هوزان أمين- التآخي - خاص-لقب (Zîrek) اي الشاطر وعرف بهذا اللقب الى يوم رحيله الذي يصادف 26 حزيران من كل عام حيثمرت علينا ذكرى رحيله الثالث والاربعون قبل أيام انه احد اعمدة الغناء الكوردي وروادها،
ذاع صيته وأشتهر ورغم مرور عقود من الزمن على رحيله إلا انه يعيش في وجدان الشعب الكوردي ولا يمكن نسيانه ولا سيما في عيد نوروز الذي اصبحت اغنيته احدى رموز ذلك اليوم وما يحمله من معاني ودلائل بالمقاومة والصمود وتجدد الحياة بالنسبة للشعب الكوردي( نوروز السنة الجديدة هل بالخير – عيد قديم للكورد هل بالخير) كذلك كان يعبر من خلال اغانيه الحياة ومشقاتها ويحاكي مشاعر واحاسيس الناس البسطاء انه الفنان حسن زيرك رائد الاغنية الفولكلورية الكوردية سنتناول في هذه الحلقة من سلسلة لنتذكر مبدعينا الفنان حسن زيرَك الذي خدم الفولكلور والفن الكوردي منذ نعومة اظافره ولغاية رحيله.
حياته :
ولد الفنان حسن زيرك في مدينة بوكان بشرق كوردستان ( ايران) عام 1921، ضمن اسرة فقيرة الحال توفي والده وهو ما زال صغيراً حيث حمل اعباء الحياة ومشقاتها منذ نعومة اظافره خاصة بعد ما تزوجت والدته اضطر الى العمل في سن الثامنة، هذه الظروف جعلته يختار حياة التنقل والترحال في العديد من المدن الكوردستانية ومارس العديد من المهن الصعبة، حيث ذهب الى مدينة سقز ومن ثم الى تبريز وحتى الى العاصمة الايرانية طهران، هذه الظروف والمعاناة ترك على شخصيته وتكوينه الفني الاثر الكبير ويعود له الدور في خلق حسه المرهف، وساهمت الى حد كبير في خلق موهبته الفنية، لان الغناء يلعب دوماً دوراً في الترويح عن النفس وهي وسيلة للتعبير عن المعاناة والاحزان والافراح في الآن معاً، كما انه خلال هذه الرحلات حفظ العديد من الاغاني وتعرف على الفولكلور الكوردي واغانيه الشعبية وحفظها عن ظهر قلب، حيث كان يمتاز بذكاء قوي يؤهله لحفظ الاغنية عندما تغنى امامه، غنى في الايوانات والغرف الكبيرة في القرى وترك اثره في كل مكان غنى فيها واشتهر وهو مازال يافعاً نظراً لصوته الشجي، تعلم خلال رحلاته الغناء وزال عنه الخجل والتردد وعلم بمدى قوة صوته وتأثيره على الناسواستفاد من خلال بحثه عن العمل بين القرى والارياف الكوردية سواء خلال بحثه عن العمل او في جولاته الفنية، فيما بعد ان اشتهر واصبح معروفا بين الناس فكانت حصيلته من جولاته الكثيرة كماً هائلا من الاغاني والالحان الفلكلورية الشعبية الاصيلة تزوج من المعلمة ميديا زندي وبمساعدتها تعلم القراءة والكتابة، الى ان غادر ايران متوجهاً الى كوردستان العراق حيث استقر في بداية الامر بمدينة السليمانية ومكث بعض الوقت في كركوك الى ان وصلت به المواصيل الى بغداد.
القسم الكوردي في راديو بغداد
عمل في بداية الامر في فندق شهرزاد ببغداد حيث كان معظم رواده من الكورد، وبمساعدة بعض الشخصيات الفنية والسياسية سجل اولى اغانيه في القسم الكوردي في راديو بغداد، وكذلك غنى في برنامج اسبوعي في الاذاعة، عمل مدة خمسة اعوام في الاذاعة، تعرف على العديد من الفنانين الكورد المشهورين آنذاك وغنى معهم وسجلت له اكثر من سبعين اغنية في الاذاعة الكوردية، حتى عام 1959 حيث عاد الى طهران بناء على دعوة رسمية له بالعودة والعمل في القسم الكوردي في إذاعة طهران، وغنى في اذاعة طهران وتبريز وازربيجان، ثم استقر به المقام في إذاعة كرمنشاه عام 1960 وسجل العديد من الاغاني بصحبة فرقة اوركيسترا راديو كرمنشاه.
وفي عام 1967 قدم مجدداً الى السليمانية ومنها ذهب الى بغداد لغرض تسجيل بعض اغانيه الجديدة ولكن للاسف لم يتم تسجيل اغانيه واعتقل ستة اشهر وسلم بعدها للسلطات الايرانية، وبعدها انقصل عن زوجته ميديا زندي وترك لها الاولاد.
عاد ادراجه الى كوردستان ايران وفتح مقهى له على احدى الطرق المؤدية الى مدينة (بانه) ولكن بعد فترة من التعاسة ومر الحياة اضطر الى اغلاق المقهى وذهب الى مدينة مهاباد، وتعرض للضغوطات من قبل الشرطة الايرانية بسبب أغانيه الوطنية اضطر الى مغادرة مهاباد والذهاب الى مدينة ( شنو) ولكن للاسف الشديد في عمر 51 وهو ما زال في قمة عطائه الم به مرض سرطان الرئة وفي 26 حزيران عام 1972 غادر الحياة وترك خلفه ارثاً فنياً كبيراً يقدر بمئات الاغاني والتراثية والفولكلورية والمقامات والاغاني الوطنية وورى الثرى في مسقط رأسه بوكان.
خاتمة
في ذكرى رحيله كل عام تقام العديد من النشاطات الفنية للوقوف على ذلك الفنان الذي اعطى ثروة فنية هائلة لا تقدر بثمن للفن والثقافة والادب الكوردي كما نصب على قبره تمثال بطول ثلاثة امتار كما الفت عنه العديد من الكتب ووثقت مآثره وأغانيه وحياته، وأهمها كتاب الفه الكاتب قادر نسرينيا، حيث جمع في كتابه قرابة 400 أغنية باللهجة الصورانية و62 مقاماً والعديد من نتاجاته الاخرى طبعها ونشرها في طهران ، كما قام معهد التراث الكوردي في السليمانية قبل عدة اعوام بتوثيق جميع اغانيه التي سجلها في بغداد وطهران وكرمنشاه وجمعها في عدة البومات غنائية مع كراس عن حياته واغانيه.
انه فنان يستحق كل تقدير واحترام وقد عاتب الناس خلال حياته من البؤس والشقاء الذي عاناه بعدم تقديرهم له، ولكنه لاقى كل تقدير واحترام بعد رحيله، لا تزال اغانيه خالدة في وجدان الشعب الكوردي وهناك اغاني مصورة وكليبات منذ قرابة خمسون عاماً ولا سيما اغنيته المشهورة ( لوركي لوركي) و ( ياله شوفير ياله) وقد أخذت منه الكثير من الالحان ونسبت الى اناس آخرين، غنى باللغة الكوردية اللهجة الصورانية والفارسية وقليلاً بالتركية انه احد اكثر الفنانين الكورد الكلاسيكيين نتاجاً وعطاءً وسيبقى شعلة منيرة لن تنطفاً.
المصدر – جريدة التآخي -العدد والتاريخ: 6929 ، 2015-07-06