Share |

كلمات عابرة ... روني علي

روني علي

 

يحق لنا، نحن المعذبين في الأرض، والمقهورين في التعبير عن هواجس الذات وآمال المستقبل، بحكم القمع " الأبدي" الذي يتلاطم فوق صدورنا وعقولنا، ويحيل معه كل شيء إلى تابوات ومقدسات، لا مكان لكل من يود الاقتراب من تخوم الرأي، أو المساس بالبنية التي فرضت، أو التحرش بالمنظومات التي أضفت على نفسها – بحكم الممارسة والاستمرارية – هالة من القداسة، أن يجد لنفسه موطئ قدم،

أو مساحة كي يمارس من خلالها طقوس الحياة ونسغ الاستمرارية، وبالتالي يلجأ مرغماً إلى ممارسة الذات عبر ترنيمات وإيماءات وإيحاءات، عله يتمكن من خلالها طرح الشحنات والاختلاجات والتركمات، في خطوة لإرضاء الضمير والتنفيس عن الوجدان، وينأى بنفسه عن التهلكة وشرور تصفية الحسابات، وسط حالة من الاندحار والاندثار، وذلك حتى يتمكن من تجاوز عقدة الفوبيا وأسطورة الغد اللامنتمي، ضمن ثقافة تهتك الحلم وتبتر الأمل، وضمن إحداثيات أخلاقية تبيح المحظورات في سبيل الأنا ومن أجل تضخم الذات..

   نحن الذين لا مكان لنا في أن نمارس ذواتنا عبر إرادتنا، وإرادتنا عبر ما ندعيه من تغير وتغيير ومستقبل أفضل، محكومون إلى أن نتواصل مع الآخر عبر الكلمة، كما نحن محكومون بالأمل حيال المستقبل، كوننا نعشق الجمال ونسعى لبنائه وإعادة تنسيقه إبان كل سقوط أو تشويه، وإن كنا ندرك أن الكلمات لا مساحة لها وسط دائرة التزاحم والتصارع من وعلى صهوة الارتزاق والولاءات، تلك الظاهرة التي أفسدت القيم ونخرت الأخلاق، بحيث أضحت معها الكلمات سطحية ولا معنى لها، خاصةً حين تصطدم بالعقم الذي طغى على الفكر أمام حالة اللامنتمي، والتسطيح الذي غزا المجتمع وهو يئن تحت وطأة ثقافة الاستبداد من جهة، ويرزح تحت رحمة القرارات التي تصنع وتنبع من جانب البعض من الذين يتسلقون سلالم النضال على حساب قدسية القضايا وعدالة الحقوق، إما ارتزاقاً أو تهرباً من عقد النقص التي تلاحقه، خاصةً إذا كان في موقع يستطيع من خلاله أن يطرح نفسه للآخر وعليه على أنه مسؤول، وبالتالي لا ينفكون عن ارتكاب أبشع الممارسات بحق النضال في سبيل البقاء وإدامة الارتزاق واستمرارية المسؤولية من جهة أخرى..

    ترى هل تبقى للكلمات في المناخات السائدة مساحتها ووقعها ومكانتها واستمراريتها في زواياها الموسومة بمواقف مسبقة الصنع، أم أن علينا أن نحتكم إلى الغد حتى يقول رأيه ويصدر حكمه...