بمناسبة اللغط حول الانشقاقات المتأخرة التي تلوكها الأفواه الآن. كان من المفترض على المجلس الوطني السوري في بداية تشكله بالاتفاق مع الجيش الحر، أن يُصدرا بياناً شديد اللهجة يُعطى من خلاله مهلة أقصاها ثلاثة أشهر لمن يريد الانشقاق والانضمام للثورة،
ومابعد ذلك التاريخ سيحاسب ويُحاكم مثله مثل عصابات النظام. كان ذلك سيحقن الدماء كثيراً ويجعل الشرفاء يستعجلون في قرارهم التاريخي وانضامامهم للثورة، مع تخلي العالم كله عن الثورة السورية كانت وقتها ستنقي نفسها بنفسها، وتسهل المهمة على كل سوري بعد سقوط النظام، كان من المفترض على المدّعين والغيورين الذين يعقدون مؤتمراتهم في الفنادق أن يُظهروا قلقهم على دماء أشقائهم التي تسفك بوحشية وسادية قلَّ مثلها عبر التاريخ كله، لا أن يتم تذييل أي خبر أو بيان أن الكتلة أو الجماعة الفلانية تدعو للانشقاق، في كلتا الحالتين كانت تلك البيانات والخطابات التي لم يعد حتى الثوار في الداخل يتقبلونها وصارت ترفع اللافتات التي تستنكر هذه البيانات التي لا تسمن ولا تغني من جوع، لربما من أهم أسباب عدم الانشقاق رغم إيمان الكثيرين الموالين في الظاهر للنظام والمؤمنين بانتصار الثورة في الباطن، هو الخشية على أفراد عائلاتهم من بطش النظام، ولا أظن أن هذا الذي يفكر بالانشقاق لاثبات دوره التاريخي كإنسان قبل أن يكون مواطناً أن عائلته أفضل من إحدى آلاف العوائل التي نزحت للأردن أو لبنان أو تركيا ولا الطرق والمنافذ الحدودية مغلقة أمام أحد لمن أراد المغادرة.
بعد قرابة سنة ونصف من سفك الدماء لا أعتبر كل منشق ثورياً شريفأً، بل يجب محاسبته أيضاً على صمته، لكني متأكدٌ مثلما حدث مع بداية الثورة وأتيح للعديد الركوب على ظهر الثورة فأصبح مدّعياً أنه من قياديها... ربما نرى قريباً أن أحدهم سينشق قبل سقوط بشار بثانية ثم سيدعي وفاءه وولاءه المطلق للثورة.
07/07/2012
القاهرة