هوزان أمين- سنتحدث هذه المرة من سلسلة حلقات "فلنتذكر مبدعينا" عن شاعر مؤمن وصادق بقضية شعبه، ولم يتنازل عنها ويتأخر وكان في مقدمة الوطنيين في الايام الصعبة ولم يتنازل قيد انمله عن حقوق شعبه، هذا الشاعر الذي تلظى بنار حبه لوطنه،
وذو القلب المعذب، يحلم برؤية بزوغ فجر الحرية على وطنه كوردستان، هذا الشاعر الذي لقب نفسه بـ " بى بوهار" اي الذي يفتقد فصل الربيع في تقويمه السنوي، وهو الفصل الجميل الذي ينتظره الناس خلال العام، كان حزيناً وسقططت اوراق اشجاره ولم تزدهر، كتب اول قصيدة في داخل سجون النظام السوري، انه الشاعر يوسف برازي ( بى بهار) الذي توفي عن عمر يناهز 78 عاماً قضاها في شقاء ومعاناة طويلة، وحياة زاخرة مليئة بالقصيدة والشعر والكلمة الطيبة التي اصبحت اغاني على شفاه المطربين، والذي يصادف 15 كانون الثاني ذكرى وفاته الخامسة، وتقديراً واحتراماً لروحه الطاهرة اردت التذكير به وبخدماته للادب الكوردي.
نشأته:
ولد يوسف علي شيخو الملقب (بى بهار) عام 1931 في قرية تل جرجي شمال مدينة الباب في محافظة حلب، و في عام 1954 انتقلت عائلتة إلى مدينة سري كاني "رأس العين" في محافظة الحسكة، ويعود بجذوره الى من مدينة كوباني" عين العرب" حيث هاجر اجداده الى منطقة الباب، بدت عليه علامات الابداع والنباغة منذ ريعان شبابه، حيث كان ملماً بالقراءة وحب الموسيقا، وقرأ وحفظ عن ظهر قلب دواوين ل ( ملاي جزيري ، أحمدي خاني ، الشيرازي ، الفردوسي و غيرهم ) وكذلك كان محباً ومهتماً بمسألة البحور الشعرية و تفعيلاتها والأغاني و الملاحم الكوردية القديمة، وتعرف على المثقفين والشعراء الكورد ايام زمانه كالشاعر الكبير جكرخوين، حيث شجعه على كتابة الشعر، وكذلك تعرف على الكاتب واللغوي الكوردي رشيد كورد وعلمه قواعد اللغة الكوردية والتي اصبحت الاساس له في مسيرته الشعرية، وكان الراحل يتمتع بروح النكته و الفكاهة إلى جانب سرعة بديهيته تجاه المواقف والأحداث، ويعرفه جميع الناس ويعرفون محله الذي يعمل فيها كحلاق في مدينة رأس العين.
قصيدته المشهورة (حبس و زندان)
يقول في احدى مقابلاته انه في العام 1966 بدأت حملات اعتقالات واسعة النطاق بحق الشباب الكورد المنضوين الى الحركة السياسية الكوردية في سوريا، فاعتقل هو ايضاً ضمن تلك الحملة مع اشخاص آخرين من رأس العين، فزج في السجن المنفردة ونظراً لشدة التعذيب الجسدي والنفسي الذي لاقاه في السجن، يقول "تناولت عود كبريت و كتبت على حائط المنفردة المطلي بالكلس الأبيض قصيدة (حبس و زندان) فجعلت علم كوردستان كهدف و شبهته بوردة ثلاثية الألوان، فكانت أول قصيدة كتبتها في حياتي وانا في السجن" ومنذ ذلك الوقت واظب على كتابة القصيدة النثرية حتى بعد خروجه من السجن، وكان على الدوام يأخذها الى الشاعر جكرخوين ويراجعها له ويعلمه على اخطائه ويشد من ازره.
سمات اسلوبه الشعري
اتسم أسلوبه الشعري بالكلاسيكية و بالوضوح والشفافية في رسم ملامح قصائده التي غنيت بألفاظ وكلمات جميلة وذو بلاغة عالية نظراً لاهتمامه بالتراث الكوردي الشعري وكانت اغلب قصائده عن السياسة ووطنه المسلوب والتاريخ والحكايات والملاحم الغنائية وعن الحب والطبيعة والجمال، كما كتب شعر التفعيلة وكذلك قصيدة النثر التي برع في تجسيد الحياة الكوردية والآلام والمحن التي مر بها شعبه الكوردي، لهذا عرف عنه انه شاعر الفنانين وكل من يبحث عن كلمات ليحولها الى اغنية، حيث لحنت العشرات من قصائده واصبحت اغاني مشهورة، كما كان يمتاز بتشجيع الشباب على العلم و النضال وحب الوطن وكان يقف في وجه العادات الاجتماعية البالية.
الشعر والموسيقا
لا يمكننا فصل الشاعر بى بهار عن الموسيقا فقد كان بارعاً في وضع كلمات الاغاني وكذلك تلحينها ولا سيما الاغاني الوطنية والعاطفية، فمن قصائده المعروفة والتي تركت الاثر الواضح في نفوس الناس والتي غناها الفنان الراحل محمد شيخو ( Hebis û zindan, rabe ji xewê, derdan çi ez dil jar kirim، وغيرها الكثير) كما قام الاخوين محمد علي شاكر ومحمود عزيز شاكر، بغناء العديد من كلماته والحانه، وسجلها الفنان محمود عزيز في راديو بغداد القسم الكوردي مثل ( Gulîzar şînbû rîhan, perwîn غيرها الكثير ) كما غنى له الفنان سعيد كاباري وزبير صالح و مصطفى خالد...الخ
خاتمة
بى بوهار الذي لم يتوانى في الدفاع عن شعبه وعمل بكل ما يملك من اجل حقوق وثقافة شعبه، والذي اعتقل على اثرها لمرات عديدة، شارك في مهرجانات شعرية عديدة وقبل عامين من رحيلة زار اقليم كوردستان وانتشى قلبه برؤية العلم الكوردي يرفر عالياً، ونال جائزة جكرخوين للابداع الشعري، وترك خلفه خمسة دواوين مطبوعة هي )zindanالحبس، Bangنداء،Raperînانتفاضة،serxwebûn استقلال،Pêşketin التقدم(وكذلك عدة نتاجات لم ترى النور، منها كتاب بعنوان حكم فلسفية كوردية بجزئيين، و الثاني قاموس كوردي – عربي و عدة دواوين شعرية جاهزة للطباعة ، عانى الراحل في حياته من امراض كثيرة منها داء السكري و البروستات وضغط الدم وآخرها ورم في الدماغ والذي توفي على اثره في الخامس عشر من كانون الثاني 2009 في مدينة سري كاني و دفن فيها.
التآخي -العدد والتاريخ: 6761 ، 2014-01-19