نحن نسعى لتحقيق اهدافنا بوسائل عديدة . ولكن ذلك لايجب ان يكون باي ثمن . فالنتيجة الايجابية لاي هدف سوف لن تكون جيدة اذا كانت الأساليب المستخدمة ضارة بالآخرين او غير اخلاقية.
ولذلك فان الغاية لايمكن ان تبرر الوسيلة.
هذا المنطق الانساني لاينطبق كثيرا في حياتنا العامة مع الاسف ، فهناك العديد من الأشخاص يسعون لتحقيق اهدافهم بغض النظر عن الوسائل المستخدمة ، وهم يبررون أفعالهم غير الأخلاقية، والخاطئة تمامًا بدعوى تحقيق اهدافهم.
هذا المبدأ غير الاخلاقي واللاانساني اكده نيكولو مكيافيلي، السياسي الإيطالي الشهير في القرن السادس عشر . حيث كان يعتقد أن صاحب الهدف باستطاعته أن يستخدم الوسيلة التي يريدها أيا كانت وكيفما كانت دون قيود أو شروط.
وهو بذلك يكون أول من أسس قاعدة الغاية تبرر الوسيلة.
واعتبرت هذه القاعدة الانطلاقة الأولى لكل سياسي وصولي ، حيث يضعها نصب عينيه ويتبناها لتبرير هدفه في الوصول الى السلطة.
انه يرى في السلطة الشرف والجاه المحروم منهما.
وهذا مع الاسف مايجري عندنا هذه الايام ، كما في العصور الوسطى والانظمة الديكتاتورية.
ان المنطق الميكافيلي هذا يستخدمه الساسة المخادعين بغض النظر عن اتجاهاتهم الفكرية.
فمن يتبع الأساليب غير الأخلاقية للوصول إلى السلطة، ما هو إلا شخص أناني يفتقر الى الامانة والاستقامة.
والخطورة تكمن عندما تنقلب الوسيلة الى غاية . فالاحزاب السياسية وجدت لتحقيق اهداف سامية لجمهورها وبالتالي لمجموع الشعب . وبدلا من ان تكون السلطة وسيلة لتحقيق هذه الاهداف تتحول السلطة الى غاية . فتكون غاية الحزب الوصول الى السلطة باية وسيلة ،
وبذلك ستركز الاحزاب على الاستيلاء على السلطة أو الحفاظ عليها ، فتصبح الوسيلة هدفا قائما بذاته فتقوم بتعبئة الناخبين حتى يمنحوها أصواتهم ويوصلونها إلى السلطة.!
ومن هذا المنطق فان هدف تطبيق الديموقراطية في بلد ما لايمكن ان يتم بقتل وتهجير آلاف الاشخاص واساءة معاملة الملايين.
وبالتالي فان القاعدة وداعش وغيرهما من الجماعات المتطرفة ماهي الا وليدة هذا المنهج السلوكي الشاذ واللااخلاقي.
ان مانشاهده الان من الحروب العبثية وعمليات التهجير والتغيير الديموغرافي لغايات طائفية، ماهو الا توظيفا للمنهج الميكافيلي في ان الغاية تبرر الوسيلة.
وينطبق ذلك ايضا على مانشاهده
من توظيف الدين والمذهب للسرقة والفساد ونهب اموال
الدولة بحجة تحقيق اهداف دينية ، او الحفاظ على المقدسات.
ان تحقيق اهداف الحزب لايمكن ان تتم عن طريق نهب الدولة او سرقة المواطن فمثل هذا المنطق لايمكن القبول به تحت اي ذريعة.
ويندرج تحت هذا المفهوم ايضا القمع المنظم للدولة تجاه شعبها بكل الوسائل المتاحة ، ودون أي وازع ديني او أخلاقي لكون الساسة يعملون للحفاظ على مناصبهم وامتيازاتهم على وفق المفهوم الميكافيلي الذي يتعارض مع المنطق الأخلاقي والديني السليم.
ان علينا التذكير ان الهدف السامي لايمكن تحقيقه الا بوسائل مشروعة واخلاقية . اما من سار على المنهج الميكافيللي في كون الغاية تبرر الوسيلة فلا يرجى منه خيرا.