انه قدير مثل اسمه شاعر وأديب ومثقف ومترجم كوردي مناضل ووطني خدم الادب والثقافة الكوردية خدمات جليله، سأستهل هذه الحلقة من سلسلة لنتذكر مبدعينا بقصيدة (عاد الأسد الى الوطن) حيث يقول:
عاد الأسد الى الوطن
أشرقت شمس كوردستان
أبشركم عاد البارزاني
لقد عاد الأسد الى عرينه
ابشركم لقد عاد البارزاني
القيت هذه القصيدة حين زار قدري جان بغداد بعد ثورة 14 تموز 1958 وعودة البارزاني الخالد من الاتحاد السوفيتي السابق الى وطنه بعد لقائه بالبارزاني للمرة الثانية في الاتحاد السوفييتي السابق اثناء ذهابه الى موسكو ضمن وفد الشبيبة الكوردية لحضور مهرجان الشبيبة العالمي السادس في موسكو، زار حينها للمرة الأولى البارزاني الخالد الذي كان في الاتحاد السوفيتي واهداه أثناء الزيارة قصيدته المشهورة (قائد الأكراد، البارزاني).
حياته :
تشير اغلب المصادر الى انه ولد عام 1911 في ديريك ( جبل مازي) التابعة لمحافظة ماردين بشمال كوردستان ( تركيا) واسمه الحقيقيعبدالقادر بن عزيز جان المشهور بـ(قدري جان) كان ولداً محظوظاً حيث اهتمت به عائلته وأدخلته المدرسة في ذلك الزمان ودرس الابتدائية في (ديريك) ثم اكمل دراسته الثانوية في مدينة (ماردين) وكان شاطراً في مادة الرياضيات، وبعدها سافر مع زميله رشيد كورد إلى مدينة (قونية) للدراسة في دار المعلمين لكنهم لم يكملوا دراستهم وهربا الى كوردستان الغربية ( روزآفا) وهما مازالا في الصف الثاني نتيجة ملاحقتهم من قبل السلطات التركية لنشاطاتهم الكوردية ومناهضتهم للافكار الكمالية حيث ذهبوا الى عامودا وكان قد سبقهم اليها الشاعر الكوردي الكبير جكرخوين وأستقبلهم وأمن مؤى لهم.
بحسب بعض المصادر انه حين مجيئه الى غرب كوردستان ( سوريا) كان عمره 17 عاماً حوالي عام 1928 ونظراً لذكائه الشديد تعلم اللغة العربية خلال سنة واحدة وكان يتقن الكتابة والقراءة أكثر من زملائه، وانتسب إلى دار المعلمين الزراعية في مدينة السلمية، ثم عين مدرساً في انطاكيا )
ثم عاد الى منطقة الجزيرة وأصبح معلماً في مدارس القامشلي وعامودا، ثم مديراً في مدرسة عامودا عام 1942 (حسب ما رواه نجل المؤرخ حسن هشيار الكبير مصطفى هشيار، وكان هو من أحد تلاميذه)، ثم ابعد من قبل الانتداب الفرنسي آنذاك والذين لم يعجبوا أفكاره المتنورة الى دمشق ومارس التدريس في مدارس حي الأكراد، ثم انتقل إلى عمل اداري في وزارة المعارف (التربية)، وبعدها انتقل إلى السجل العام للموظفين.
تزوج في دمشق من السيدة نلوفر عثمان بك فوزي وهي تركية الاصل وانجب منها صبيين وبنت واستقربه المقام هناك وانضم إلى مجموعة دعاة الحرية وكان من الاعضاء النشطين في مختلف المجالات الثقافية والاجتماعية والسياسيةومن ثم انضم إلى جمعية (خويبون) الكوردية حيث شارك في المؤتمر الاخير لجمعية خويبون المنعقد عام 1931وتعرف على العديد من المثقفين الكورد هناك منهم ابناء أمين عالي بدرخان ( جلادت وكاميران) وأوصمان صبري وأكرم جميل باشا ...ألخ.
نتاجاته الادبية:
عرف عنه انه كان شاعراً ولكنه كان ضليعاً في كتابة القصة القصيرة ايضاً وهو من المشاركين الاوائل في الكتابة في مجلة هاوار التي صدرت في دمشق على يد جلادت بدرخان الى جانب جكرخوين، وعثمان صبري، وصديق دربه اللغوي رشيد كورد، وقدري جميل باشا، وممدوح سليم بك وانلي، وحمزة بك مكسي وبعدها اصدروا مجلة (روناهي ـ النور) ومن ثم صحيفة (روزا نو ـ اليوم الجديد) اضافة إلى طبع كراريس وادبيات باللغة الكوردية.
كما انه نشر نتاجاته وقصائده الادبية في مجلات كوردية أخرى ومنها مجلة (كلاويز- نجمة الصباح) التي كانت تصدر في بغداد بين اعوام 1939ـ 1949 من قبل الاستاذ ابراهيم احمد و الاستاذ الشيخ علاء الدين سجادي، وكذلك في مجلة هيوا ومجلة روناهي التي كانت تصدر من قبل حافظ القاضي، كما صدر له مجموعة شعرية عام 1957 وألف كتاب تعليمي باللغة الكوردية.
