا انهم يمثلون المعارضة الوطنية السورية الديمقراطية لكن اثبتت في حقيقتها انها لم تكن سوى مجاميع مرتزقة يحملون نفس عقلية النظام القمعي الدموي باسماء اخرى تعمل لصالح اجندات دول اقليمية ودولية الذين لا يهمهم سوا ان يتحكموا بالجغرافية السياسية السورية ويرسخون نفوذهم حماية لاطماعهم الجيوسياسية والتوسعية,خاصة الاطراف الاسلامويين بشقيها المعتدل والمتطرف بقيادة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ومن يسيرون في فلكه كالدولة القطرية ومجاميع الاخوان المسلمين في العالم اضافة الى تنظيمي القاعدة والدولة الاسلامية في سوريا والعراق (داعش).
دون شك التطورات الاخيرة ومواقف الدول العظمى او الاقطاب العظمى التي يترأسها كل من الولايات المتحدة الامريكية و روسيا البوتينية التي تدخلت في الشأن السوري في الفترة السابقة للعام الجديد و حتى الان يتطلب الخوض في اعمق النقاشات لمعرفة ابعاد قرارات هذه الدول وخلفية تصريحاتهم المتضاربة والمتناقضة المؤثرة على سياسات الدول والقوى المؤثرة في سوريا.
ان صدى قرار الرئيس الامريكي دونالد ترمب حول سحب قواته من سوريا الذي ادهش جميع الاطراف من حلفائه الاوروبيين والعرب اضافة القوى التحررية الكوردية اوقوات سوريا الديمقراطية كونها كانت راس الحربة لمواجهة الظاهرة الدموية التي كانت تهدد البشرية وايضا ادهشتالقطب المواجه لها اي روسيا وحلفاءها ايران والنظام السوري المسير من قبلهما.
بسبب الاعتراضات التي حدثت من ضمن الدائرة الضيقة للرئيس الامريكي حول قرار الانسحاب و التي ترافقها الضجة الاعلامية التي اتهمت ترمب بخيانة مبادئ التي تشكلت عليها السياسة الخارجية الامريكية وخيانة حلفاءها واحتجاجات متعددة اجبرت ترمب في التراجع بعض الشئ بشكل مبطن عن قراره او اجل ذلك حتى ايجاد حل اخر,فبسبب سياسته الضبابية لا يستطيع احد الاطراف التكهن بما سيؤل اليها الاحداث كون امريكا لها التأثير الواضح منذ عقود على توجيه سير الاحداث.
من ناحيتها قامت قوات سوريا الديمقراطية التي مصيرها هي محور النقاشات بسبب تكالب الذئاب السياسية المفترسة عليها محاولين كل منهم القضاء على تجربتهم الديمقراطية الشبه مستقلة في المناطق التي يسيطرون عليها والاستيلاء على مكاسبهم واملاء الفراغ الذي سوف تشكله سحب القوات الامريكية,لذا ذهبت كل من روسيا وايران و النظام السوري الشوفيني المطيع لهما بصياغة سياسات كيفية استرجاع هذه المناطق التي تسيطرعليها قوات قسد,بينما نظام النفاق والدموي التركي الذي يحمل تجاه الشعب الكوردي وتطلعاته المشروعة البغض و الحقد الاعمى لم يتردد لحظة لمحاولة ابادته والنيلمن مكتسابته,لذا اردوغان الذي حول بلاده الى وكر لجميع ارهابي العالم وقناة لعبورهم بعد التسليح والتمويل والتدريب والتنسيق الى سوريا والمناطق الكورديةاضافة الى ترويضه الهيكلية التنظيمية للمعارضة السورية السياسية بعد ان قام بالسيطرة عليهم واغراقهم بالملذات والمال حولهم الى اداة سياسية واعلامية مطيعة بيده لمحاربة اي تحرك ديمقراطي علماني او تشكيل كيان يحمل سمات كوردية فهو على استعداد لاستغلال فرصة انسحاب القوات الامريكية من شمالي شرقي سوريا,فاستنفر كل ادواته للهجوم على مناطق الكوردية الاخرى كما فعلها عند احتلاله لمنطقة عفرين الكوردية ويحاول الان دخول منبج وشرقي الفرات والاستفادة من قرار ترامب,بالرغم من صعوبة تحقيق كل ما يصبوا اليه جميع الاطراف حتى الامريكية في الوقت الحالي وتضارب مصالح واجندات وتطلعات كل جهة لكن ما يبدو ان الجميع يتجهز ويخطط وينسق لاستغلاء الفرصة.
