صدر للكاتب عبدالرحمن عفيف كتابٌ جديدٌ بعنوان "دموع الملائكة أوالسعادة المطلقة" عن دار هنّ للنشر والتوزيع في مصر: القاهرة، بعد عدّة إصدارات له بين ترجمة وأشعار و نصوص.
وجاء على صفحة الغلاف الأخيرة للكتاب:
"صنع لها تمثالا فائق الجمال ببشرة تميل قليلا إلى الصفرة يشبهها تماما وهي في السابعة عشرة من العمر، ووضعه على الشارع قريبا من جسر سوق عامودا من جهة الدرباسية، وهو نفس الموضع الذي أعطته فيه الفرصة لكي يتحدث معها قبل ٣٧ عاما، لكنه لم يفهم ولم ينتهز الفرصة ولم يمش معها قليلا ولم يحادثها. بعد وضعه التمثال تجمد كل ما هنالك في مكانه. المارة، باصات الحسكة والسيارات الصفراء، الهواء والجالسون في المقاهي تجمدوا وشايهم في أيديهم. تجمد الحمالون والعواميد في نهر الخنزير. تجمدت صيحات بياعي الخضروات في العرصة.
تجمد الصيف والغبار.
وهي تابعت مشيها متوجهة إلى البيت...
تحوّلات المدينة.
إلى ذكرى محمد عفيف الحسينيّ.
إنّها أحوالُ المدينة التي تبدّلُ حالَها من طينٍ ملءَ العين واليد إلىحديدٍ و أسمنت يوجعُ العينَ و اليد و الرّوح و يكتمُ اﻷنفاس ، غرابةُ
الكاتب المتماهي مع المكان هي تحويلُ الواقع إلى أسطورة و تحويل الشّيءالمُرمَى إلى روح تتنفّس و تحادثُ شبحاً من لحم و دم. هي هذه" دموع لملائكة أو السعادة المطلقة" مزيجٌ من الشّجن والذّكريات واﻷمثال والحِكم بشكلها اليوميّ الذي خلقها عبدالرحمن عفيف ليكون أبطالُها أشخاصاًلا حِكماً جامدةٍ، و غالباً يكون هؤلاء اﻷشخاص شعراء أو من المحجورعليهم...يهيمون و يتبعهم الغاوون.
المكان المعطوب عامودا يتحوّلُ من خلال اللغة إلى شعرٍ و موسيقى و امرأة. فباللغة ـ وهي أخطرُ النِّعم بحسب هايدغرـ تمكّن عبدالرحمن عفيف ألا يصلَإلى المدينة ينشدُها، فالوصول يعني الانتهاء..وانتهاء الرحلة يعنيالخواء. إنّه يكتبُ عن مسالك المدينة و شعابِها وعيونِها...عينٌ تتدفّقمن هنا... وعينٌ ينضبُ ماؤها من هناك.
رحلةٌ غيرُ شاقّةٍ للوصول إلى عامودا، فمستلزماتُ الرّحلة موجودةٌ،ماتبحثُ عنه يقطنُ قربَكَ.
عماد الحسن يقفُ في رأس الحقل مُترَباً...منتظِراً اسماعيل كوسه و مروانشيخي و عبداللطيف. إنها لغةُ الكوابيس لا يفهمُها إلا مَنْ نُفِخَ بالنار، وإلا مَنْ رَكِبَحمار الشيطان. وكي لا يُظنّ بنا الظنون:حين يجتمعُ الشعراءُ لا يتحدّثونعن الشّعر و أهلِه بل عن الحقول التي تخضرُّ أو تصفرُّ أو التي تُمحَى.
من باب الترف اﻷدبيّ أسمى عبدالرحمن عفيف كتابَه ب"دموع الملائكة" و هذهأيضاً من الرحلة التي تبدأ من مكانٍ ما و لا تنتهي إلى عامودا التيتُضَخُّ في كلّ سطر من الكتاب.
إنّها عامودا المنهوبة ..كلّ مَن مرَّ بها سَرَقَ منها بيتاً أو اسماً أوامرأةً أو شجرةً، إنها عامودا..مجرّدَ أن تمدّ يدَكَ حتّى تَفَدَ إليكعوالمُها الغائبة.
خَطَرُ الكتاب ـ كما في خطر اللغةـ أنّه يمكنُك أن تقرأَه في أيّوقتٍ..أو في أيّة صفحة تشاء، أو أن تقرأَ ربعَه أو نصفَه أو كلَّه.
وجدير بالذكر انه سبق وان صدر للكاتب ثلاث مجموعات شعرية ومجموعتان قصصيتان و الحجحجيك عن دار نلسن 2008 و في سيارة ابن صراف عن دار هنّ 2020 و مجلد شعري مترجم عن اﻷلمانية بعنوان "الثلج يهب على اﻷلفباء" عن دار الغاوون 2012 وهذا العمل "دموع الملائكة أو السعادة المطلقة" الذي صدر قبل أيام عن دار هنّ . مصر: القاهرة .الطبعة اﻷولى 2022.
عبداللطيف الحسيني- برلين