(الشعر موهبة تثقله الدراسة مثل الطائر حباه الله بجناحين لكن لو تكاسل عن الطيران لتحولت موهبته لشيء آخر كالنعامة التي تمتلك الأجنحة ولا تستطيع الطيران موهبة لكن دون فائدة)
(الشعر هو إرثنا الحضاري الذي نطل منه على العالم من نافذة الخيال والشعور معا)
(قصيدة النثر كائن أسطوري تجتمع فيه كل مكونات الجمال في شتى فنون الأدب ولهذا منذ لحظة ولادته كانت له جاذبيته الخاصة به فقصيدة النثر مخلوق نوراني يحاور النفس الإنسانية)
الشعر بين يديها زنبقة راقصة تبحث عن محبين يسكنون الألم والأمل ترسم لهم صورة جديدة تنبعث منها سحائب العطاء.
تتصف شخصيتها بالمصداقية والموضوعية وبالذكاء والجرأة والصراحة. يكاد يكون كل كلامها شعراً. الشعر ينساب من فمها تلقائيا. تبين لي من حواري معها كم هي مثقفة ثقافة عميقة. كعادتي مع كل من أحاورهن من السيدات كان سؤالي الأول لها.
في البداية نود أن نعرف نبذة عن حياة أفين حمو الشاعرة والإنسانة؟
أفين حمو من مدينة القامشلي مواليد 1996 أنهيت دراسة البكالوريا ولم أكمل جامعتي بسبب ظروف الحرب
أما عن أنشطتي الأدبية فهي متعددة ومتنوعة لأنني أؤمن بأن الإنسان ينبغي عليه أن تكون لديه قضية واضحة وهدف محدد.
فقد وعيت الحياة ووجدت بيدي قلم
لكنني مع النضج أيقنت أن القلم الم
والكتابة وجع تحمله بين ضلوعك والحرف جرح يتسع داخلك ولا رتق يسعه.
في مرحلة ما تتأثر بكل من تقرا له
هي مرحلة التكوين وعدم وضوح رؤية خاصة بك
فكلما قرأت لكاتب أو شاعر تأثرت به دون أن تعي
لكن سرعان ما تطلق العنان لفكرك ليحملك لضفة لا تحتمل سواك.
- السؤال الثالث
- ما رأي الشاعرة أفين حمو بقصيدة النثر ولماذا الكثير من الشعراء يكتبون هذا النوع من الشعر؟
- قصيدة النثر كائن أسطوري تجتمع فيه كل مكونات الجمال في شتى فنون الأدب ولهذا منذ لحظة ولادته كانت له جاذبيته الخاصة به فقصيدة النثر مخلوق نوراني يحاور النفس الإنسانية وينغمس بكليته في عمقها لقرب أنفاسها من الروح
ألقت بكل حمولات الشعر المتعارف عليها عن كاهلها كالوزن والقافية وحلقت خفيفة رشيقة في فضائها ولذلك من السهل جدا أن تكتشف شاعريتها من عدمه في سهولة وتستطيع التمييز بين الغث فيها والثمين دون استغلاق لأنها تعتمد على الشاعرية الصرفة بأشراطها المتعارف عليها.
أما عن كثرة من يكتبها فلو تمعنا في الكثير من النتاج الذي يكتب لاستبعدنا الكثير والكثير لعدم انتمائه إليها وعدم موافقة جنسها.
لتمنيت أن أكون أفين
وان أولد في بلد يقدر معنى أن يكون الإنسان حرا ولو كانت صحراء.
وتبقى الكتابة مستويات، في المستوى الأول أنا اكتب لذاتي في إطار وجودي، لقد وقفت بمعادلة لا تقبل القسمة، أن أكون محتكمة لقطبي الولادة والموت، وألا يكون الخلود المادي متاحا، الكتابة هنا خلود معنوي، إنها صرخة جلجامش المتفجعة بموت أنكيدو، وحين أنجزت نصي توالت أسئلة الجدوى. الرسالة والهاجس وعلاقتي بقارئي، وكان على أن أوائم بين أضداد معضلة أخرى، أن أرتقي بخطابي الفني وأتجاوزني كل حين، وألا أخل بالتزامي في بلاد تعد الكتابة فيها مسؤولية لا امتيازا، نعم. أنا الآن أكتب للثلاثة معا!
