Share |

هي وهو وقاموس العيد ...بقلم : نارين عمر

قصّتان من نسج الواقع

 

خطر بباله أن يستعيرَ من كل ّ قاموسٍ مفردة, يجمعها في سلّة المشاعر, يقدّمها إليها على شكلِ سنبلةٍ  نهار العيد الجديد.

نبشت في صميم ذاكرتها عن جملةٍ ما تزالُ تدغدغُ عنق الرّحمِ, أمسكتْ بها, نفثتْ فيها من وحي عشقها وهي تتمتمُ بعض الأحرف الشّاردة, ثمّ سكبتها في مَزْنِ تأمّله.

السّنبلة اكتملتْ فصارت قاموساً ينطقُ بكلّ الّلغات والّلهجات.

المَزْنُ انهمرتْ, في عينيّ الأرض, فباتَ الخصبُ مؤنس كلّ الفصول.

أشرقَ عيدٌ جديدٌ, ودّعَ سلفه بألفةٍ وعناق, والعيد الذي تلاه فعلَ بسلفه ما فعله سابقه وما تزال الأعيادُ تتدفقُ من نماءِ  السّنبلةِ التي تنتعشُ في سخائه, وتتلألأ الأعياد في انسيابِ المزنِ التي تنبثقُ في موردِ وحيها.

                         

 

 

 

 

                        هي وهو وفلذة الكبد

 

 

حملَ إليها ابنها المعمّد في ماءِ الحرّيّةِ القانئ, هرولتْ إليه, انتشلته من صدره, ضمّته إلى صدرها.

بكتْ, صرختْ, لملمت عليها الجيران والأهل والمعارف, شاركوها النّحيبَ والبكاء.

أومأ إليها أن تهدأ قليلاً, لم تستجب, انشغلتْ ببكائها, انشغل الآخرون بها.

في فوضى نحيبها ورثائها لمحته متقوقعاً على ذاته في زاويةٍ ساكنة, تبتكرُ عيناه أنواعاً من البكاءِ لم تبتكرهما عينا سواه. سارعت إليه, خُيّلَ إليها وهو يقولُ لها:

-لا أشكّ في غليان أحشائك, في ثوران أنفاسكِ, فأنتِ أمّ, ولكن مَنْ قال إنّني (الأبُ) لا أشارككِ هيجان الغليان؟!

قبّلته من جبينه وفي عينيه, امتزجتْ دموعُ عينيهما لتشكّلا نبعاً ترتوي منه عشراتُ الأرحامِ, فتنبت بناتٍ وأبناء يهبون الحياة المعنى والمغنى, وينفثون في روح الوجودِ السّيرورة والبقاء.

 

 

narinomer76@gmail.com