Share |

حوار مع القاصة والشاعرة السورية وجيهة عبد الرحمن …حسين أحمد

القاصة والشاعرة السورية وجيهة عبد الرحمن
القاصة والشاعرة السورية وجيهة عبد الرحمن

 

شرف كبير لي أن أتمكن من الكتابة بأسلوب سليم بركات

 

وجيهة عبدالرحمن صوت أنثوي جزراوي صارخ ،تكتب القصة القصيرة بأسلوب مغاير، وبلغة جميلة، كأنما تدون قصيدة نثرية أو نص مفتوح، يتعدى كل الأنساق التجريبية التي ظهرت في الجزيرة، فهي تعرف جيداً كيف تختار موضوعاتها الكتابية ،وتدرك كيف تعالجها، كما أن لها القدرة الفائقة في التصوير وخاصة توظيف عناصر قصصها وحكاياتها بتقنية مدهشة،مع الكامن الذاتي لديها ككاتبة حداثوية ، فكل ذلك تؤكد حضورها في المشهد برؤية جديدة ،ومن هنا فقصصها جديرة بالقراءة والمتابعة ..

* تقول الكاتبة :

* الكاتبرسول طالما لديه إمكانية حمل رسالة

* لا تهمني الطريقة بقدرما تهمني عملية الوصول

* كتابتيللقصة في لبوس شعري ليس محض صدفة

* شرف كبير لي أن أتمكنمن الكتابة بأسلوب سليم بركات

* الكتابة باللغة الكرديةليست سهلة وبسيطة كما يتخيلها البعض

* في كل يوم لدي جديد إن لميكن بالكتابة فسيكون مشروع ذهني

* أكتب بحرية تامة متى أمسكتبالقلم وأتناسى تبعات ما يأتي بعد النص

نص الحوار :

س-1ـ كيف بدأت علاقتك مع الأدب والكتابة..؟؟

ج- أن تعرف كيف تبدأ ربماستعرف كيف وأين ستنتهي ،إن كان ثمة نهاية للكاتب، ولكن بدايتي  بحد ذاتها قصة كما كلالقصص التي كتبتها ، ففي ديرك مسقط رأسي حيث كل ما حولك طبيعي ، ويخبر حكاية وينبئبشيء ما مستقبلي ، من عيون أولئك الناس البسطاء والبيئة البسيطة العالقة بين الريفوالمدينة ومن جو عائلتي الثقافي حيث الهم الأكبر هو التنشئة الصحيحة والوعيالاجتماعي السليم ،قدمت لي العائلة كل الدعم للتخرج أولا من مدرسة الحياة التي كانتموضوع قصصي فيما بعد، مع كل ما ذكرت نشأت علاقة سليمة تجسدت فيالكتابة. 

س- 2- وجيهة عبدالرحمن ، قاصة وشاعرة إلى جانب كتاباتها فهي تشتغل في مجال البحث الاجتماعي الخاص بالمرأة والطفل والأسرة،كيف توفقين بين كلّ هذه الأنواع من الكتابة ..؟وفي أيّ حقل تحسين بحريتك الفكرية أكثر..؟؟

ج- كل ما ذكرت يندرج تحت بندالكتابة التي هدفي الأوحد منها هو إيصال رسالة أو فكرة لغاية إحداث تغيير ما ، لذلكفأنا أفصل بين كتابتي لكل مادة مذكورة سواء أكان بحثا أم نصا قصصيا أم قصيدة شعر،متى تأتي الفكرة أدونها دونما تردد وأعمل عليها فيما بعد ،أو ربما كان العمل مشروعفكرتُ في إعداده أو كتابته مسبقا حينئذ أرصد له إمكانيات وعمل دؤوب لأقدمه للقارئكاملا.وأكتب بحرية تامة متى أمسكتبالقلم وأتناسى تبعات ما يأتي بعد النص في أي حقل كان. 

