عبدالعزيز الشرقاوي( صحفي مصري مقيم بالنمسا) النمسا\ جراتس
بدعوة من مقاطعة (دويتش لاينيس بيرج) التابعة لاقليم شتايارمارك والذي يعد اكبر اقاليم النمسا، اقيمت احتفالية ثقافية مساء يوم الثامن من مارس في مدينة (شتاينز)وعلى قمم جبال النمسا الرائعة بحضورجمهورغفير من عشاق الادب والفن الانساني.حيث دوعي ثلاث شخصيات ادبية وفنية لهم بصمات خاصة على مستوى الثقافة النمساوية وهم الفنانة التشكيلية(بريجيتا ايشلير)والاديبة (انجيبورك ماريا اورتنر)والشاعر الرحال (بدل رفو).
(بريجيتا ايشلير)استهل الحفل بها بعرضها لمجموعة من اعمالها الرائعة والتي اختصت بدراسة الفنون وخاصة السيراميك والجرافيك بالاضافة الى المسرح ولم تكن لها سابقاً اي علاقة بفن الرسم،ولقد طرقت ابواب الرسم عن طريق الصدفة البحتة.لوحاتها عالم من الالوان والبشر والطبيعة وملامح التسامح والعفو محفورة في اعمالها واما الالوان والظل والضوء فلهم مكانة كبيرة في اعمالها وهو انعكاس للمشاعر الانسانية ولذلك اتت الاحتفالية تحت شعار(صور انسانية)،ولقدغطت لوحاتها جدران القاعة التي اقيمت فيها الاحتفالية .
الضيفة الثانية في هذه الاحتفالية(انجيبورك اورتنر) شاعرة وروائية وكاتبة نمساوية مشهورة من خلال اعمالها الادبية للاطفال ولها شهرتها الخاصة على الساحة الادبية النمساوية عبرامسياتها الثقافية المتعددة ومعارض الكتب،ففي هذه الامسية قرات قصائد باللغة الالمانية للشاعر الكوردي(بدل رفو)ومنها (اطفال الهند علموني،النار،مجنون،وطن،آفيفان)وهذه القصائد رحلة للزوار الى كوردستان بوجعها وتوقها للحرية وطبيعتها.وبعدها تناولت مقتطفات من كتابها(بدل رفو ـ صقر من كوردستان)وبالاخص ـ فصل الهجرة المليونية للكورد وكيف تناولها وعايشها بدل رفوبصورة شخصية بالاضافة الى حياته اليومية في مخيمات اللجوء في تركيا حتى وصوله الى النمسا،وبعد ذلك قرات الاديبة اورتنر قصائدها التي ترجمت الى اللغة الكوردية من خلال ترجمة بدل رفو لقصائدها في كتاب انتلوجيا شعراء النمسا(النسخة الكوردية)وكان هناك دويتو ثنائي رائع بين الشاعرة اورتنر ومترجمها بدل رفو حين قرا قصائدها بالكوردية كي يتذوق الحضور موسيقى اللغة الكوردية والغريبة على اسماعهم وان بدا لهم بانهم معجبون بها اشد الاعجاب وبمقاماتها الموسيقية الملحوظة.
كل هذا تم بخلفية موسيقية فلكلورية رائعة معبرة عن روح الاقليم من خلال الموسيقي البارع(سيجموند شمولي)والذي ابهر الحضور بادائه الرائع على آلة الاكورديون.
اما الضيف الثالث القادم من جبال كوردستان حيا المرأة بعيدها العالمي وقال من القلب احيى وابارك المراة في يومها العالمي للمراة والذي صادف نفس اليوم. بدون المراة ليست للحياة معنى وصفقن النساء كثيرا لهذه اللفتة الرائعة من رجل شرقي.فابدع بعرضه لموضوع التسامح والعفو في الادب عموماً وعند الكورد والمسلمين خصوصاً وقال :نحن اليوم اكثر حاجة الى التلاحم الانساني والتقارب بين الحضارات والثقافات ولأن شبكات التواصل الاجتماعي جعلت العالم اليوم قرية صغيرة واستشهد بنماذج انسانية عديدة مثلت نموذجاً للتسامح الانساني امثال:نلسون مانديلا،المهاتما غاندي.تحدث عن الكورد قائلا:بالرغم من كل الاعمال العدوانية ضد الكورد في كوردستان العراق من عمليات الانفال سيئة السمعة والصيت والى ابادة حلبجة بالاسلحة الكيماوية والهجرة المليونية التي عانى منها الكورد وسجون وتعذيب،ولكن و بالرغم من كل هذا وبعد عام 1991 بدأ الكورد ببناء اقليمهم الخاص وتناسوا الاحقاد القديمة واطلقوا العفو والتسامح المستمد من الاديان السماوية والنماذج الانسانية الرائعة في التسامح.لأن العفو والتسامح اكبر واقوى من اي بطش ودم وحقد واستمد التسامح الكوردي ايضا من قصص الانبياء والعظماء،وتحدث رفو عن الادب الانساني ـ والذي هو دائما غايته ــ بعمق وتأثر واضحين بالاضافة الى قوة تجسيد قضيته وابداعه واقناعه للآخر من خلال روح واحساس دافئ وقوي يصل مباشرة الى لب وقلب المستمع.
وبعدها تأثر حاكم المقاطعة(د.هيلموت تيودور مولر)بالكلمة الانسانية للاديب بدل رفو وفي كلمته بدأ محيياً الضيوف وتناول بالاخص حديث رفو الاديب الكوردي حول التسامح وجدير بالذكر ان كلمة د.مولر جسدت في الواقع بساطة وتسامح هذا الحاكم.فبعد الامسية اختص (د.مولر) بدل رفو بالحديث معه حول كوردستان والقضية الكوردية بشكل عام وبهذا يوضح بان الاديب بصفة عامة ما هو الا سفيراً لقضايا شعبه ووطنه اينما كان حتى وان كان منسياً في بلاده كالعادة في بلاد الشرق.وعلى شرف الاستقبال وقبل الاستعداد لبدء الاحتفالية التقى بدل رفو والشاعرة اورتنر مع السفير الكوبي بالنمسا(خوان كارلوس مارسان)والذي تربطهما بالسفير علاقة صداقة حميمة في حوار رائع بين احضان جبال النمسا عن الثقافة الانسانية عموماً والكوبية خصوصاً وتحدثوا عن الاسبوع الثقافي الكوبي القادم في جراتس عاصمة اقليم شتامارك النمساوي والذي سيحضره نجل الثائر الكوبي(تشى جيفار).
احتفالية صور انسانية جسدت العمق الانساني بادق المعاني حيث التقى الجبل مع الرسم والشعر والادب بالثقافة الانسانية الكوردية.