Share |

لنتذكر مبدعينا – نادر زيتي ( 1943- 1983)... اعداد: هوزان أمين

الصورة (نادر زيتي) من كتاب مشاهير الموسيقا الكوردية
الصورة من كتاب مشاهير الموسيقا الكوردية

في هذه الحلقة من سلسلة لنتذكر مبدعينا سنتناول حياة مغني وبيشمركة كوردي ناضل في سبيل قضية شعبه بكل السبل بالغناء والسلاح حتى الاسشهاد في سبيله،

صوته العذب الجميل ينساب كما مياه الينابيع من بين جبال كوردستان ويروي البساتين والاشجار ويخلق بيئة ومنظراً جميلاً وبها تغدوا الحياة في ابهى صورها، لم يرد ذكره كثيراً ولم ينل ما يستحقه من ثناء وتقدير جراء نضاله وفنه واستشهاده كما العديد من الفنانيين الآخرين الذين نقدرهم بعد رحيلهم ونقوم بعقد الندوات والمهرجان لهم، فقد ورد ذكره لاول مرة في كتاب مشاهير الموسيقا الكوردية ومن خلاله استطعت ان احصل على معلومات عن حياته ونتاجاته الفنية، انه الفنان نادر زيتي صاحب الصوت الاصيل والنقي نقاء مياه ينابيع كوردستان تعرض كما العديد من ابناء جلدته الى حملة الانفال السيئة الصيت واعتبر في عداد المؤنفلين الذين هجروا قسراً من قراهم الى وسط وجنوب العراق زمن النظام البعثي البائد ودفنوا في مقابر جماعية وفقد اثره منذ ذلك الوقت الى اليوم.

 

حياته

 

ولد نادر حبيب حسين والمعروف بـ نادر زيتي نسبة الى قريته عام 1943 في قرية زيتي التابع لقضاء ميركه سور (منطقة بارزان) ضمن كنف اسرة ذات شأن في القرية، فقد والده منذ نعومة اظافره حيث نال اعتناء من أهله وابناء قريته وتعلم قرائة القرآن وحفظه عن ظهر قلب عند امام جامع القرية عمل منذ صغره بكل جهد في مهنه الجزارة وبيع وشراء الاغنام واستطاع ان يحصل على رزقه واصبح صاحب قطيع من الاغنام وتزوج في العشرين من عمره.

 

خلال تلك الفترة ظهرت لديه موهبة الغناء منذ صغره حيث كانت اخته الكبرى خانزاد تغني الاغاني الفولكلورية وتعلمت منها وحفظت العديد من الاغاني، كما تعلم من خواله فكري وفيظ الله فيروخي الاغاني واتقن آدائها وتجول في القرى لجمع وتعلم ما امكن من الاغاني ورويداً رويداً عرف في منطقته خلال فترة وجيزة.

 

خلال فترة شبابه اقام الامسيات الغنائية بصحبة مغني تلك المنطقة المشهورة بالغناء والتراث الكوردي الاصيل وتصقلت موهبته أكثر مع تعلمه المقام والاغاني الشعبية، استطاع عبر صوته الشجي النقي العذب ان يجذب اليه الناس وكان محل تقدير واحترام ابناء منطقته عموماً ومعروفاً بطيبة قلبه وذو شأن وصاحب رأي في جل الامور.

 

انضمامه الى صفوف البيشمركة

 

في تلك الاثناء كان اقليم كوردستان العراق في حالة ثورة بعد اعلان ثورة ايلول المظفرة عام 1961 بقيادة الملا مصطفى البارزاني، لا سيما منطقته التي ينحدر منها فقد كانت معقل الابطال والثوار ومركزها وتأثر بها اثراً بليغاً، فشيمه ومشاعره القومية دفعته للانخراط ضمن صفوف البيشمركة بصحبة طاهر وعزير آغا زراري مع شقيقه الاصغر منه والالتحاق بقائد الثورة الملا مصطفى البارزاني والخالد ادريس البارزاني حيث كانوا يتحصنون في جبال منطقة ديانا.

وخلال فترة بقائه ضمن صفوف البيشمركة التزم وحافظ على موهبته الغنائية الى جانب حمله للسلاح وانضم الى الكثير من المعارك التي خاضها الببيشمركة الابطال وألف عن تلك المقاومة بعض الاغاني الثورية التي تتغنى ببؤس وشدة البيشمركة ووقوفهم بحزم في وجه العدو أمثال اغنية ( آكري- حرب جاميي – حرب دلوفازيي- حرب كورز...الخ) حيث خاضت معارك كبيرة في تلك المواقع وسجلت البعض منها على اشرطة رغم ظروف الثورة الصعبة ووزعت وانتشرت لتحض الناس على المقاومة والثورة.