س- 3- في تصوري أن العمل التخصصي هو الوسيلة الناجعة في التنمية الثقافية والتطوير المعرفي، على هذا الأساس نجد أن معظم كتاباتك تتوزع بين حقول وميادين كثيرة : هل بإمكانك إعطاء صورة عن راهن الكتابة لديك ولماذا هذا التنوع  ..؟؟ أم هو الافول والتشتت بحد ذاته . 

ج- ذكرتُ سابقا أن الكاتبرسول طالما لديه إمكانية حمل رسالة وأنا لا أتعمد التنوع بقدر ما يفرض التنوع نفسهعليَّ، على أن الكتابة في أي حقل كانت غير منفصلة عن غيرها من الحقول وهي مسألةإمكانات ولا مقصد لي من التنوع سوى إرسال رسالة  إلى العالم بمختلف الطرق رغبة فيالتغيير  . 

س4-- تكتبين الشعر والقصة فيبدو أن هناك إمالة صريحة للشعر في كتاباتك القصصية حبذا لو تفسرين هذه الإشكالية للقراء ..

ج- من المؤكد أن كتابتيللقصة في لبوس شعري ليس محض صدفة بل لقناعتي التامة بأن القصة السردية الحكائيةالرتيبة ما عادت أمتعت القارئ ولا لفتت انتباهه ولأن القارئ جدير بأن يقرأ قصةجميلة ، وأن نحكي له من خلالها قصته  التي عندما يقرأها يشعر بنفسه بطلها الحقيقيفتحرك دواخله وتفصح بالنيابة عنه، وإذا كان في هذا النوع من الكتابة ثمة إشكاليةفهي ليست بالكبيرة بقدر ما أنها أسلوب  يقدم للقارئ ما يمتعه ويشعرهبحيويته. 
س- 5- بما انك تكتبين في أكثر من حقل ومجال ، قصة -  شعر-  مقالة - بحث - فهل لديك قدرات كتابية وفكرية في أن تتفردي في كل هذه الحقول وإذا لم يكن ذلك فما معنى الكتابة ...؟

ج- كتبت البحث الاجتماعي منذفترة طويلة والشعر كان السباق بعد ذلك جاءت القصة التي أنتمي إليها كما أشعر، ألفتقصصا كثيرا بعضها واقعي وبعضها من صنع خيالي وذاتي التي تشعر بالموجودات كافة علىسطح الأرض أسبغ عليها طابع الحياة وأحركها كيفما أشاء ولكن مسألة التفرد في كتابةنوع من كل تلك الحقول ليس قرارا وإنما المسألة تتعلق بالإمكانية والقدرات والموهبةالتي يمتلكها أي كاتب،وبالنسبة لي عندما أجد نفسي بأنني ما عدت أملك ما هو جديدلتقديمه للقارئ حينئذ سأعلن بكل قوة وجرأة وصراحة انسحابي من أي ميدان وسأكتفي بماأنا قادرة عليه لئلا أتطفل على مجال أنا  غير قادرة على الخوض فيه. 

س- 6– عبر قراءتي لبعض قصصك ألاحظ بأنك لا تتقيدين بأسلوب السرد القصصي المتعارف لدى القراء .. فمثلاً لا تتقيدي بالحدث - المكان - الزمان – الحوار – الشخوص – لماذا هذه الكتابة المفتوحة وكيف تسمينها القصة ..

ج- عالم القصة عالم آخر محفوفبالتساؤلات وعصي على الكثيرين حتى بعض الذين توجهوا إلى الرواية التي تعمد الكثيرالتوجه إليها ليظهر بحلة الأديب وكأن الروائي وحده أديب السبب الذي أدى إلى ترديمستوى الرواية العربية في الآونة الأخيرة ،أترك القصة أحيانا بباب مفتوحعلى مصراعيه لأسمح للقارئ بالتدخل في وضع نهاية يرغبها ويراها الأجدر والأصدق ليشعربأنه غير منفصل عن العمل الذي أقدمه له وبذلك نكون نحن الاثنين ساهمنا في عمليةالبناء المتينة تلك، وهي قصة طالما هناك فكرة محورية تدور حولها الأحداث أنالا تهمني الطريقة بقدر ما تهمني عملية الوصول. 

