قررت فرق طبية عراقية وعالمية نقل الرئيس العراقي جلال طالباني إلى ألمانيا لاستكمال العلاج بعد إصابته بجلطة دماغية، وأكد أطباء أن وضع طالباني مستقر ويستجيب للعلاج.
وسط مؤشرات بتحسن طفيف في صحته بعد جلطة دماغية أدت به الى دخوله في غيبوبة منذ 40 ساعة، فقد قررت فرق طبية عراقية ودولية نقل الرئيس الى ألمانيا غدا الخميس لاستكمال علاجه هناك بينما اعلن إردوغان استعداد بلاده لإرسال طائرة إسعاف وفريق طبي الى العراق لنقل طالباني الى أي بلد لتلقي العلاج.
فبعد وصول فريق طبي ايراني الى بغداد امس لمعاينة الوضع الصحي للرئيس طالباني (79 عاما) فقد قررت فرق طبية عراقية وألمانية وايرانية وبريطانية وصلت الى العراق خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية نقل طالباني الى المانيا لمواصلة علاجه هناك.
واعلن الطبيب العراقي نجم الدين كريم وهو محافظ كركوك والمشارك في علاج الرئيس العراقي انه وبعد الاطمئنان إلى صحته من المقرر أن ينقل يوم غد الخميس الى المانيا. وأضاف نجم الدين كريم البروفيسور في جراحة الجملة العصبية في تصريح صحافي أن الفريق الطبي الالماني وبعد ان اجرى الفحوصات اللازمة للرئيس طالباني وتأكده من ان صحته مستقرة ويمكن نقله الى خارج العراق فقد قرر بالتنسيق مع الفريق الطبي العراقي نقله الى مستشفى خاص في المانيا.
ومن جانبها، اكدت هيرو ابراهيم احمد عقيلة الرئيس طالباني استقرار الحالة الصحية للرئيس وقالت في تصريح صحافي ان "وضعه الصحي في تحسن بفضل العناية الالهية وجهود الفريق الطبي الذي يشرف على علاجه".
وخلال مؤتمر صحافي مشترك في بغداد اليوم الاربعاء فقد اكد رئيس ديوان الرئاسة نصير العاني والوكيل الاقدم لوزارة الصحة عصام نامق ومدير مدينة الطب موسى بدر تحسن صحة طالباني واستقرار وضعه العام مشيرين الى ان الاعضاء العضوية للرئيس بدأت تتحرك وانه يستجيب لعلاجاته.
وتقوم حاليا اربعة فرق طبية عراقية وايرانية وبريطانية والمانية بدراسة وضع الرئيس ومدى الحاجة الى نقله لخارج العراق لاستكمال علاجه.
وتشير مصادر عراقية الى انه حتى في حال استفاقة طالباني من غيبوبته، فإنه لن يستطيع مزاولة مهامه الرسمية بشكل طبيعي قبل ثلاثة أشهر في وقت تعاني البلاد أزمات سياسية صعبة بين الفرقاء السياسيين تصاعدت مؤخرا بشكل خطير بين حكومتي بغداد واربيل ما اثار مخاوف من تفجر صدامات مسلحة بين قوات الطرفين.
وقد أكد الرئيس التركي عبدالله غول ورئيس وزرائه رجب طيب إردوغان استعداد تركيا لعلاج طالباني في تركيا او في أي مكان في العالم. وقال غول في برقية الى الرئيس العراقي " صدمت كثيرا بتلقي نبأ إدخالكم الى المستشفى إثر حالة طارئة أدعو لك من الأعماق بالشفاء العاجل". وأضاف أنه مستعد لتلبية جميع مستلزمات العلاج في تركيا . كما اكد إردوغان استعداد بلاده لإرسال طائرة إسعاف وفريق طبي الى العراق لنقل طالباني الى أي بلد لتلقي العلاج. وقال "لقد تلقينا نبأ تعرض الرئيس جلال طالباني لطارئ صحي وهو الآن يتلقى العلاج في أحد مستشفيات العراق نحن نبدي استعدادنا لإرسال طائرة إسعاف وفريق طبي الى العراق لنقل الرئيس طالباني لأي بلد لتلقي العلاج اذا اقتضى الأمر". وأضاف "حينما تطلب الحكومة العراقية منا ذلك، فنحن مستعدون فوراً لإرسال طائرة إسعاف، كما أعرب عن استعداد تركيا لتقديم جميع أنواع المساعدة لعلاج رئيس الجمهورية جلال طالباني".
كما أبدى الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد استعداد بلاده للتعاون في علاج طالباني وذلك خلال اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء نوري المالكي اطلع خلاله على سير علاج الرئيس العراقي وآخر الاجراءات الطبية المتخذة لعلاجه.
وكان رئيس ديوان رئاسة الجمهورية نصير العاني قد اكد أن الوضع الصحي للرئيس طالباني مستقر ويتعافى تدريجياً وقال خلال مؤتمر صحافي مع الفريق الطبي المشرف على رعاية طالباني الليلة الماضية إن الرئيس أصيب مساء الاثنين بإرهاق شديد ما أوجب إدخاله مستشفى مدينة الطب في بغداد، وهو الآن بصحة جيدة لكنه ما زال تحت الرعاية المركزة. وانتقد العاني وسائل الإعلام التي تناقلت خبر وفاة الرئيس من دون التحري عن دقته مشدداً على أن هذا الخبر عارٍ عن الصحة.