وتصنيفه أنثوي ورجالي يشعرني أني قد دخلت مول ملابس وليس عالم الأدب.
لم يخطر ببالي وانا اكتب الشعر وأسأل نفسي هل أنا امرأة أم رجل
اكتب ما يمليه على إحساسي فقط
أكون صادقة مع نفسي جدا بعيد عن عالم المادة أحاول أن أكون مع روحي شفافة جدا لأستطيع أن احضن نفسي وأكمل.
من هي المرأة المثقفة ؟!
وما هي الثقافة أساسا ؟!
أنا اليوم أميل إلى الراي الذي يقول بأن الثقافة نظرية في السلوك، تماما كما هو العلم نظرية في المعرفة!
هذا قد يرمي أرضا بنساء امتهن الكتابة!
لكنهن وقفن عند الخطاب الأنثوي التقليدي الشعبوي في سياقيه، المتشكي للشريك من ظلم الشريك، والذي ينشد حالة حب لا تتحقق غالبا، ذلك أن الرجل بعد أن أنجز هيمنته على المرأة، ضيع عليه وعليها فرصة الحب، فالحب يقوم على التماثل لا الامتثال، وبالتالي فرصة السعادة!
أولاء نسين أنهن مواطنات، ولسن مجرد إناث، فلم يأتين على الفقر مثلا أو الجهل والتخلف، لقد أفقرن عالمهن الشعري أو الكتابي!
أن تكوني أنثى مثالية فتلك معضلة، فكيف إذا قيض لك أن تكوني شاعرة ؟!
الرسالة والهاجس لا يجتزئان. قد يبدآن بالذاتي، لكنهما معنيان حتى بثقب الأوزون فوق الأنتراكتيد (القارة القطبية الجنوبية)!
هذا يوضح إلى حد بعيد معنى أن العالم أضحى قرية كونية صغيرة!
سواء كان رجلا أم امرأة
الفيصل هو النبض
الكتابة النسائية أثبتت وجودها وبقوة منذ بدايات الشعر وهناك من الشاعرات من أثبتت قدرتها وفرضت احترامها على الجميع وذاعت شهرتها في الآفاق مثل الخنساء وليلى الأخيلية وتماضر بنت الأزور وولادة بنت المستكفي ومرورا بنازك الملائكة في العصر الحديث وغيرها …. وصار وجودها في المنتديات الأدبية في عصرنا الحديث معهودا في كافة المحافل وحضورها أصبح مسلما به، وباتت تلك النظرة لها تتغير مع حضور الأدب النسوي في الفترة الأخيرة وبقوة وإرادة وتصميم
لماذا أخشى الرجال؟
عندما اكتب قصيدة لا أفكر ابدأ من سيقرأها لأني لا أكتب لجنس محدد
هناك أجد نفسي حرة تماما بعيدة عن العالم الذكوري
ولم أفكر يوما في رأي الرجل بقصيدتي
أنا اكتب من منطلق البحث عن الذات
ومن تبحث عن ذاتها لا تخشى أحدا
الرجل الجالس على الكرسي
يده تهتز على الطاولة
منذ عشر دقائق
لم يكن يتحرك
إنما كانت الطاولة تترجرج في القاع، فقد غمرتها المياه
لأن السماء أمطرت فوقها
مدينة
####
في هذه المدينة
أضحت الوجوه براويز منهكة
خلف زجاجها
تستنشق رائحة الأنقاض، الأحياء الفارغة
عيون مرتقبة بعدسات الحلم
لا أحد
#####
ليس ثم كلب أبيض صديق في شقتي لأسمع همهماته
فأنهض لأجله
أخذه من يده،
أركض معه في الحديقة
نتابع بقية يومنا بحب
ليس ثم حبيب، يوزع أشواقاٌ في الصباح
يريد احتضاني، يأخذني إليه
يلثم عنقي، يهمس في أذني أحبك
ليس هناك غير حزني
بخطوات مترنحة، يحملني معه لالتقط العذاب
وسمكة في حوض صغير بالصالة
، أتبادل معها الحياة
صباح الخير
الأسماك أبحرت
ونحن ما زلنا هنا مخيمات
تقول السمكة:”نحن نسينا قضايانا
أرجوك ارحمينا”
ساد صمت مطبق
انه حداد سعيد مع السماء
دون التفكير في مبادلة الحياة
كتبتها وانا في المشفى ورأيت رجلا يبكي على زوجته المريضة
عندما يبكي الرجل تيقن جيدا أن الحياة انتهت.