س- 7- هل تريدين أن تخلقي أسلوباً أو نمطاً جديداً للقصة ،وهل هناك من الكتاب من يكتب بطريقتك حبذا لو تفصلي لنا الفكرة بصورة جلية ..؟ 

ج- العمل الأدبي هو بالدرجةالأولى مسألة خلق وإبداع فإما أن أكون أو لا أكون ، دوما أسعى إلى خلق ذلك الجديدالذي يغير من مزاج القارىء ويقدم له الفائدة والمتعة وفكرة طالما بحث عنها، لستالوحيدة ممكن سلكوا هذه الطريقة في كتابة القصة ،منذ أكثر من خمسة وعشرين عاما كانتالفكرة مطروحة من قبل إدوار الخراط ،مسألة الكتابة الرمزية والشعرية والآن نجدالكثيرين أمثال إبراهيم كلش وأيمن الأحمد وسوزان إبراهيم  وغيرهم. 

س8-- " بقايا الروح " عنوان قصة من مجموعتك " أيام فيما بعد " لكن لو غيرنا هندستها أو حركنا اسطرها وجسدناها في شكل معين ألا تصبح قصيدة نثرية برأيك ..؟؟ فماذا تقولين ..؟

ج- بقايا روح ليست قصة ،لكن أنا التيابتدعتها لتكون كمقدمة أو توطئة أبدأ بها مجموعتي  على أن قصصي هي نبوءات.وقد جسدتها في لبوس شعري أو قصصي ربمالأخرج من محنة القوالب الجاهزة والمقدمات المعلبة مجانا.

س9- عند الخوص في " أيام فيما بعد " وجدت فيها مجموعة من الكتابات : قصص- لا زمكان لها وأخرى واقعية - و نصوص نثرية ،وفلاشات ،ورؤى أيديولوجية ، من هنا كيف استطاعت وجيهة عبدالرحمن أن تجمع كل هذه المذاهب وتطلقها في كتاب واحد ..؟

ج-المذهب الأهم الذي أنتميأليه هو أنني أديبة ولي عدة طرق في طرح الفكرة، القصة التي كتبتها بدون زمان أومكان هي في قرارة نفسها قصة محسوسة وواقعية فعلا ،ولكن تركت كامل الحرية لخياليليتلاعب بالأحداث بعيدا عن أي انتماء مكاني أو زماني ليعتبرها الكل قصته الخاصة أوليكوِّن حولها فكرته الخاصة ،الرؤى الأيديولوجية هي عصارة فكر وثقافة، باختصار شديدالكتاب هو مجموعة قصصية بامتياز بغض النظر عن نوعية القصية التي أدرجتها فيها سواءأكانت فلاشات أم قصة أما النص النثري فلم يحفل كتابي أيام فيما بعد بأية نصوصنثرية. 

س10- أنت من الكاتبات اللواتي يكتبن قصصاً قصيرة جداً ،الموسومة بـ ( ق، ق، ج ) هل تعتبرين هذا النوع مذهباً من مذاهب القصة القصيرة أم إنه رؤية اقتصادية لغوية لعالم القصة القصيرة ..أم ماذا ..؟؟

ج- كتبت العديد منها فقط ،ولكنني أعتبرهاقصة وفناً أدبياً سيأخذ مجراه مستقبلاً طالما أن هذه القصة القصيرة تؤدي الغايةالمرجوة منها.

