من السليمانية : صدر حديثا العدد الجديد ( 37) من مجلة سردم العربي، التي تصدر عن دار سردم للطباعة و النشر في السليمانية، و هي مجلة فصلية ثقافية عامة تُعنى بالتواصل الثقافي الكردي- العربي.
تضمن هذا العدد الجديد، بحلته الجديدة ( من ناحية المواضيع و الكتاب و التصميم الفني و الطباعي) دراسات تاريخية و أدبية و نقدية، ، و متابعات قرائية للإصدرات الجديدة، بالإضافة إلى ملف خاص بالأدب الكردي.
جاء المحور الأول تحت عنوان ( دراسات تاريخية)، و أولى هذه الدراسات ( تاريخ مملكة ميتاني الحورية: العلاقات الميتانية - المصرية) للباحث الدكتور أحمد محمود الخليل، و فيها يشير الباحث في الجزء الخاص بالصراع (الميتاني – المصري) على سوريا إلى أن عهد الأسرة المصرية الثامنة عشرة يبدأ من تاريخ حكم أوّل ملوكها أُحْمُس (أماسيس) الأول (1575 – 1550 ق.م) الذي طرد الهِكْسوس من مصر، وينتهي في عهد ملكها الثاني عشر والأخير تُوت عَنْخ أمُون (1347 – 1339 ق.م). وبعد ذلك تعاظمت قوة الدولة المصرية، وتطلّع ملوكها إلى السيطرة على سوريا، وعلى هذا الأساس أقاموا علاقات إستراتيجية مع المملكة الكاشّية في بابل، وهذا واضح في رسائل الملك الكاشّي كاداشْمان- خارْبي الأول (1410 – 1386 ق.م) إلى الملك المصري أَمْنُوفِيس(آمُونْحُوتَب) الثالث (1405 – 1370 ق.م)،ثم تخلّوا عن المملكة الكاشّية حينما دبّ فيها الضعف، وتحوّلوا إلى بناء علاقة إستراتيجية مع الدولة الآشورية الناهضة والمنافسة للكاشّيين، ويتضح ذلك في رسالة من الملك الكاشّي بُورْنا بُورْياش الثاني (1367 – 1346 ق.م)، إلى الفرعون آمُونْحُوتَبالرابع المعروف باسم أخناتون (1370 – 1352 ق.م)، يعاتبه فيها على استقبال وفد آشوري، معتبراً ذلك الاستقبال عملاً غير ودّي.
ومنذ نهاية القرن السادس عشر ق.م، ومثل أيّة قوة سياسية ناشئة وناهضة، تطلّعت دولة ميتّاني الحورية إلى أن يكون لها دور سياسي إقليمي مؤثِّر في الشرق الأدنى القديم، وتصاعد ذلك الطموح في النصف الأول من القرن الخامس عشر ق.م، ونتيجة للمصالح الجيوسياسية، دخل ملوك مصر من الأسرة الثامنة عشرة في صراع طويل ضد مملكة ميتّاني، بشأن السيادة على سوريا، ويبدو أن ذلك الصراع تصاعد في الفترة (1550 – 1500ق.م)، والدليل على ذلك أن الفرعون المصري تُحوتْموس الأول (1528 – 1510 ق.م) كان قد غزا سوريا، ووصل إلى مملكة ميتّاني، وأقام له نُصباً هناك يخلّد فيه انتصاراته، وهذا يعني أنه كان معاصراً للملك الميتّاني الثاني شُوتّارنا (شُتَّرْنا) الأول Shuttarna ، ابن كِيرْتا Ki- ir-ta، حوالي نهاية القرن السادس عشر ق.م.
ويبدو من سياق الأحداث ً أن تُحُوتْموس الأول وخَلَفَه تُحُوتْموس الثاني (1510 – 1490 ق.م) لم يستطيعا إيقاف تعاظم قوة مملكة ميتّاني، وتزايد نفوذها في سوريا، والدليل على ذلك أن النصف الشمالي من سوريا انفصل عن السلطة المصرية في عهد الملكة حاتْشِبْسُوت (1490 – 1468 ق.م)، باعتبار أن سياسة هذه الملكة توجّهت نحو إفريقيا (القرن الإفريقي) أكثر من توجّهها نحو آسيا، واقتصر النفوذ المصري في سوريا خلال عهدها على النشاط التفتيشي.
