إن حالة الاحتباس الفكري الذي أصابالإنسان الكوردي،ما هي إلا نتيجة الفكر الحزبوي الضيق وحالة الاغتراب التي يعيشها الكوردي ( المثقف،الأكاديمي،الجامعي،القارئ الجيد،...ألخ) بسببالأفكار الحزبوية والحالة الغائبة للعملالمؤسساتي والضرورة الملحة والماسةإلىإطار فكري جامع ومانع يلم شمل شتات الكورد وضياعهم على أرضهم،علماً أن اخطر أنواع الكتابة هي الكتابة في الشأن الكوردي الخاص...
إن التركيز دوماً على تصدير المنتوج الفكري الحزبوي الضيق،وإسقاطه على الشارع الكوردي بدلاً من مشاركة كافة الإطراف في معادلة واحدة، هي ما تؤدي إلى حالة الاشمئزاز الحاصل دوماً،والمعضلة تكمن في أن هذا الإسقاط لا يقتصر على المفاهيم البسيطة بل أنها تحاول جاهدة خلق سيستام خاص بها،وفرضه عبر رتم شمولي خاص بها من ثقافة وآلية عمل وتخبط حضاري مفروض على الشعب،والتي من نتائجها خلق حالة تدميرية واغترابية لنمط المعيشة الكوردية فكرياً وروحانيا ووجدانيا، مما يؤديإلى تفاقم المعضلات الاجتماعية والحضارية وما ينتج عنها من تحطيم للقيم الإنسانية واستلاب فكري على مختلف الصعد سواء أكانت اقتصادية تقية،أو على صعيد الفكر والمفاهيم،أو على صعيد الحضارة والتنظيمالإداري،والصعيد السياسي،وهنا تبرز إشكالية العلاقة بين الأفراد المستقلين والنشطاء الشبابيين من جهة والأفراد ذو الفكر الحزبي الضيق من جهة أخرى، والتي توضح الخطورة من جهتين استيراد الفكر الحزبي الضيق المتمثل بشخصنة السياسي وتأليهه من جهة ،ومن جهة أخرى عدم اخذ طبيعة ورأي وحالة الشارع الكوردي الفكرية والسياسية بالحسبان، وما مرد هذه العلاقة الجدلية ما بين الفكر الحزبي الضيق والحالة الكوردية الجمعية المتفقة على أن الأولوية للشارع الكوردي،إلا بسبب الاستطرادالحاصل من لدن "البعض" من السياسيين أو"البعض" من الأحزاب بالقوة الجماهيرية للشباب الكورد،وهذا السبب الجوهري هو الذي يكسب الغرض الفكري قسريا طابع الحشو والقهر والضغط ويمنحأبعاد اغترابية للعقل الكوردي، لذا والحالة كهذه فلا بدمن طرح البديل القائم على التحليق الفكري للشارع الكوردي والمتمثل بضرورة فرض رؤاهومبتغاة وفكره على الأحزاب الكورديةلا العكس،فأهميةالأحزابإنما تتجلى ضرورة وجودها لخدمة الشعب والحق الكوردي لا العكس،وهنا تلعب حركة الثقافة دوراً ريادياً في عملية الضغط الشعبي على الحركة الكورديةوإجبار السياسي الكوردي على ضرورة تبعيته للشارع الكوردي لا العكس،وهذا بدوره يتطلب الاستمرار بالنقد البناء دون تجريح وفضحالأخطاء وخاصة المقصودة منها بما ينسجم ومقتضيات رفع درجة تلبية طموحات وطروحات الشارع الكوردي، واستغلال اللحظات الحاسمة من اجل استنباط مهمات النهوض والتحرر في روز افا
إن الحالة الحزبية الكوردية اليوم تجمع في علاقاتها وهرمها وتنظيماتها الحزبية بين آلياتالأحزاب السوفيتية وسمات الشباب العصري والحديث مع عقليات حزبية متفتحة،مع ضغط الشارع الكوردي وان كانت الهيمنة حتى ألان هي للحالة الحزبوية الضيقة،وليست هيمنتها هذه مردها إلى الحالة المؤسساتية التي تعيشها إنماإلى رغبة الشارع الكوردي في تقديم الحركة الكوردية وليست الحالة الحزبية،إلاأنإصرار الحالة الحزبوية في فرض نفسها ستؤدي في نهاية المطاف إلى دفع الشارع الكوردي لإعادةأنتاج حالة كوردية سياسية خارج أطار العقلية التسلطية الحزبية المقصية للأخر،هذه الحزبوية التي تعمل على تجديد خلاياها دوما في نفس الإطار ونفس المسار وعلى نفس الرتم وبنفس المواصفات والتركيز على المظهر بدلاً من الجوهر والاستمرار في فرض حالة التبعة وضمير القطيع على كل من يتعامل معهم أو التهديد بالبقاء خراج دائرة الحياة السياسية الكوردية دون أي اهتمام بالطاقاتالإنتاجية والباطنية للشاب الكوردي وهي تحول دون اكتمال البناء القومي الحديث
أما من ناحية الواقع الاجتماعي الكوردياليوم فان عملية التحزب والحزبوية أصبحت من الأمور الغريبة والباهتة في الحالة السورية العائمة على بحر من الدماء، حيث تحولت أكثر مناطق سوريا تخلفا وأمية وجهلا بالسياسة والحضارة والثقافة إلى ساحة تصدر أعمال جمعية ومتوازنة، وتقسيم للعمل وتوزيع للعمل واتجاه واضح للعمل في حالة تعاكس واقع الكورد الذي يعاكس ماضي تلك الجماعات،أليس هناكهوة عميقة اليوم تفصل بين الشاعر الكوردي والحركة السياسية المتمثلة بالمجلس الكوردي،وهي الهوة التي حدثت نتيجة عدم تحقيق أية طموحات ورغبات وأهدافوأمال الشارع الكوريالذي علقها الشعب على المجلس.
أن النظام العالمي المعاصر فرض نوعاً خاصاً من التعامل السياسي لا يمكن تجاوزه،نظاماً قائماً على ضرورة وجود أحزاب قوية قادرة على تحريك الشارع،ووجود أحزاب تتمتع بثقل جماهيري قادرة على تغيير موازين القوى وفق معطيات وأدوات سياسية واضحة وآلية عمل شفافة،وميزانية تتيح لأنصار ومؤازري هذه الأحزاب القدرة على التحرك بأريحية كبيرا،علماً أن جميع الحكومات الديمقراطية الموجودة في شتى بلدان العالم ما هي إلا حكومات مستندة إلى مجموعة من الأحزاب تتوزع فيما بين أحزاب معارضة نالت نسبة من مقاعد البرلمان وأحزاب أخرى صغيرة لديها حصة صغيرة تناسب طرداً مع حجمها الصغير،وحزب أو أكثر نالوا الحصة الأكبر من مقاعد البرلمان بما يخولها من تشكيل حكومة ديمقراطية تشارك فيها الأغلبيةأو تقف بعضها في موضع المعارضة دون المساس بها،وهذه الحالة الحزبية وبكل تأكيد لا تشابه الحالة الحزبية الكورية الضيقة التي حتى هذه اللحظة لم تستطع الخروج من النفق المظلم الذي وضعت نفسها فيه،ولم تستطع أن تتجاوز المربع الأول الذي وجدت نفسها فيه حيال الثورة السورية... فهل ستبقى هذه الحالة مستمرة،وهل ستبقى عقلية الأنا الملغية للأخر هي المسيطرة،أم ستكون الغلبة لنداء الشارع والواجب القومي