تجري الاستعدادت على قدم وساق وبدأ العد العكسي على موعد اجراء الاستفتاء العام في تركيا، للتحول من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي،
وانتقلت المعركة إلى الشارع التركي بعد موافقة البرلمان التركي على تلك الصلاحات الدستورية حيث بدأت الاحزاب السياسية في تركيا بالتسابق وتسخير كافة الطرق والوسائل لكسب رأي الجماهير والتأثير عليهم عبر ندوات وتجمعات شعبية في الميادين والساحات بأغلب المحافظات التركية، ويقود حملة نعم للاصلاحات الدستورية حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا حيث استنفر جميع قواه في سبيل كسب هذه المعركة التي تعتبرها مصيرية بالنسبة لهم وتضعهم على سدة الرئاسة لسنوات أخرى طويلة بزعامة رئيس الحزب السابق ورئيس الجمهورية الحالي رجب طيب أردوغان.
يقود أروغان حملة نعم لهذه الحزمة من الاصلاحات الدستورية والتي بموجبها سيتحول النظام في تركيا من نظام برلماني الى رئاسي، ويلغى بذلك منصب رئيس الوزراء ويبقى رئيس الجمهورية في تركيا الحاكم المطلق على مقدرات البلاد ومصيره، مما يجعل من رئيس الجمهورية الحالي الذي ستنتهي مدة ولايته الدستورية عام 2019 بالترشح لرئاسة تركيا لولايتين جديديتين مدة كل منهما 5 سنوات حسب الدستور الجديد اي لغاية عام 2029 بحسب المراقبين حيث يحدد الدستور ولاية الرئيس بمدتين كحد أقصى.
ويحشد حزبا العدالة والتنمية الحاكم وحزب الحركة القومية الحليف له في هذا الاستفتاء أوراق قوتهما للدفع باتجاه التعديل عبر بناء المزيد من التحالفات، والاعتماد على شعبية الرئيس رجب طيب أردوغان في كسب قطاعات أوسع من الشارع لصالح التعديل وقد انضم مؤخراً حزب السعادة التركي إلى جبهة تعديل الدستور، فيما بقي حزب الشعب الجمهوري المعارض على رأس قائمة المعارضين لهذا الاستفتاء كما أعلنت مجموعة أحزاب كوردية على رأسها حزب الشعوب الديمقراطية كبرى الاحزاب الكوردية مع بعض الاحزاب الحليفة لها موقفها من الاستفتاء وقالت إن الشعب سيقول بصوت واحد "لا"، ويقوم الحزب بحملات دعائية في المناطق الكوردية على وجه الخصوص مبررة ذلك بأن الدستور المقترح لا يلبي حقوق الشعب الكوردي ولا يعترف بحق تعليم اللغة الكوردية في المناطق الكوردية في الوقت الذي تقوم الدولة باعتقالات واسعة بين صفوف الحزب كما ان 13 نائباً من الحزب على رأسهم الرئيسين المشتركين صلاح الدين دمرتاش وفيغان يوكسك داغ قابعان في السجن.
وعلى الرغم من أن حزب الشعوب الديمقراطية له شعبية ومؤيدين يقدر عدهم بستة ملايين صوت حسب الانتخابات الماضية ولديهم 59 عضو في البرلمان ويعتبر من اقوى الاحزاب الموالية للاكرد في تركيا إلا أن هذا لا يعني أن جميع ابناء الشعب الكوردي في تركيا سوف يصوتون بلا في الاستفتاء القادم حيث ان هناك عدد كبير من الأكراد هم أعضاء في حزب العدالة والتنمية ويقدر عددهم بأكثر من 10% من الأكراد في تركيا وربما نتيجة هذا الاستفتاء تتوقف عليهم ويرجحون الكفة لصالح جانب على آخر في المناطق الكوردية، لهذا تحظى المناطق الكوردية على اهتمام الجميع واغلب الاحزاب يتسابقون في سبيل نيل اصواتهم، وعلى رأسم رئيس الجمهورية أردوغان الذي حضر الى دياربكر وارسل رئيس الوزراء الى وان كبريات المدن الكوردية وألقوا خطاباتهم الرنانة على الجماهير واعدين ومتعهدين بتحسين الاوضاع وافتتاح العديد من المشاريع الحيوية التي يريدون انهائها عام 2023 في ذكرى مئوية الجمهورية التركية وتعهد أردوغان بمواصلة تنمية المناطق الكوردية في جنوب شرق تركيا وضمان الاستقرار والأمن فيها، وتابع اردوغان قائلا "نحن حماة السلام، نحن حماة الحرية"، مضيفا "نحن مستعدون للتحدث وأن نسير جنبا إلى جنب مع الجميع ممن لديهم شيء يقولونه أو مشروع، لكن لدينا شرط واحد ألا يكون هناك أسلحة في أيديهم" ودعى خلال كلمته الأكراد إلى قول نعم للاصلاحات الدستورية التي ستجري في 16 نيسان القادم.
وفي السياق ذاته نرى بأن موقف القوى والاحزاب الكوردية متباينةفقد أعلن حزب الهدى الكوردي الاسلامي بأنهم سيصوتون بنعم للتعديلات الدستورية وسيدعمون أردوغان نظراً لمواقف اردوغان الاسلامية وميوله الدينية وربما بنجاحه سيفتح الباب على مصرعيه للافكار الدينية وكون أردوغان خريج المدارس الدينية، وانعكس ذلك على شخصيته بشكل بالغ، وكان وما يزال يؤكد دائما أنّ الإيمان والأخلاق الإسلامية والإقتداء بأخلاق وسنة الرّسول هما اسباب نجاحه، ويقود دولة علمانية واصبح طريقه حكمه نموذج جديد للاسلام السياسي.
كما برز موقف جديد على السطح من خلال رأي ثالث مخالف للرأيين الآخرين بنعم او لا في الاستفتاء وهي مقاطعة الاستفتاء حيث اعلن حزبان سياسيان كورديان آخران موقفهم من هذا الاستفتاء وطالب كل من حزب الحرية الكوردستاني والحزب الاشتراكي الكوردستاني جماهيرهم بضرورة مقاطعة هذا الاستفتاء وعدم الذهاب الى مراكز الاستفتاء، وذلك خلال كونفرنس صحفي عقده الحزبان في اسطنبول معللين سبب خروجهم بهذا القرار، هو استنكاراً لهذه الحزمة من الدساتير التي لا تخص الشعب الكوردي بشيء وكموقف مضاد لهذه الحملة العسكرية على الاكراد وحالة الطوارئ المعلنة في البلاد.
تختلف الرؤى والتطلعات من حزب سياسي كوردي الى آخر وكذلك تختلف الآراء من حملة الاستفتاء على الاصلاحات الدستورية من حزب الى آخر، ولكن يتطلب من القوى والاحزاب الكوردية في تركيا توحيد مواقفها وقوتها ضد اي هجوم يتعرض له الشعب الكوردي او اي انتهاك لحقوقه ويساندون بعضهم البعض مهما اختلفت آرائهم على الاقل على القضايا الوطنية والكوردستانية ربما يشكل ذلك املاً في تحقيق بعض المكاسب والاهداف الكوردستانية.
التآخي