الرسام والمصمم العالمي المشهور فريدريخ هوندرت فاسر من مواليد 15\12\1928 ،في فينناـ عاصمة النمسا وقبل أن يكون اسمه هوندرت فقد كان (ستو) أي مائة بالسلافية و(هوندرت) مائة بالألمانية وقبل أن يبلغ سن الواحد والعشرون استبدله ب (هوندرت).
كانت بداية الفنان الكبير مع الفن وبخاصة الرسم في سن الطفولة حين كان يبلغ من العمر ست سنوات. وبعد مرور خمس وخمسين عاماً اشترى الفنان قارباً شراعياً بحرياً وسماه(يوم ممطر). وعلى متن هذا القارب عاش سنوات طويلة من عمره ورسم إبداعا كبيراً .في عام 1980 انطلقت البداية الفعلية لدخول النمسا تاريخا حديثاً في التصميم .وبالرغم من أن النمسا ومنذ أيام الإمبراطورية النمساوية ذات وجه مشرق في فن العمارة والتصميم ولكن هذه المرة تختلف الصورة والأسلوب والحداثة.
في نزهة بين جبال النمسا للبحث عن أشهر منتجعات النمسا السياحية لقضاء وقت جميل برفقة الينابيع الدافئة ،إذا بي أرى أن المنتجع يعد تحفةً معمارية خالدة لدولة النمسا. وبدلا من أن أقضي وقتي بالاستجمام في ينابيع للمياه المعدنية فكرت بالكتابة حول فن هذا الفنان الكبير الخالد. فمصمم هذا المنتجع والذي يسمى(بلوماو) هو الفنان (فريديريخ هوندرت فاسر) ويعده النمساويون جنة الله على الأرض لما له من تأثير ويترك انطباعا وانبهارا لدى الزائر.
إن الأسلوب الذي اتخذه الفنان هوندرت فاسر في بداياته هو ذاته الذي استخدمه أواخر عمره. وقد أضاف له قوة الألوان حيث تعتبر الألوان عنده هي قوة الحياة والارتباط بالطبيعة. وفي هذه الجنة تبدو الأعمدة الملونة والشبابيك الراقصة وكل شباك يختلف عن الآخر. والقبب الذهبية تذكرنا بقبب الكرملين في روسيا. والجدران مزدانة بمصغرات السيراميك وزخرفات ملأت كل أركان المنتجع بألوان وشظايا قطع الزجاج والمعدن والحجارة. ولم تخل زاوية من المنتجع من بصمات العمل الفني تكتسيها. وبشكل مبعثر تتناثر قطع السيراميك على الحيطان والأرض. فهذا المكان هو حياة لفنان كبير لأنه تمكن أن يربط الطبيعة بألوانها مع فن العمارة والتصميم في أضخم بناء معماري في النمسا على الإطلاق. وقوة هذا العمل الفني الضخم تبدو في ينابيع المياه المعدنية التي شبهها الفنان بالبراكين.
غطت اللمسات الفنية والزخرفات والرسم والتصميم 2400 نافذة. وكل نافذة لها ميزتها الخاصة ولونها الخاص. وفي قصر الفن مائة غرفة من الحجارة و واحد وعشرين بيتاً في الغابة. ففي كل ركن من الغرف والبيوت يلمع فن هوندرت فاسر. ولم يترك زاوية وان بدت صغيرة إلا ونقشها وزينها بلون باهر .
أعمال الفنان الراحل تنتشر في النمسا. ففي فيننا غدا منزل هوندرت قصرا مشهورا ومتحفا تفتخر به النمسا. وقد طبعت صوره على بطاقات لتبرز جمالية فيننا وأسلوبها الحديث في فن العمارة. فهناك شركات تضع أعمال هوندرت فاسر على أكواب الشاي والقمصان والأقلام والأعلام .لقد تنوعت أعمال الفنان بين الرسم ،حيث يقول بأنه كان يرسم في المنزل وفي الطبيعة والطرقات والمقاهي والقطارات والموانئ ، وكذلك كانت له تقنية كبيرة في فن الغرافيك وكان يردد بأن لوحاته هي ابواب مفتوحة لعالم الطبيعة .
مات الفنان عام 2000 بعد أن ترك للنمسا إرثا كبيرا من الأعمال الكبيرة ومنها: كنيسة سانت بربارا في بيرن باخ في النمسا التي زرتها العام الماضي. وقصر الفن في فيننا،منتجع بلوماو الضخم،النافورة النمساوية في سيل ام سى،وقد أبدع أيضا أعمالا في العالم مثل اليابان،أمريكا،سويسرا،نيوزيلندا ودول أخرى.
كتبت كتب كثيرة حول حياة هذا الفنان الكبير وكذلك أفلام وثائقية تؤرشف أعماله وتاريخه الفني. كذلك زينت الكثير من أعماله أغلفة الكتب. سياحة ونزهة مع فن العمارة في النمسا وفن الفنان الخالد هوندرت فاسر تنسيك هدفك وترحل بالمشاهد إلى عوالم الطبيعة. وهذا ما حدث لي وأنا أتجول في أروقة المنتجع للتفرج على عمل ضخم في تاريخ النمسا. ونسيت المنتجع والاستجمام وعدت إلى داري بموضوع حول فنان كبير سجل تاريخا لبلده وللإنسان أيضا،إنه هوندرت فاسر.
بدل رفو
غراتس \ النمسا