Share |

احتجاجًا على حرق تمثال (العشق) القبلات تنتصر على الجهلة في السليمانية

    الشاب يقبل حبيبته على ما تبقى من النصب
الشاب يقبل حبيبته على ما تبقى من النصب

 

أقدم مجهولون على حرق تمثال (العشق) في مدينة السليمانية، مما دفع بعض الشبان إلى الاحتجاج، بل أن أحدهم صعد إلى منصة التمثال المحروقة وأخذ يقبل حبيبته، في مشهد يعبر عن الرفض القاطع لمثل هذه الأفعال.

بغداد: انتصر شباب من مدينة السليمانية شمال العراق، للعشق والحب، حينما أعلنوا عن وقفة احتجاجية ردًا على قيام بعض الأشخاص بحرق تمثال لعاشقين، فامتلأ المكان بالعشاق الذين تبادلوا القبلات هناك، فيما ارتقى حبيبان المنصة التي كان يقوم عليها التمثال وتبادلا القبلات.

بسرعة.. ارتقى الشاب الكردي، كاميران، منصة التمثال المحترق الذي يمثل عاشقين ليعلن احتجاجه الصارخ على هذه الفعلة التي لا يراها تتطابق مع ابسط المشاعر الانسانية، اخذ حبيبته بيده وصعد فتبادلا القبلات، وهذه اللحظات تم تصويرها من قبل زملاء لهم واصدقاء عشاق وقفوا في المكان ذاته وقفة احتجاجية ضد (الظلاميين والجهلة)، وحدادًا على ما تبقى من التمثال الجميل، وقد كان الرماد هو كل ما تبقى، وليعلن كاميران بملء الفم (إن أماكن العشق تورث إلى آلاف العاشقين لتكن سعيداً، ولتدم ايامك عشقًا)، كما قالت ذلك إحدى زميلاته.

احتجاج معبر

 يقول المواطن جمال عميدي، من اهالي السليمانية لـ (ايلاف): يقع هذا النصب الذي اسمه (نصب العشق) في بارك آزادي التي معناها بالعربية “متنزه الحرية” وسط مدينة السليمانية، وفي يوم الجمعة (18 اكتوبر/ تشرين الأول 2013)، قام مجهولون باحراق النصب وخربوه، وحزن الكثيرون لهذا العمل الشنيع، الغريب عن اخلاق مدينة السليمانية الجميلة المحبة للحياة.

وبعد انتشار الخبر جاء العديد من الشباب ووقفوا بالقرب من مكان النصب وتأسفوا بكلماتهم، كان هناك عدد من الشباب والشابات، لكن الملفت للنظر أن شابًا وشابة صعدا فوق قاعدة النصب وراحا يقبلان بعضهما البعض، وسط تصفيق من الحضور وهو ما جعل البعض يتماشى مع الشابين ويقبل حبيبته، وهو احتجاج يعبر عن احترام الناس للعشق وعدم احترامهم للحاقدين.

  واضاف: نحن في مدينة السليمانية لا نرضى بأي عمل يخرب الجمال ويسيء الى الحب، الحديقة يزورها الكثير من الشباب والشباب، وهذا النصب ليس فيه شيء سيىء أو لا يحترم التقاليد، ونحن نرفض أن يقوم الجهلة بمثل هذه الافعال الدنيئة التي تهين المدينة.

لا للاستخفاف بالجمال

 ونقلت الأخبار أن المثقفين والصحافيين والفنانين والناشطين المدنيين الكرد، اعربوا عن سخطهم للاعمال التخريبية التي طالت بعض المعالم الثقافية في المدينة ومنها قبر الشاعر شيركو بيكس، واعلنوا وقفتهم الاحتجاجية حيث قال ئاسوس هردي، أحد منظمي الوقفة: إن تجمعنا في هذا المكان هو لمواجهة التطاول والاستخفاف برموز الجمال والحريات من قبل بعض الأشخاص الذين يحملون قلوباً سوداء وجامدة، الأشخاص الذين يخافون حتى من قبر شاعر الجمال والحرية ونصب العشق، لذلك فالهجوم ليس ضد شيركو بيكس، وإنما ضد رمز الحرية والجمال والقومية الكردية.

وأضاف: هذه الاعتداءات غريبة على الثقافة والروح المتحررة الكردية. ونؤكد حرصنا على التمسك بحرية الإبداع والفكر وجميع القيم الإنسانية في إقليم كردستان

 من جهته، قال مدير مركز ميترو للدفاع عن الصحافيين رحمن غريب: إن الاعتداء على قبر الشاعر بيكس وحرق نصب العشق مخالف لثقافة أهل السليمانية والمجتمع الكردي، نحن جئنا لندين هذه العملية وللتعبير عن التضامن مع الشاعر بيكس. 

 النصب سيعود

 من جانبه، قال فرهاد الكردي، مهندس، أنا ضد الجهلة والمتخلفين الذين يريدون أن يجعلوا من الحياة ظلامًا، انا سمعت بالخبر وغضبت لأن الذي يكره الحب والعشق يكره الانسانية والضياء والحياة، وهؤلاء ليسوا من اهل السليمانية التي تعيش حياة مدنية والجمال فيها يكون افضل سنة بعد سنة، واجمل شيء فعله الشباب هو تبادل القبلات قرب النصب المحروق، لأنه افضل رد على هؤلاء المتخلفين، فنحن نعيش في القرن الحادي والعشرين وكردستان العراق ليس فيها مثل هذا التخلف، القبلات وسيلة جميلة وانا اشجع مثل هذا في الرد على الظلاميين، ولو كنت اعرف وقتها بتجمع الشباب لاخذت حبيبتي وقبلتها هناك احتجاجاً وحزنًا على ضياع التمثال الجميل الذي كان يزين الحديقة.

 واضاف : انا اعتقد أن اهل السليمانية سيعيدون هذا النصب ويجعلونه اجمل وسيزوره الشباب من العشاق ، فليس هنالك اجمل من العشق.

القبلة في مواجهة القنبلة

 إلى ذلك رأى الفنان والناقد التشكيلي، محمود موسى، أن تبادل القبل احتجاجًا ليس رد فعل لحظوياً، فقال : يبدو أن القبلة قد أصبحت سلاحاً بمواجهة القنبلة، هذا ما تقوله الأحداث العيانية.. جيل من الشباب يواجه الحرب بالحب أمام قسوة المتشددين والمتطرفين، ففي تونس خصص يوم للقبلة، وكذا الأمر في مصر وتركيا وأخيراً في كردستان العراق حين اعتلى عاشقان بقايا قاعدة التمثال، وكأنهما طائرا فينيق بعثا من تحت رماد التمثال المحترق.

 واضاف: ربما يبدو للبعض أنها ردة فعل لحظوية لكنها أيديولوجيا المواجهة من خلال الجمال، وربما لم يدرك هذان العاشقان قوة الفعل الجمالي لسلوكيهما اذا ما قورن بجماليات ما بعد الحداثة في تجربة (النحت الحي) اذ تُعرض أجساد بشرية حقيقية في قاعات العرض التشكيلية لمدة وجيزة من الزمن في لحظات لا يمكن لها أن تتكرر، مثلما فعل هذان العاشقان.

 

 

عبدالجبار العتابي- ايلاف