بالرغم من السياسة السلمية والمعتدلة للحركة الكوردية في سوريا وقوات قسد ومجلسها السياسي والادارة الذاتية حول تطوير مشروع ديمقراطي يحتضن الجميع بمشاركة كافة الاطياف المجتمعية واطلاق تصريحات حول استعدادهم للتفاوض مع النظام السوري بشكل مباشر وابدوا نيتهم الصادقة تجاهه بسبب انسداد افاق حل وانعدام بديل ديمقراطي للنظام,لكن حسب قناعتي الشخصية ان النظام الذي ومنذ اكثر من اربعة عقود تشكل وفق عقلية شوفينية عنصرية وصلت الى درجة الديكتاتورية تحت سلطة حكم العائلة والحزب الواحد المتسلط على رقاب شعوب سوريا عبر قواته الامنية المتغطرسة الفاسدة وعديمة الرحمة وثانيا مارسالنظام وسائل وحشية ضد شعبه فاق جميع الانظمة القمعية الديكتاتورية في القرن العشرين وحتى الان الذي تلطخ يداه بدماء الاطفال والمواطنيين السوريين وثالثا كونه اصبح مطيعيخدم مصالح الدول التي حمته وجعلته يقف شكليا على قدميه كانه منتصر
فجملة هذه الاسباب مجتمعا من غير الممكن ان يقبل الاسد ان تتحول النظام في سوريا الى نظام ديمقراطي يقبل بالاخر ويعترف بحق الشعب الكوردي,وما يجري النقاش حوله حاليا بين هذه الاطراف بخصوص تشكيل لجنة كتابة دستور مستقبلي لسوريا من غير الممكن ان تنتج وتفرز عن دستور ديمقراطي تمثل مصالح الشعوب بيد المجرمين,نظام الاسد الذي من المفروض ان يتم محاكمته امام المحكمة الدولية بسبب الجرائم التي ارتكبه يحاول الرجوع الى ما قبل عام 2011؟؟ فكيف لسوريا ان تعود الى ذلك بنظامه الديكتاتوري؟؟اللهم اذا رجع مئات الالاف من الشهداء والقتلى مرة اخرى الى الحياة ورجوع الملايين من المهاجرين والنازحين والغارقين في البحار الى اماكنهم وبيوتهم واماكن ذكرياتهم.
فبعد كل هذه الدمار الذي تسبب بهالنظام الذي احتكرلعقود من السنين جميع مفاصل الحياة من جهة والعصابات الراديكالية التي حاربته واغتصبوا الثورة من جهة اخرى في البنية التحتية والمجتمعية والبنية الفوقية والثقافية والعلمية وقسموا وجزءوا وباعوا الوطن لعدة جهات واطراف متحاربة,بعد كل هذه الخسائر في الارواح والاملاك من المستحيل الرجوع بسوريا الى نظام الاسد السابق,حتى ان توقفت الحرب في سوريا وتفاوض النظام الموجود مع الكورد بشكل جدي تحتاج البلاد لعشرات السنين لاعادة التأهيل والاعداد العلمي والاقتصادي بعد النزيف الجارف الذي حصل وموضوع اعادة اللاجئين كذبة وخداع اخرى كونهم لن يسلموا من النظام وحياتهم في ظل هذا النظام دائما في خطر,فكيف ان يعيدوا الثقة للذين فقدوا كل املاكهم وامالهم ومستقبلهم بالرجوع الى سوريا البلد المدمر بيد نظام لا زال يرى في نفسه الامر والناهي في البلاد وينهش بمشاركة بعض الذئاب الاقليميين والدوليين جسد الامة السورية.
رغم ذلك ان الحل الوحيد لبدءمعالجة الازمة السورية المستفحلة هو المحادثات السورية السورية خاصة بين الادارة الذاتية الديمقراطية ومكوناتها وبين القيادات السورية في النظام من الذين لم تتلطخ ايدييهم بالدم السوري ويقتنعون بالحوار وتغير النظام في البلاد وحماية استقلاله وسيادته وكتابة دستور بايادي سورية ديمقراطية علمانية يحملون من الصميم الهم السوري العام واخراج القوى المحتلة للاراضي السورية على راسهم تركيا وايران وروسيا والميليشات التابعة لهذه الدول.
الناشط السوري طلال حسن درويش