ومن جهته، قال الوكيل الأقدم لوزارة الصحة العراقية عصام نامق إن الرئيس واجه أزمة صحية وتم إدخاله على الفور إلى المستشفى "وقمنا حالاً بتشكيل فريق طبي من كل الاختصاصات وأجريت له جميع الفحوصات اللازمة وقد أظهرت أن الوضع الصحي الطارئ له ناجم عن تصلب في الشرايين وأن الفحوص والتحاليل بينت أن وظائف الجسم اعتيادية مؤكدًا أن الوضع الصحي للرئيس طالباني مستقر.
ومن جهتهم، أوضح الفريق الطبي العراقي أن طالباني أدخل إلى المستشفى إثر تعرضه لطارئ صحي حيث تم تشكيل فريق طبي متخصص للاشراف على صحته وأجريت له جميع الفحوصات اللازمة، وكانت نتائجها مطمئنة مؤكداً ان صحة طالباني مستقرة وقال"نحن بانتظار تحسن صحته بشكل أفضل في الساعات المقبلة".
واعلنت الرئاسة العراقية في وقت سابق أن طالباني قد نقل المستشفى اثر تعرضه لعارض صحي نتيجة الارهاق الذي اصابه بعد جهود مكثفة بذلها لتحقيق الوفاق والاستقرار في البلاد. وأصدرت الرئاسة بيانا قصيراً حول وضع طالباني الصحي جاء فيه "بذل فخامة الرئيس جلال طالباني خلال الآونة الاخيرة جهوداً مكثفة بهدف تحقيق الوفاق والاستقرار في البلاد. وبفعل الإرهاق والتعب تعرض فخامته إلى طارئ صحي نقل على اثره مساء الاثنين 17 كانون الاول 2012 إلى المستشفى في بغداد، حيث يقوم على رعايته كادر طبي متخصص".
وكان آخر نشاط لطالباني هو اجتماعه امس مع رئيس الوزراء نوري المالكي، حيث اتفقا على أن يقوم المالكي بدعوة وفد من اقليم كردستان إلى بغداد من أجل استئناف المباحثات، واعتماد التهدئة والدستور في حل الخلافات. وقالت رئاسة الجمهورية إن المسؤولين الكبيرين تبادلا نقاشاً حول الأوضاع في العراق والمنطقة بشكل عام.
وكان طالباني عاد إلى العراق في 17 ايلول (سبتمبر) الماضي بعد رحلة علاج في المانيا استمرت ثلاثة اشهر بعد أن اجريت له عملية ناجحة في الركبة. وقبل ذلك عولج طالباني مطلع عام 2007 في مدينة الحسين الطبية في عمان التي يشرف عليها الجيش الاردني اثر معاناته من ارهاق شديد وفقدان الكثير من السوائل في جسمه.
وكان طالباني تسلم منصب رئاسة الجمهورية عام 2005 ثم جدد له مجلس النواب ولايته الرئاسية في اواخر عام 2010 وحتى مطلع عام 2014 بعد ان يكون قد شغل منصبه لولايتين ويحق له وفقا للدستور الاستمرار في المنصب لدورة ثالثة. وجلال طالباني الملقب "مام جلال" اي "العم جلال" باللغة الكردية، هو اول رئيس كردي في تاريخ العراق الحديث.
وتنص المادة 67 من الدستور العراقي على "ان رئيس الجمهورية هو رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن، ويسهر على ضمان الالتزام بالدستور، والمحافظة على استقلال العراق، وسيادته، ووحدته، وسلامة اراضيه، وفقاً لاحكام الدستور، وينتخب مجلس النواب رئيس الجمهورية، باغلبية ثلثي عدد اعضائه وتحدد ولاية رئيس الجمهورية باربع سنوات، ويجوز اعادة انتخابه لولايةٍ ثانيةٍ فحسب".
وفي مادته 75 ثالثا ينص الدستور على "يحل نائب رئيس الجمهورية محل رئيس الجمهورية عند خلو منصبه لأي سببٍ كان، وعلى مجلس النواب انتخاب رئيس جديد، خلال مدةٍ لا تتجاوز الثلاثين يوماً من تأريخ الخلو. ويتضمن الدستور فقرة اخرى تتعلق بخلو المنصب في حالة عدم وجود نائب لرئيس الجمهورية هي الفقرة رابعا التي تقضي بان يحل رئيس مجلس النواب، محل رئيس الجمهورية في حالة عدم وجود نائبٍ له، على ان يتم انتخاب رئيس جديد خلال مدةٍ لا تتجاوز ثلاثين يوماً من تاريخ الخلو.
ويرى رجال القانون انه في حالة خلو المنصب لعجز الرئيس عن ممارسة عمله او الوفاة فان نائب رئيس الجمهورية خضير الخزاعي سيتولى منصب رئيس الجمهورية لحين انتخاب رئيس جديد في جلسة لمجلس النواب خلال 30 يوما حيث سيكمل الرئيس الذي ينتخبه مجلس النواب المدة المتبقية لولاية رئيس الجمهورية التي ستنتهي بنهاية الدورة الحالية لمجلس النواب مطلع عام 2014 موعد اجراء الانتخابات العام في البلاد.
د أسامة مهدي
ايلاف