تحتفل العديد من الشّعوب في منطقة ميزوبوتاميا وغرب آسيا بعيد يسمّى "نوروز: ويعني باللغات الهندو أوربيّة مثل الكرديّة والفارسيّة "اليوم الجديد"،
وقد دأبت شعوب المنطقة على الاحتفال بهذا اليوم تزامناً مع نهاية فصل الشّتاء وبداية فصل الرّبيع، ذلك أن الشّتاء يتميّز بقسوته في معظم مناطق ميزوبوتاميا وغرب آسيا. كان الاحتفال بيوم نوروز ولا يزال عند كلّ الشّعوب فرحاً بقدوم الرّبيع ونهاية الشّتاء وإن اختلفت تسميته عند بعض الشّعوب التي سمّت بداية الرّبيع باسم اكيتو، ويصادف الأوّل من نيسان، ولكن الهدف من الاحتفال بعيد الاكيتو هو نفس الهدف بالاحتفال بعيد نوروز ألا وهو بداية الرّبيع، لكن هنالك شعب من شعوب ميزوبوتاميا أخذ عنده الاحتفال بيوم نوروز طابعاً قوميّاً بالإضافة إلى بداية الرّبيع، وأصبح العيد قوميّاً مقدّساً عندهم وهو الشّعب الكرديّ، حيث كان الميد أحد أسلاف الكرد خاضعين لحكم الدّولة الآشورية التي تحوّلت إلى أقوى امبراطورية في ذلك الوقت، وقد حاول أحد زعماء الكرد الميد تحقيق ذلك الهدف بتوحيد صفوف الميديين أوّلا والبحث عن تحالفات لمواجهة جيش آشور القويّ، وكان هذا الزّعيم يُدعى دياكو، ونجح في توحيد الميديين وعقد تحالفاً مع الأوراتيينإلا أنّ هذا التّحالف قد هزم على يد الجيش الآشوريّ وأسر دياكو عام 715ق. م، ولكنّه تمكّن من زرع فكرة التّوحيد والتّحالف في نفوس الميديين. بعد فترة أطلق الآشوريّون سراحه واستطاع أحد زعماء الميديين ويدعى كيخسرو من عقد تحالفات مع ملك بابل نابو بولاصر و مع الأرمن والكميريين بهدف القضاء على الدّولة الآشوريّة التي انتابها الضّعف بعد وفاة ملكها القويّ آشور بانيبال، وتنازع أولاده على السّلطة حيث أصبح ابنه سين شار يشكون ملكاً على آشور وكانت آشور تواجه هجوماً من قبل الميديين والتّحالف المشار إليه وعلى الرّغم من ذلك لم يستسلم الملك الآشوريّ، بل قاتل حتى قتل في ميدان القتال واستخدام المهاجمين عدّة وسائل لاختراق مقاومة آشور مثل فتح السّدود لكي تغمر المياه المدينة، فضلاً عن إشعال النّار بالإضافة وكما أسلفنا أنّ آشور كانت تعاني من الضّعف نتيجة عدّة عوامل منها:
ضعف خلفاء آشور بانيبال
توسّع الامبراطورية الآشوريّة
سوء معاملة الآشورييّن للشّعوب المغلوبة ما شكّل جبهة تحالف ضدّهم حتى انضمّ إلى التّحالف أقرباؤهم الكلدانيّون وكذلك المجاعة التي أصابت آشور نتيجة إجبارهم الفلاحين على العمل كجنود ما ترك الأرض مهملة. كلّ هذه العوامل شكّلت نهاية للدّولة الآشوريّة و تقاسم ميديا وبابل أراضيها ولذلك يعتبر الكرد يوم 21 آذار يوماً قوميّاً لهم.
لعلّ هنالك بعض الأمور التي يجب توضيحها هنا:
أوّلا ما نقلته الشّاهنامه عن قصّة الملك الضّحاك وكذلك ما ورد في كتاب الآفستا المقدّس عند الفرس والتي تدعي أنّ ازي هاك
كان ملكاً ظالماً، وأنّ ابليس ظهر له وقبّل كتفيه فظهرت على كتفيه حيتين لا تأكلان إلا أدمغة البشر والشّباب تحديداً وما يليها من قصص الملك مع اليهود وأنّ أحد أجداد ازي هاك كان عربياً يدعى تاج ليست إلا قصّة اخترعها الأخمينيون بعد سيطرتهم على ميديا ومحاولة تشويه اسم ملك ميديا المقاوم للغزو الفارسيّ استياك الذي قاتل حتى هزم نتيجة خيانة قائده هارباك لأنّه لا يوجد ملك في التّاريخ القديم والحديث اسمه ازي هاك إلا الملك الميديّ استياك فحاولوا شيطنة هذا الملك ولعنه فقط لأنّه قاومهم حتى الرّمق الأخير، وقد أتى هيرودت على ذكر ذلك.
النّقطة الثّانية كيف يكون الضّحاك جدّاً للكرد والعرب بنفس الوقت حسب روايات الشّاهنامه والكلّ يعرف اختلاف الشّعبين من النّاحية الانتروبولوجيا والثّقافية؟ والمعلوم كثرة الأساطير الفارسيّة ومنها ما تدعي أنّ جمشيد أحد ملوكهم الاسطوريين عندما جلس على العرش كان يوم نوروز (لا توجد شخصيّة تاريخية بهذا الاسم )، وكلّنا نعلم أنّ الدّيانة الزّرادشتية خرجت من قبل شخص ميدي ولكنّ أهل الميد رفضوا تقبّل ديانته لأنّه كانت لديهم ديانتهم الخاصة، فأخذها عنهم الفرس وحوّلوا الدّيانة الزّرادشتية إلى ما يناسب معتقداتهم.
للأسف لم نكن نعلم أنّ ازي دهاك والذي صاحب ابليس وكان يأكل أدمغة الشّباب ليس إلا تشويهاً لاسم شخصيّة تاريخيّة كرديّة باختراع مثل هذه الأساطير وهي إحدى وسائل المحتلين في محاربة الشّعوب الحرّة؟ ولعلّ رمزيّة قصّة كاوى الحدّاد وتخلّصه من الملك الظّالم ليست إلا تجسيداً لسقوط الحكم الآشوريّ الذي كان شديداً على الشّعوب المغلوبة، أما كونه حدّاداً فهذا بالتّأكيد مرتبط بكون الآريين هم مَنْ جلبوا هذا المعدن إلى المشرق، وكان له الدّور الأبرز في الانتصار إضافةً إلى استخدامهم الحصان قبل الشّعوب الأخرى.