 

حفلة بالكايتي وانتصار الثورة

 

شارك نادر زيتي بصحبة الفنان الكبير محمد عارف جزراوي ورسول غردي وعيسى بروراي في حفلة كبيرة في منطقة بالكايتي بمناسبة اتفاقية 11 آذار عام 1970 ونيل الكورد الحكم الذاتي اثر تلك الاتفاقية وبعد مقاومة وبطولة كبيرة ولكن بعد نقض الاتفاقية اثر اتفاقية الجزائر عام 1975 وبدأ النظام البعثي في احراق القرى واتباع سياسة الارض المحروقة تعرضت قريته ايضاً للتنكيل على ايادي النظام البعثي واحرقت وتم جمع اهالي تلك القرى في مجمعات قسرية، اجبر نادر زيتي ايضاً على المكوث في مجمع حرير واستطاع خلال تلك الفترة تأليف العديد من الاغاني التي كانت تتحسر على الثورة والنكسة التي منيت بها وعلى قائد الثورة البارزاني الخالد وعلى كوردستان واستطاع ان يسجلها على كاسيت ونسخ منها اعداد كبيرة وانتشرت كثيراً في تلك المناطق واستطاعت ان ترفع من معنويات الشعب واعتقل على اثرها خمس مرات وهدد بالقتل وزج في السجون لمرات عديدة كل تلك التهديدات والتعذيب الذي تعرض له في السجون لم تقدر على ان تحد من عزيمته واصراره على الاستمرار في النضال والمقاومة مع البيشمركة.

 

ونظراً للشهرة التي نالها تلك الاغاني التي غناها في تلك الفترة قام تسجيلات عبدالله ابراهيم برادوستي بإعادة جمع كل تلك الاغاني ودمجها في كاسيت واعادة نسخها بأعداد كبيرة في هه ولير.

 

حملة الانفال الجماعية

 

بقي نادر زيتي على موقفه وخاض نضاله السياسي والفني معاً دون كلل وملل بالرغم من تهديدات نظام البعث له ولعائلته استمر  لغاية عام 1983 حتى بدأت حملة الانفال السيئة الصيت حيث شملته تلك الموجة التي ضربت المنطقة وتعرضوا لها و تعتبر تلك الحملة احدى اكثر الحملات وحشية ضد الانسانية واعتبرت حملة ابادة جماعية ووصمت عار على جبين الانسانية وبدأت بأنفلة ثمانية الاف برزاني اختطفوا من مناطق سكناهم عام 1983 واختفوا منذ ذلك الوقت و تبين انهم قتلوا ودفنوا في مقابر جماعية بعد سقوط النظام البعثي العراق وتوسعت الحملة بعد ذلك من عام 1987 الى 1988 لتشمل مناطق واسعة في اقليم كوردستان العراق وبلغت اعداد المؤنفلين قرابة 182 الف انسان بريء جريمة الانفال تخللتها ضرب بالاسلحة الكيماوية حيث شنت حملات عسكرية استخدمت فيها الاسلحة الكيمياوية و تم نقل اعداد كبيرة من السكان كالاسرى الى منطقة الحضر في محافظة الموصل و الى نقرة السلمان في محافظة السماوة حيث دفنوا احياء مع عوائلهم في مقابر جماعية وهاجر ما تبقى الى كوردستان ايران.

 

فقدانه

 

فقد اثر الفنان نادر زيتي كما الكثير من ابناء جلدته اثر تلك الحملة، ربما استطاع نظام البعث الظالم ان يقتل عشرات الآلاف من ابناء الشعب الكوردي ويحرق ويهجر سكان القرى والمناطق الى جنوب العراق وكذلك هجر ما تبقى الى مناطق كوردستان ايران، ولكن لم يستطع النيل من عزيمة الشعب الذي انتفض وقاوم العدو واستطاع ان يحقق النصر العظيم ويثأر لدماء الشهداء اثر انتفاضة شعبية عارمة وهروب فلول البعث من كوردستان عام 1991.

وبهذا الشكل فقد نال الفنان نادر زيتي حب شعبه وبقي فنه وغنائه وصوته حياُ وان يخدم قضية شعبه وثورته ضد الظلم والطغيان واغنى الفن الكوردي وموسيقاه عبر تلك الاغاني وسيظل حياً في قلوب ابناء شعبه الى الابدوارتبطت ذاكرته بذاكرة ثورة لها صاحب الفضل في ما وصل اليه الشعب الكوردي وما حققه من انجازات ونجاحات حتى الوقت الراهن.

 

 

 

خاص بجريدة التآخي