طبعا جربت الكتابة بالكردية مرتين. لكن المسافة بين نصي بالعربية ونصي الكردي كانت كبيرة، تابعت بالعربية، وأرجئت الكتابة بالكردية لبعض الوقت، لكن الظروف استمرت في التبدل والتغيير، وبدت الكتابة بالكردية ولا تزال مشروعا مؤجلا!
ستشابه كرد سوريا مع عربها، فهم أيضا ينتمون إلى الشعر ديوانا!
وسنلحظ تشابها في الملمح العاك، وخصوصية طاغية على مستوى التفاصيل!
سأضرب لك مثالا. أحمدي خاني. أمير الشعراء الكرد. متصوف كبير. استعمل العربية والكردية والفارسية والتركية في كتابة قصيدته، هذا حال المتصوفة العرب والترك والفرس!
الكتابة بالكردية تأثرت بالسياسي. فتراجعت في العهد العثماني، وتأثرت سلبا بالسباسة الطورانية (التتريك)
ولن تتعافى في ظل الجمهورية العربية السورية
لكن ارثا طويلا سيقلع بالقصيدة
قد يبدأ بالخاني والجزيري ولا يقف بجكرخوين وسيدايي تيريج، ولا بالحساسية الجديدة عند الأجيال التالية عليهما كما عند أديب حسن محمد بالعربية أو منير خلف، أو فرهادي عجمو بالكردية وصولا إلى أفين حمو!
ولنتذكر دائما بأننا نتكلم عن مشهد مأزوم ومعافى!
يقول الشاعر لويس أراغون لولا الشعر لأصبنا جميعا بالسكتة القلبية
ما رأيك بهذا القول
أليس العالم بدون شعر خراب وخواء؟
- نصوص تغمرنا بفيوضها العابقة برائحة القلب الذي يقطنه ذئب شارد طابت له الإقامة هنا، فهناك استغيث بنفسي لا بالعالم الخارجي الذي لا يختلف عن هذا الذئب القابع في الأعماق.
بقليل من الكلام أطلعكم على الكثير من معاناتي اسرد لكم حكاية قلبي المنتظر أن ينام هذا الذئب وبغفل عني قليلا لكن هيهات فما الذئب إلا ما في العالم الخارجي من عواء يملأ القلوب ذعرا ومعاناة.
يقول المثل:” إم لم تكن ذئبا أكلتك الذئاب” وهو مثل متوحش يدعونا جميعا إلى أن نستذئب لنتحول إلى غابة مفترسة.
إنّني أحاول المحافظة على إنسانيتي وأدافع عن نفسي، واحميها بسلاح الكلمة التي كانت في البدء.
نصوص من نار تسعى إلى حرق عالم الهمجية، وبناء عالم جديد أساسه الحبّ والحرّية.
وهل ترين بأنه قد يأتي تتغلب فيه القراءة والكتابة الإلكترونية على القراءة والكتابة الورقية وهل تمنح مجالا أكبر للوصول للقارئ الذي يؤثر هذه الوسيلة للتواصل عبر المسافات؟
وانا استفدت منها جدا لأني عملت من خلالها لنفسي مكتبة الإلكترونية، واشتهرت من خلال هذه المنابر، ومعظم المجلات الإلكترونية والجرائد نشرت لي،
وفعلا أرى أن الكتابة الإلكترونية منحت للقراء فرصة الوصول السهل للكتب وقراءتها في أي وقت يريدونه وهذا لم يكن متاحا لهم من قبل، وساعدت أيضا هؤلاء الذين يعجزون عن شراء الكتب مكتبة هائلة أمامهم يستطيعون الاقتناء منها بسهولة ويسر، ولكني أرى أيضا أن الكتب الورقية ما زال لها جمهورها الذي يعشقها ولا يري في هذا البديل الإلكتروني ما يغني عن رائحة الورق وملمسه بين يديه.
حاولنا أن نتكلم عن الواقع الذي نعيشه والذي خضناه
وعن التهميش الممنهج للوجود الكردي وان نتحدث عن حضارة الجبال ومدى الصداقة بين الكرد والجبل
تحدثنا عن خرائط الكرد المنهوبة
والكرد والإسلام
وأساطير الغناء قديما وحديثا
وماهي أشهر الملامح الكردية
والحرب وما أفرزته من واقع الحياة المؤلم وشبح العنوسة وانتشار الطلاق
وأخيرا ماهي مكانة الشعب الكردي في المنطقة.
