اطلاق صفة " المخيم " يدخل في خانة المجاز حيث انه لايستوفي الشروط الادنى اللازمة لتلك الصفة ، اذ لا توجد فيه دورات المياه التي تليق بالبشر والخيم لا تقي من حرارة جهنم الصيف ولا من برودة الشتاء القارس وامطاره ورياحه وفيضاناته.
من الناحية الاعاشية لا املك معلومات كافية ولكن تجارة وبيع الفتيات القاصرات تحت اسم الزواج ــ وبفتاوى مخزية ــ الى الغرباء الذين يأتون من " كل فج عربي عميق " هو دليل كاف لمعرفة ظروف الحياة التي يعانيها المهاجرون السوريون.
سوف نترك الاردن جانبا لان الجميع يعرفون الامكانيات المحدودة لهذه الدولة وشعبها.
المشاهد المريعة للمهاجرين التي شاهدناها على الشاشات والتي كانت تدمي القلوب جعلت كل انسان يحمل بين جوانحه ذرة من الوجدان والضمير ان يشعر بالحزن و بالغثيان والاحباط.
على من تقع المسؤولية لما حدث للمهاجرين السوريين ؟ ثم لماذا عدم اتخاذ التدابير قبل قدوم الشتاء وبكل قساوته ؟
المسؤولية بالدرجة الاولى تقع على المعارضات من الائتلاف وهيئة التنسيق والمؤتمر الوطني السوري وصولا الى كل الشذرات والمذرات الاخرى تحت الاسماء المختلفة والتي تدعي المعارضة.
سؤال بسيط : لماذا لم نجد ولا اي معارض بين تلك الخيم في تلك الظروف القاهرة ؟ ليس القصد هنا زيارة المخيم لساعة او ساعتين مع صور تذكارية هزلية ، بل القصد هو الاقامة هناك لمدة اسبوع على الاقل لمعرفة الحقيقة والواقع ونقلها الى العالم اجمع . لماذا لا يوجد مقيمون دائميين من المعارضين وقياداتهم في كل المخيمات في دول الجوار ؟ امر غريب فعلا!
الم يكن من الواجب على معاذ الخطيب وجورج صبرا وهيثم مناع وآخرين ان يكونوا الى جانب هؤلاء المهاجرين منذ الساعات الاولى والاقامة هناك حتى ايجاد حل لتلك المحنة ؟
الخطيب وصبرا ومعهم مجالسهم منشغلون بتوزيع المناصب في حكومة المنفى واجراء المناقشات في الفنادق ووجباتها الدسمة التي تعودوا عليها.
اما السيد هيثم مناع فهو منهمك في الاعداد لعقد مؤتمر آخر في جنيف قريبا . لو كنت مكان السيد مناع لقمت بتبديل مكان المؤتمر من جنيف الى الزعتري وسلمت المخصصات النقدية الى المهاجرين بدلا من هدرها على الفنادق السويسرية.
الاكثرية الساحقة من المعارضين وصلوا الى الصين ولكن لم يصل احد الى الزعتري . هل هؤلاء يخافون من التعرض الى نقمة المهاجرين اصحاب القضية الحقيقيين وهم في الواقع افراد ينتمون الى أسر وعائلات واقارب الشهداء والجرحى والمعاقين ؟ المعارضة فقدت المصداقية وظهر ان كل " نضالاتهم " لا تتعدى كونها صراعا على المناصب . الزعتري اكبر برهان.
المسؤولية بالدرجة الثانية تقع على عاتق السوريين في المهاجر لتقديم العون . ولكن الانسان السوري العادي فقد الثقة بالسياسيين وجمعيات وهيئات جمع التبرعات بعد نصف قرن من العيش في ظلال اللصوصية والسرقات والنهب والاكاذيب والتفسخ الاخلاقي في ظل النظام الحالي وكل ذلك ترك ندبات مرضية عميقة في سيكولوجية الانسان السوري والتي تظهر الى السطح بردود افعال متباينة واخطرها فقدان الثقة.
المسؤولية بالدرجة الثالثة هي مسؤولية الدول العربية وشعوبها ولكن كالعادة نشاهد ان الدعم كبير بالصوت والصورة تلفزيونيا وزهيد جدا في الواقع . يعني جعجعة من دون طحن . ما يدعو الى السخرية هو ان المنطقة العربية تعتبر من اغنى مناطق العالم وفيها اصحاب اكبر الرساميل المالية في المصارف العالمية . هل الخليج وحده صاحب الموارد النفطية؟ العراق وليبيا والجزائر لا تقل عن دول الخليج والسعودية . الكل في الهوى سوى.
من اين كانت تأتي مليارات بن علي ومبارك والقذافي وابنائهم وبطاناتهم ؟. اليس من المنطقة العربية بالذات ؟ كل الحكام العرب واسرهم وصولا الى الاحفاد لديهم ملايين من المليارات في كل انحاء العالم.....
بعد معرفة هذا الثراء الفاحش في المنطقة ، أليس من العار ان تمتد ايادي التسول و " الشحادة " على ابوب الغرباء في الغرب والشرق وفي كل مكان ؟ . الصورة كاريكاتورية وهي انك تجد شحاذا يملك الوفا مؤلفة من الدولارت وهو يمد يده ويشحذ : دولار لوجه الله.......
ألا ترون ان معظم المعارضين وكذلك كل الحكومات العربية واجهزة الاعلام المعروفة توجه اللوم صباح مساء الى العالم وتتهمهم بالتقاعس عن تقديم العون والمساعدة الى الشعب السوري . ألا يعلم هؤلاء ان العالم يعرف عين اليقين كم دولارا لا بل حتى سنتا تملكه كل دولة وحكامها واثريائها .ألا يعلم الجميع ان امريكا والغرب يعانون من ازمة مالية خانقة ومنذ عدة سنوات ؟ اذن لماذا هذا التسول على ابواب المفلسين ؟