كما كان شغوفاً بالترجمة ومتقناً العديد من اللغات وعارفاً لاهمية الترجمة ودورها في تطوير الوعي لدى الشعب الكوردي وتعريف ثقافة وآداب الكورد بالشعوب الاخرى حيث ترجم رواية (الراعي الكوردي) المعروفة للروائي الكوردي عرب شمو إلى اللغة الكوردية والفرنسية طبعها في بيروت كما ترجم كتاب (بلاد الزنبقة) للكاتب الروسي غيورغي بيتروف إلى اللغة الكوردية وطبعها في بيروت، وترجم كتاب للكاتب المصري مصطفى لطفي المنفلوطي إلى اللغة الكوردية.
خصائصه الشعرية وافكاره التقدمية:
لمع نجمه وذاع صيته بعد مشاركته في أولى اعداد مجلة روناهي برفقة جلادت بدرخان و كتب قصيدته المعروفة (Riya teze(اي الطريق الجديد عام 1936، حيث يعتبرها النقاد أول قصيدة كوردية حرة في تاريخ الشعر الكوردي وكانت بمثابة نقلة نوعية ومنعطف أدبي قوي في تاريخ الأدب الكوردي الحديث وفصل بين مرحلتين ألا وهي الكلاسيكية والحداثة، كما لحنت قصيدته المشهورة ( Gula Sor) الوردة الحمراء وغنت من قبل الفنان الكبير جوان حاجو.
كان لـ قدري جان اهتمام كبير بالافكار الاشتراكية وقرأ الكتب الماركسية اللينينية واصبح رفيقاً شيوعياً ومؤمناً بالافكار الاشتراكية، وسافر إلى الاتحاد السوفيتي (سابقاً ) في تموز عام 1957، ضمن وفد الشبيبة الكوردية لحضور مهرجان الشبيبة العالمي السادس في موسكو كما اشرنا خلال تلك الزيارة التقى بالبارزاني الراحل، في حين تنفي بعض المصادر التزامه بالحزب الشيوعي السوري وتؤكد على انه كان ملتزماً مع الحزب الديمقراطي الكوردي –سوريا وورد ذلك في كتاب البروفسور قنات كردو ( تاريخ الأدب الكوردي).
كما انه كان قومياً ووطنياً في الآن ذاته ويحض الشباب على تعلم لغتهم الكوردية ودراستها واعتقل بسبب نشاطاته القومية وبحجة انتمائه الى الحزب الشيوعي السوري وزج به في سجن المزة المشهور بين أعوام 1959-1961 .
رسالة قدري جان المشهور الى البارزاني حيث وجه رسالة تهنئة بعد عودته من الاتحاد السوفيتي باللغة الكوردية هذه مقتطفات من الرسالة:
قبل كل شيء أقبل يدكم. أهلاً وسهلاً بكم، عدتم على العين والرأس. . . في الشام كنا في انتظاركم. . . لا أدري لماذا لم تمروا من الشام!
لقد ود الكثيرون من الأشقاء الكورد رؤية قائدهم ليقضوا على هموم سنوات الحرمان.
أثرت عودتكم في معنويات شعبنا إيجاباً في كل مكان. كافة أبناء الشعب الكردي وعلى اختلاف مشاربهم وافكارهم يعتزون ويفتخرون بقيادتكم.
لاشك أن الجمهورية العراقية الحبيبة ستتعزز مكانتها بوجودكم، وتترسخ قاعدة الأخوة العربية الكوردية اكثر.
أنني واثق من أن الكورد ليس وحدهم بل العرب والفرس والترك الاحرار مبتهجون مثلنا بعودتكم. . انكم على دراية تامة بأن نضال شعبنا يسير بالتعاون مع أحرار هذه الشعوب.
وفاته:
قبل 43 عاماً توفي قدري جان وبالتحديد في 9/آب/ 1972 اثر جلطة دماغية ودفن في مقبرة مولانا خالد النقشبندي بحي الاكراد بدمشق، وكتب على شاهد قبره هذه الابيات الشعرية باللغة الكوردية يقال انها كتبت بيد عزت آغا الديركي :
يرقد في هذا القبر جسد
فتى لطيف وناعم
من ديريك- جبل مازي
يدعى قدري جان
ألف رحمه على روحه
كان شاعراً كوردياً
كما لا بد في النهاية من ذكر انه كرم الشاعر قدري جان من قبل حكومة اقليم كوردستان بإقامة وزارة الثقافة بالتعاون مع المركز الثقافي في آكرى (عقرة) مهرجاناً تكريمياً للشاعر الكوردي الراحل قدري جان عام 2005 تخللته كلمات ترحيبية وفقرات فنية وبحوث ومداخلات من جانب عدد من المثقفين الكورد.
المصدر – كتاب ( الكاتب الكوردي قدري جان ) جمع واعداد : ديلاور زنكي – مقالة للكاتب : دارا شيخي موقع باخرة الكورد
التآخيTop of Form
Bottom of Form