الزيارة الأولى لنا كانت في أوائل كانون الأول 2012, بدعوة من وزارة الثقافة والشباب لحضور ملتقى صحفيي جنوب وغربي كوردستان, وعلى مدرج قاعة اتحاد كُتاب إقليم كوردستان العراق, عُرض فيلم عن مخيم دوميز للاجئين الكورد السوريين, إلا أن ما تضمنه الفيلم من مقاطع عن واقع المخيم والمقارنة الغير المنطقية لما يجري في غربي كوردستان, آلمنا كثيراً, فاضطر البعض من زملائنا للانسحاب من القاعة, احتجاجاً على أسلوب السرد المهين. وهذا ما دفعنا إلى عدم زيارة المخيم المذكور.
في زيارتي الثانية للإقليم توجهت للمخيم في 1-1-2013, ففوجئت بما يُقدم للاجئين الكُرد من خدمات, رافقني الأستاذ نزار عيسى, وهو أحد المشرفين على توزيع الأغذية والمتطلبات, ليطلعنا على واقع المخيم؛ حيث الآليات الخاصة بتعبيد الشوارع تفرش البقايا وتدحي بالمداحل, أما في القسم الجنوبي من المخيم كانت الحمامات ودورات المياه شبه جاهزة, إضافةً للقواعد الإسمنتية للمخيمات, أكد لنا السيد نزار عيسى أحد المسؤولين عن تنظيم أمور اللاجئين, بأن هذه المخيمات النموذجية, ستجهز قريباً, وينقل إليها اللاجئين حسب قدمهم.
أما النقطة الصحية للمخيم, حسب ما سرد لي السيد فيصل أحمد, العامل في منظمة الأمم المتحدة, أكد إن ما تقدمه حكومة الإقليم من خدمات غذائية وصحية تضاهي أضعاف خدمات منظمة (UNHCR), أي أن حكومة الإقليم هي التي تتحمل الغالبية المطلقة من الإعانات. حاولنا دخول مركز النقطة الصحية, التي يشرف عليها منظمة (أطباء بلا حدود), فرفض الأطباء والعاملين الإدلاء بأي تصريحات لنا, مؤكدين أن السيدة كاترين, هي الناطقة باسم المنظمة ولها الحق في الإدلاء بالتصريحات لوسائل الإعلام والصحفيين.
باعتبار أن السيد فيصل أحد العاملين في النقطة الصحية من قبل (UNHCR), حاولنا الاستفسار منه عن الخدمات المقدمة لقاطني المخيم, فأجابنا: إن هذه النقطة تقدم خدمات طبية لكل المرضى؛ حيث يوجد أطباء باختصاصات عديدة, وتابع فيصل قائلاً: فقط العمليات الجراحية, تُحول إلى مشفى دهوك. في هذه الأثناء خرجت من النقطة الطبية أمٌ وهي تحمل رضيعها, ومزقت ورقة المراجعة, فالتحقتُ بها وسألتها, عن سبب تمزيق الورقة, فأجابت والدموع تنهمر على وجنتيها: اُنظر إلى حرارة طفلي (علي شكري), بالأمس لم يدعنا ننام, ويدعي الطبيب عدنان (الإخصائي في طب الأطفال): أن الطفل سليم, وتابعت والدة علي قائلةً: غداً سأثبت عكس ادعائه, ان بقيتُ وبقي ابني على قيد الحياة, سأتوجه إلى طبيب خاص في دهوك, وسأجلب معي الأدوية وتشخيص الطبيب, مهما كلفني من مصاريف, حتى لو اضطررت للاستدانة, وليعلم الدكتور عدنان, أنه تربية مشافي النظام السوري, ولم يتعلم بعد قيم ومفاهيم الإنسانية من منظمة (أطباء بلا حدود).
في هذه الأثناء أراد السيد فيصل أحمد إقناع والدة الطفل بقوله: أن أهل دهوك يتوجهون للطبيب عدنان, فهو إخصائي متميز, وله خبرة كبيرة في مجال طب الأطفال, إلا أن والدة الطفل علي, لم تقتنع بكلام فيصل, وأصرت على أن ابنها مريض, وطلبت منا التأكد من حرارة الطفل, فلمسنا جبهة الطفل, وبالفعل كانت حرارته عالية جداً.
اليوم كانت الجمعة جمعة مخيمات الموت, بالفعل فقد مات العديد من الأطفال لسوء الاهتمام في هذا الشتاء القارص, كما سردت أم علي عدة حالات لأطفال ماتوا على طريق دهوك قبل وصولهم للمشفى, وحينها كان أطباء المخيم, يدعون أن حالتهم سليمة, ولا يحتاجون لا للأدوية أو التشخيص الطبي, فهل النقطة الطبية في دوميز, هي نقطة قراءة الفاتحة على أرواح أطفالنا, أم أنها نقطة العبور إلى المقابر؟
- مكتب قامشلو لـ اتحاد الصحفيين الكُرد السوريين
تربه سبي 11-1-2013