قبل ثلاث وأربعين سنة حزينة على الأمة الكردية، أغمض القائد الكردستاني العظيم الملا مصطفى البارزاني عينه، وفي قلبه وروحه حلم الكرد في وطن مستقل لهم،
وأرض لا ينازعهم فيها أحد، ليس لهم مطامع في أرض أحد، ولا لهم ميول لإيذاء أحد، بعد أن صال وجال في ساحات النضال، واعتلى الرؤس العاليات للجبال الكردستانية، وسار مع بيشمركته البواسل في الوهاد والوديان، دون أن يفرّق بين أية أرض كوردستانية، واضعاً الجهات الأربع والخرائط التي أرادها الأعداء من أجل خنق كل توجّه يرمي إلى استعادة التاريخ لصفحاته الناصعة، ويكون لنا هواؤنا وشمسنا التي بها نعتزُّ، وبها كنا ونكون، فقد السجل هذا القائد الكردستاني العظيم اسم الكرد بأحرف من ذهب، بعد حياة حافلة بالرغبة الحقيقية والعمل الدؤوب من أجل شعبه الكردستاني في أربعة أجزاء الوطن المتوجع من دروس الجغرافيا الظالمة.
وقد استحق البارزاني كل هذا التقدير..هذه المحبة الفائضة من جميع شرائح المجتمع الكردستاني، ونال الاحترام حتى من خصوم الكرد، كون الخالد كان يقاتل خصومه، ومع الحق الكردي الناصع، ولم يكن في باله مطمع غير حق أهله الكرد، وقاتل بأخلاق الفرسان الشجعان الذين لا يفتكون بالضعيف، ولا يأخذون حتى عدوهم بالغيلة والغدر..حتى لو انتفت هذه الأخلاق لدى الأعداء، فقد كان دوماً في مرمى سهامهم وغدرهم، لكنه كان يقابل توحش الحكومات العراقية واستماتتها للقضاء على كل ماهو كردي بالطيبة، والخلق الرفيع، رغم أحابيلهم وحيلهم للوقوع به قتيلاً، وكثيراً ما خططوا لاغتيال سيادته لكن خططخهم الدنيئة كانت تبوء بالفشل في اللحظة الأخيرة.
اليوم .. الكرد في أربعة أجزاء كردستان، وفي المهاجر والشتات، يستذكرون مكارم أخلاق البارزاني العظيم في ذكرى رحيله، وقلوبهم موجعة على ذلك الرحيل المر..يستذكرون سيادته، وهم بأشد الحاجة لتمثل خصاله العالية، والأثر الطيب الذي كان به في الحياة، والذي سيظل على الدوام مادام الكرد يفردون أوراق تاريخهم..
الكرد يحتاجون، إضافة إلى وقفات الوفاء والاستذكار كل عام في يوم رحيل الخالد، وفي يوم ميلاده، إلى استعادة قيم الغيرية على الكردية والهوية الكردية، الإيثار في خدمة الشعب، ونبذ المصلحة الشخصية، ووضع مصلحة الشعب فوق كل اعبتار، والشجاعة في اتخاذ القرارات المصيرية، تلك القرارات التي تحتاج قلباً قوياً لأن شبكة خصوم الكرد وأعدائهم الداخليين وفي جوارهم وحتى الأمكنة القصية لم يتغيروا أو يتبدلوا من أيام القائد الخالد، وحتى الآن، بل زادت أحابيلهم، وتوسعت مطامعهم، وهاهم يتنصلون من دساتيرهم، ويتهربون منها، وكل يوم يخرجون بفرمان جديد يريد إعادة الكرد إلى منزل الاستعباد الذي لن يعود مهما كانت الأكلاف غالية وثمينة.
الكرد يحتاجون كاريزما خلاقة كشخص البارزاني، لييعدوا التوازن في محيطهم، ويسطّروا على دفتر تاريخهم الآني ما يصلح أن يفيد غداً وبعد غد..
الآن .. الرئيس مسعود بارزاني يحمل بقلبه وصدره هذه الفضائل، وهذا ما يمنح قلوب الكرد في كل أماكن تواجدهم الأمل بتجدد النصر حتى يوم الفرح الأكيد.
وكذلك الجيل الشاب من القادة الكرد، يحملون هذه الخصال النبيلة في قلوبهم، ويمضون بكردستان نحو المزيد من الإنجازات، والمزيد من النجاح، رغم الظروف التي تحيط بكوردستان وهي من بغداد .. المركز إلى دول الجوار القريب، وحتى البعيد، ومع ذلك تنجح القيادة الكردستانية في ضبط إيقاع العلاقات الندية، والاشتغال على فتح القنوات الدبلوماسية مع الجميع بحيث تظل مصالح كردستان هي العليا، ومصلحة الشعب الكردستاني نحو المزيد من الاستقرار والرفاهية والحياة الرغيدة، وضرب وإبعاد كل من يتقصد الإساءة لكردستان والكردستانيين..
في الذكرى الثالثة والأربعين لرحيل قائد أمتنا الكردستانية، تنحني الهامات لحروف اسم البارزاني العظيم، وعلى نصاعة نهجه سائرون.
K24