الاحتجاجات التي اندلعت شرارتها من كردستان الشرقية لها مدلولها السياسي الكبير، حيث يتعرض الشعب الكردي إلى اضطهاد كبير بسبب الانتماء القومي، ولغته تتعرّض لحرب كبيرة، فيواجه معلمو اللغة الكردية عقوبات فاسية تصل إلى السجن والقتل.
هناك إحساس كبير لدى الأقليات غير الفارسية، من الكرد والبلوش والعرب، أنّ الاضطهاد القومي أو الديني الذي تتعرض له من النظام الديكتاتوري نابع من طبيعة النظام نفسه، المتحكم برقاب البلاد، وأن الثورة التي مازالت مستمرة إنما اشتعلت في وجه الظلم، ولانتزاع الحقوق المسلوبة وليست لغايات انفصالية كما يروج لها النظام، ولخّصت إحدى اللافتات مفهوم انخراط الشعوب الإيرانية الأخرى في ثورة الشعوب الإيرانية لنيل الحريات حيث كُتب على اللافتة التي رفعها المتظاهرون بلوجستان، الجمعة الماضي: «لو كان الأكراد والبلوش انفصاليين لقاتلوا ضد إيران لا من أجلها».
النظام يقوم بتصدير أزماته إلى الخارج كلما واجه احتجاجات الشعوب في الشارع، وهذا من طبيعة الأنظمة الشموليات في إدراة الأزمات، وما الضربات العدوانية والهجمات الصاروخية على إقليم كردستان لاستهداف مخيمات اللجوء، ومكاتب الأحزاب السياسية إلا أسلوباً لتوجيه الأنظار إلى أمور خارجية لتبرير قمعها وتوجيه تهمة التعامل مع الخارج إلى المحتجين.
الأمر لم يكن مجرد صدفة، أن يوجّه النظام صواريخه إلى اللاجئين العزل، وإطلاق تهديدات ضد الإقليم، في الوقت الذي توقم تركيا بقصف المناطق الكردية في سوريا وتدمير البنى التحتية ومراكز الطاقة. الضربات المشتركة جاءت بتنسيق كبير وتبادل معلومات استخبارية على مستوى عالٍ بين الدولتين، رغم صراعهما الخفي تارة والعلني أخرى منذ مئات السنين، لكن يتفق الطّرفان إذا تعلّق الأمر بالمسألة الكردية.
:........ «الموت للديكتاتور»، و«الموت لخامنئي»، و«الموت للظالم، سواء كان الشاه أو المرشد»
مهّدت ثورة الكرامة الإنسانية السبل أمام النساء القابعات وراء الحجاب ليمزّقن ستار الخوف ويواجهن آلة القتل الديني، ما عزّزت إرادة الأقليات المضّهدة لاستعادة الثقة بنفسها، وتنظيم أنفسها لإسقاط أحد أكثر الدكتاتوريات قمعاً وشراسة. ورغم التضحيات المرتفعة منذ البداية إلا أنّ الرقعة تتسع مع الوقت، فقد أفادت وكالة نشطاء حقوق الإنسان (هرانا) بأن «عدد القتلى في صفوف المحتجين وصل إلى 462 شخصاً، بينهم 64 طفلاً، حتى الخميس الأول من ديسمبر (كانون الأول) ». واعتقال 18206 أشخاص في 157 مدينة و143 جامعة شهدت احتجاجات منذ وفاة الشابة الكردية مهسا أميني في 17 سبتمبر. وقضى 61 عنصراً من قوات الأمن نحبهم.
هذه المعطيات تؤكّد على إصرار الشعوب الإيرانية على استمرارية الثورة حتى تحقيق أهدافها، وتعكس مدى انحطاط التصريحات الرسمية للنظام بدءاً من رأس الهرم علي خامنئي الذي أكّد أنّه سيقضى على المشاغبين، في إشارة إلى الثوار.