إن القضية لها مناصرون كثيرون منهم من اهتم بالحضور ومنهم من منعته ظروفه القهرية عن الحضور وتمنوا لنا التوفيق والسداد فنحن جميعا في مركب واحد ولو أهمل أحدنا للحظة والتفت إلى مصلحته الشخصية لغرقنا جميعا.
كلمة أخيرة ربما غفلنا عن قضية ما هل يمكنك إضافة شيء آخر. .؟
وكان مقالين عن قضية الأكراد وانعكاساتها على المرأة الكردية والتي تناولتها الصديقة عفاف حسكي.
أما المقال الثاني فكان عن المرأة الايزيدية.
الكرد جزء من العالم المخلف، ما تم التعارف عليه باسم العالم الثالث!
نحن إزاء حالات ما قبل الدولة إذا.
ثمة سلطات.. ولكن ليس ثمة دولة بما هي مؤسسات.
تنفيذية وتشريعية وقضائية
وفي مطلق الأحوال ثمة تمدد من السلطة التنفيذية على السلطتين التشريعية والقضائية!
ناهيك عن غياب مفهوم العقد الاجتماعي، بل غياب العقد الاجتماعي ذاته!
هذه الأنماط تحيل على خانة الواجبات دون الحقوق!
ثم أن هذه الأنماط تعيش مجتمعات ذكورية!
المرأة الكردية تعاني اضطهادا بما هي امرأة إذا وتعاني اضطهادا بما هي كيان كردي!
مأساة الايزيديات غمرت المشهد بتراجيديا مأساوية إذ أضافت البعد الميثولوجي إلى كامل المشهد!
فإذا بها امرأة مشاع ومتاع في سوق النخاسة السني (الداعشي)
من الحرمان الحقوقي في ابسط أشكاله، أي التهميش المجتمعي بأبعاده كافة، إلى أهم الحقوق قاطبة، الحرية، لتقوم داعش ببيع النسوة اليزيديات في أسواق النخاسة، ضمن مشهد قروسطي بائس!
أخيرا أرغب في القول حاولت قصارى جهدي لأفتح طاقة صغيرة للعالم العربي ليدركوا من هم الأكراد وما عانيناه من صعاب من أجل العيش بحرية وكرامة.
أتمنى أن أكون قد نجحت في تسليط الضوء على الشعر الكردي الراهن والكتابة الكردية مع علمي التام أن قضيتنا أكبر بكثير من أن يحتويه ملف واحد.
…
(سيرة ذاتية)
_ شاعرة كردية سورية مواليد القامشلي في الشمال السوري على تخوم الحدود السورية _التركية.
_ولدت عام 1996 متزوجة وأم لطفلة
_أكملت مراحل تعليمها، ونالت شهادة الثانوية الغامة (البكالوريا) في مدينة القامشلي
_بسبب الحرب والأزمة السورية تركت دراستها الجامعية في كلية الآداب _قسم اللغة الفرنسية.
_توجهت نحو المطالعة وقراءة الكتب الأدبية منذ المرحلة الإعدادية من دراستها وسط تشجيع أسرتها.
_تكتب الشعر وتنشر نصوصها على منصات ومواقع التواصل الاجتماعي
_نشرت نصوصها وكتاباتها في الصحف السورية والمصرية والعراقية وغيرها.
_تعتبر النشر الإلكتروني النافذة والوسيلة الأسرع والأكثر تفاعلاً، ومن هنا توجهت خلال السنوات الأخيرة إلى النشر في المجلات الإلكترونية
_شاركت في الكثير من المنتديات الأدبية، وحررت ملفات عن الشعراء الكرد السوريين.
_تناول العديد من النقاد والمهتمين نصوصها الشعرية.
ونشرت نصوصها في ثلاث دواوين شعرية جماعية مع نخبة من شعراء الوطن العربي
_لها تجارب متواضعة في كتابة الشعر بلغتها الكردية الأم.
_لديها الكثير من المخطوطات الشعرية الغير المطبوعة.
_يصدر لها قريباً مجموعة شعرية بعنوان “عن الذئب الذي في قلبي”
موقع واحة الفكر الالكترونية