جاءت الزيارة المفاجئة للسيد رياض حجاب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات للمعارضة السورية، إلى إقليم كردستان العراق ولقاءه مع الرئيس مسعود بارزاني،
وممثلي لجنة العلاقات الخارجية في المجلس الوطني الكردي، بعد أيام قليلة من اختتام الجولة الثانية من مفاوضات جنيف 3 بين وفدي المعارضة والنظام، وما رافقها من تصريحات مسيئة للكرد من قبل رئيس وفد المعارضة السورية المدعو أسعد الزعبي، وخلو وثائق المعارضة ومبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا السيد ستيفان دي مستورا من الحقوق القومية للشعب الكردي في سوريا، وما نجم عن ذلك من أزمة عميقة في الشارعين السياسي والجماهيري الكردي، في محاولة لتطويقها وضمان استمرار مشاركة الكرد في الجولات القادمة للمفاوضات.
ورغم ما تحملها هذه الزيارة من دلالات جوهرية على أهمية الكرد ودورهم في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ سوريا، وضرورة مشاركتهم بفعالية في مجريات العملية السياسية الجارية الآن في جنيف، لرسم ملامح سوريا المستقبل، إلا أن ذلك غير كاف ويجب أن لا يثني ممثلي المجلس الوطني الكردي من المطالبة في الجولات القادمة من المفاوضات بتثبيت رؤيته السياسية المتعلقة بـ " الحقوق القومية للشعب الكردي وشكل الدولة السورية المستقبلية وضمان حقوق جميع مكونات الشعب السوري.. "، في وثائق المفاوضات، خاصة وأن المجلس الوطني الكردي، لديه تجربة مريرة جداً مع المعارضة السورية، فيما يتعلق بمسألة التراجع عن نصوص الوثائق المكتوبة أو التهرب منها وعدم تطبيقها، وللتدليل على هذا الأمر نذكر بالوثيقة الموقعة بينه وبين الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في 27 أب 2013 حيث وبعد إقرارها بفترة وجيزة أصدر – الائتلاف – قانوناً باسم: " الحفاظ على السيادة الوطنية "، ينص على ما يلي: " يلتزم الائتلاف بأن تخضع كافة الاتفاقات والمعاهدات والمواثيق التي تبرمها أي جهة سياسية سورية، إلى مصادقة أول مجلس نيابي منتخب، وله حق إقرارها أو تعديلها أو إلغائها. "، بمعنى إن الاتفاقية الكردية اليتيمة مع المعارضة السورية – رغم الملاحظات عليها - فقدت معناها وقوقتها بمجرد صدور القانون المذكور، كما أنه وفي التطبيق العملي لم ينفذ منه إلا الجانب التنظيمي الإجرائي، ليبقى الجوهر مجرد حبر على ورق محفوظ في الخزائن، حيث لا تزال المراسلات بين الائتلاف والمؤسسات التابعة له من جهة وبينها وبين العالم الخارجي من جهة ثانية، تتم تحت اسم " الجمهورية العربية السورية " رغم أن البند " 11 " من الاتفاقية تؤكد على ما يلي: " كما أن الثورة السورية العظيمة تبنت علم الاستقلال كرمز سيادي لها، فإننا نتبنى اسم الدولة السورية في عهد الاستقلال. "، وإذا كان هذا هو حال الوثائق المكتوبة مع المعارضة السورية، فكيف سيكون عليه الأمر مع الكلام الشفاهي المجرد والوعود الارتجالية الشخصية بـ " أن سوريا الجديدة سوف توفر لكل مكوناتها حقوق متساوية وبضمانات دستورية.. وأن الكرد سيتمتعون بحقوقهم القومية كاملة.. "، من قبل السيد حجاب.
خلاصة القول: لا شك في أهمية هذه اللقاءات في المرحلة المفصلية التي تمر بها سوريا، وهي تساهم في تقريب وجهات النظر حول مختلف القضايا التي تخص المستقبل، وإزالة المخاوف والهواجس بين مكونات المجتمع السوري، وتعزز من موقف المعارضة في مواجهة نظام أدمن الإجرام وعمل على تمزيق المجتمع وتفتيته بكل الوسائل والأساليب المتاحة، ولكن كل ذلك يجب أن لا يعفينا من العمل على ترتيب البيت الكردي وترميمه وتوسيع المشاركة الكردية في المفاوضات، لأنه وحده الكفيل بتقوية موقف المفاوض الكردي، والذي سينعكس إيجاباً على موقف المعارضة، المطالبة بحق إن تعمل على صياغة رؤيتها لسوريا الجديدة، تضمن الحقوق القومية للشعب الكردي وحقوق جميع مكوناتها في دولة ديمقراطية تعددية يحكمها مبادىء الحق والقانون.