لم أره منذ أربعين عاماً، ولكني من خلال النافذة الزجاجية لـ " مقهى الشموع" في القامشلي حيث كنت جالساً إلى طاولة محاذية لتلك النافذة لمحت رجلا طويل القامة يمشي على الرصيف المقابل للمقهى، فقلت لنفسي إنه الحارس "فوزي أسو" و فعلا صدق تخميني وكان الرجل المذكور هو " فوزي أسو بذاته ".
لنعد إلى الوراء 47 عاماً، أي إلى العام 1965 حيث كنت أشاهد أول مباراة يلعبها "فوزي أسو" وكانت المباراة بين فريقي المغاوير(فريق عسكري) والحرس القومي(الرافدين المنحل من قبل السلطات المحلية)، إذ كان "فوزي أسو" حارساً لمرماه.
لقد أبدع "فوزي" في تلك المباراة وأنقذ مرماه من كرات خطيرة سددها لاعبو فريق المغاوير وانتهت المباراة إلى التعادل السلبي (0-0) .
وبعد الانقلاب البعثي الثاني في 23 شباط عام 1966 تم حل فريق الحرس القومي. بعد ذلك لعب فوزي مع فريق الشبيبة الأرمني (الهومتمن سابقا). وفي شهر آذار من العام ذاته أقيمت مباراة مهمة بين نادي الشبيبة و نادي الحسكة وكان يحرس مرمى الحسكة الحارس العملاق "جورج مختار" الذي التحق فيما بعد بفريق الجيش السوري. لم تكن أرضية الملعب البلدي في القامشلي معشبة آنذاك. و الأصح هو القول بأن أرضية الملعب كانت موحلة في ذلك اليوم بسبب هطول أمطار غزيرة قبل موعد إقامة المباراة بـ (36) ساعة فأتى المسئولون بـ(مدحله) لتسوية أرضية المعلب التي لم تنشف بعد، و لسوء حظ اللاعبين و الجمهور لم تتم تسوية أرضية الملعب بشكل جيد فبقي نصف المعلب تقريباً دون تسوية مما كان يؤدي إلى تطاير الكرة عند ارتطامها بالأرض في اتجاهات غير متوقعة بالنسبة للاعبين. وهنا أتذكر تلك الكرة الماكرة التي أرسلها احد مهاجمي الحسكة إلى مرمى فوزي أسو وكادت أن تكون هدفاً لو سقطت على الأرض، لكن فوزي أدرك بذكائه خطورة الموقف فرمى بنفسه على الكرة قبل ارتطامها بالأرض وأنقذ مرماه من هدف محقق 100%.
وفيما بعد زادت متابعتي لتدريبات و لعب الحارس فوزي الذي كان دائما نجماً لامعاً في تشكيلة فريقه وخاصة في تلك المباراة التي جمعت ما بين منتخبي القامشلي و ديار بكر. و رغم خسارة القامشلي (0-2) ، إلا أن فوزي رد كرات عديدة للاعبي ديار بكر.
وفي صيف العام 1969 نجح فوزي أسو مع فريقه "هيئة رميلان" من الفوز "بكأس الجمهورية السورية" بعد أن هزموا "فريق قوى الأمن الداخلي" (2-0) وهو ثاني أقوى فريق في سوريا بعد "فريق الجيش" وبذلك نقلوا الكأس لأول مرة إلى خارج العاصمة دمشق . بعدها لعب فوزي أسو مع منتخب عمال سوريا ولمع نجمه في مباريات عدة ثم انتقل عام 1973 إلى فريق الهومتمن اللبناني و نجح هناك أيضا رغم تقدمه في السن.
إذا كان الحارس فوزي في الملعب زكياً و سريع الحركة و خبيراً في التصدي لضربات الجزاء فأنه في تعامله مع زملائه كان هادئاً ، وقوراً ، ومحبوباً جداً.
وأخيراً يجب القول بأنه في تلك الحقبة الزمنية البعيدة لم تتوفر الفرصة للاعبي القامشلي من اللعب في أوربا و لو سنحت الفرص لهؤلاء اللاعبين من اللعب هناك لأبدعوا وحققوا نتائج طيبة .
ومن المفيد هنا التذكير ببعض الأسماء المرموقة للاعبي ذلك العهد ومنهم : فوزي أسو، سعيد نعوم، حنا نصري، فاسكو ، على عثمان(جهاد) و غيرهم و غيرهم ممن أدخلوا البهجة والسرور في نفوس عشاق كرة القدم في القامشلي .