س-11- لاحظت في مجموعتيك بأنك تحت سطوةكتابات الروائي الكبير " سليم بركات " هل هي صدفة أم إنها نتيجة تراكم ثقافي عميق لذا من الطبيعي أن تتزاحم وتترادف وتتوارد في تعبيراتك وبقوة هذه الكلمات : كـ القمر المصلوب على عتباتك، مرافئ اللذة ، ظلمات المهالك، سراديب الأحلام ، خزف الإفرنج ، روحك الحالمة تلج ، انقضاض المساء، دكنة الدغل الرمادي ، تلملم روحي بقايا أجراسها ، يا روحي الهائمة ، يبلل حشرجة الموت، يقبع لهاثك في مقلتيه.. حبذا لوتعطينافكرة عن توارد هذه المفردات.. ؟

ج- هذا شرف كبير لي أن أتمكنمن الكتابة بأسلوب سليم بركات الذي عصي على الغالبية العظمى من الكتاب والروائيين ،ولكن أجزم بأن ما قرأته لي في مجموعتي" أيام فيما بعد " ومقدمتي للكتاب"  بقايا روح "لاعلاقة لها مطلقا بتأثري بسليم بركات الكبير، ربما هناك تراكم ثقافي أو حالة منالكمون الطويل لمفرداتي أو أن سليم كان منذ الأزل قابعا في لاشعوري وخرجعنوة.

س- 12- هللديك قصص قصيرة باللغة الكردية وهل تفكرين بإصدار قصص بهذه اللغة ..؟

ج- الكتابة باللغة الكرديةليست سهلة وبسيطة كما يتخيلها البعض، أتمنى أن أتمكن ذات يوم من الكتابة القصصيةبلغتي الأم وعلى أصولها أي أن لا أكون دخيلة أو أكتب قصة هزيلة فقط لأعلن عن نفسيبأنني ها أنا ذي أكتب بلغتي أيضا مع أنني أكتب الشعر الكردي، الآن لدي محاولاتلكتابة القصة أتمنى أن أنجح فيها. 

س- 13- باعتبارك امرأة وتكتبين القصة ،كيف تنظرين إلى قضايا المرأة والصعوبات التي تعترض طريقها ،وخاصة أن المرأة الجزراوية تعاني الكثير..فهل تطرحين هذه المسائل ..

ج- المرأة منذ الأزل كانتمهمشة ، حتى في مرحلة الأمومة التي اعتبرت فيها سيدة المجتمع وسيدة نفسها، أنالاتهمني تلك المرأة التي تظهر على أغلفة المجلات بكامل تبرجها وعارية ،ولاتهمنيالمرأة الجالسة خلف الطاولات الفخمة على أنها سيدة أعمال ، أنا يهمني ما يجري داخلمنزل هذه المرأة أو تلك قبل أن تنطلق إلى عملها، هذا الكائن الجميل الذي ما يزاليعاني الكثير الكثير بالرغم من المظاهر التي تدل على تحرره من جلباب الآباءوالأزواج والأبناء والأخوة. ولئن البيئة الجزراوية ما تزال عالقة بين القبليةوالتحضر فالمرأة فيها مشوشة الذهن لا تعرف أينما تتجه، وقد وجدت من واجبي أن أخصصلها مساحة كافية من كتابتي لأعبر عن همومها وما يعترض طريقها من معوقات تقف سداًمنيعا أما أظهار إمكانياتها العظيمة في دفع الحياة إلى الأمام وإحداث تغيير واضح فيمفاصل الحياة. 

س -14– ما المشاريع التي تخوضها الآن الكاتبة والباحثة وجيهة عبد الرحمن وفي أي حقل تحرث ..؟؟

 ج - الحياة مستمرة وعجلتهاتدور بسرعة لذا لابد من مواكبتها ، كلٌّ من مكانه لذا فأنا كل يوم لدي جديد إن لميكن بالكتابة فسيكون مشروع ذهني أو فكرة وفي لقاء سابق لجريدة الجمهورية والعالمأعلنت عن كتابتي لمشروع قصصي متكامل وقد انتهيت منه والرواية ما زلت أعمل عليها وقدحجزت لها مدة زمنية طويلة لأقدمها رواية حقيقة..؟

 

 

Hisen65@gmail.com