كما نقرأ ( الكرد في كازاخستان) للدكتور محمد الصويركي، (ذكر الكرد في تاريخ ابن خلدون) للباحث هوشيار بكر عزيز.
في محور دراسات وبحوث، نقرأ (المرأة الكردية والهوية السياسية في تركيا) للكاتبة و المترجمة المتخصصة في الشؤون التركية دلشا يوسف، (ايجاد لغة كردية موحدة) للدكتور مهدي كاكه يي، (المعارضة السياسية في اقليم كردستان العراق: النشأة والمستقبل) للدكتور رشيد عمارة الزيدي.
أما محور ( الدراسات الأدبية و النقدية)، فنقرأ فيه: (شيركو بيكس: شعرية الطبيعة.. شعرية الذات الرائية) للناقد علي حسن الفواز، (المهيمنات الأسلوبية في القمر البعيد من حريتي للشاعر لقمان محمود) للناقد العراقي أثير محسن الهاشمي، (جماليات الايقاع السردي) للناقد محمد يونس صالح ، (عتبة التصدير دالاً قرائياً في ثغرها على منديل) للدكتور خليل شكري هياس.
كما ضم هذا المحور (ملف الأدب الكردي.. من الحلم إلى الحرية) وهو من اعداد وتقديم محرر المجلة لقمان محمود.
أما محور الحوار، فقد ضم هذا العدد حواراً (ينشر لأول مرة في الصحافة) مع الشاعر الراحل بلند الحيدري، أجرى هذا الحوار الكاتب والصحفي العراقي المعروف حسب الله يحيى.
و لأهمية هذا الحوار نشير إلى أهم ما جاء في تقديم المحاور: يحتل الشاعر العراقي بلند الحيدري مكانة بارزة في حركة الشعر المعاصر حيث استطاع ان يشد الشعر الى عالم الناس ويتفاعل معهم ويعاني صحو المعاناة الفنية . وفي مهرجان ابي تمام الذي اقيم عام 1972 في الموصل كان هذا الحوار الذي ظل مفقوداً وحين تم العثور عليه ظل عصياً على النشر في زمن سابق وكان الحديث فيه عن بلند الحيدري من المحظورات!
كما أجرى الكاتب والصحفي جمال برواري حوارا هاما مع المترجم سامي الحاج. أما الكاتب والصحفي ابراهيم ثلج الجبوري فقد أجرى حوارا قيما مع الشاعرة الكردية دلشا يوسف.
أما محور الإبداع، فنقرأ فيه: (سراب النجوم) للشاعر خورشيد شوزي، (الرحيل: الشهيد نوزاد طيّ محبتنا الأبدية) للشاعر حكيم الداوودي، (لعبة التماثيل) للشاعر ابراهيم اليوسف) ومنها نقتطف هذا المقطع من قصيدة القائد:
يترك وراءه: نياشينَه الخلَّبية
رائحة َلعابه على كرسيّ الرئاسة
ألبومَ صوره مع القادة الكذَّابين في العالم
خطاباتِه الجوفاء ورائحة اسمه الكريه
مدائحَ الشعراء التَّافهين فيه
ملامح وجهه في التماثيل الكثيرة
في كلِّ جهة...
كي يخذلَها واحدة تلو أخرى
وهو يلوذُ بالهزيمة والفرار..!
في المحور الأخير، والخاص بالمحطات الثقافية الهامة على الصعيدين الكردي والعربي، فنقرأ فيه )إنه بريق ثقافي لا ينطفئ) للدكتور فؤاد حمه خورشيد، (أسبوعان في وان) للدكتور محمد صابر عبيد، (الوضع الكردي الراهن، بقاء أم فناء) للكاتبة نارين عمر، (حدود محمودكي وعثمانكي) للكاتب سيامند ميرزا.
جدير بالذكر أن مجلة "سردم العربي" تحمل بصمة نخبة من المبدعين، و يأتي في المقدمة شيركو بيكس ( رئيس مجلس الإدارة و المدير المسؤول)، د. دانا أحمد مصطفى ( رئيس التحرير)، لقمان محمود ( المحرر)، آرام علي ( تصميم الغلاف)، أوميد محمد ( المصمم المنفذ) و فرهاد رفيق ( المشرف على الطباعة).