Share |

لن يقف الكورد على قارعة طريق مؤتمر جنيف 2 …بقلم :نوري بريمو

 

في ظل إنسداد آفاق الحلول السياسية وعدم معرفة السوريين بشكل ومضمون خارطة الطريق الموضوعة بخصوص حاضر ومستقبل بلدهم الذي بات ينتظره المجهول، ووسط الإختلاف الحاد في الرأي والتخمينات والتكهنات والمراهنات حول الأزمة السورية المستعصية،

وفي خضم تضارب المواقف المحلية والدولية بشأن آلية وكيفية وموعد انعقاد مؤتمر جنيف2 الخاص بمحادثات السلام التي تهدف إلى إيقاف نزيف الدم ومحاولة انهاء الصراع في سوريا وإخراجها من عنق ديناصور الإرهاب والإرهاب المضاد عبر التوافق وايجاد حلول سياسية لهذه الأزمة الناشبة منذ أكثر من سنتين ونصف، ورغم أن معظم الأطراف يتوقعون ويتحدثون لابل يتهامسون خلف الكواليس عن اقتراب موعد انعقاد هذه المحطة التي يعقد عليها البعض مراهنات جمّة ومختلفة، إلا أن أحدا لا يستطيع أن يجزم ويؤكد الموعد النهائي لإطلاق صافرة بداية هذا المحفل الدولي الذي قد يتم تأجيله أو الغاءه أو إحتمال أن تتحقق المعجزة وينعقد ويتخطى المعوّقات ويضع النقاط على الحروف ويسدل الستار على المشهد الأخير من المأساة السورية الدموية التي تستحق أن نسميها بإحدى أعقد أزمات لابل مآسي وبلاوي القرن الحادي والعشرين.

 

ومع ازدياد حدة التوتر بين مختلف الأطراف المتصارعة بشكل تصاعدي مرعب، واشتداد المعارك المحتدمة على الأرض التي باتت محروقة وتهدّمت بنيتها التحتية وإهتزت الفوقية، ترتفع يوما بعد آخر وتيرة التحركات الدبلومساية الخاصة بهذا المسار التفاوضي على شتى الصعد والمستويات الإقليمية والعالمية التي تسعى للتوافق حول نوعية أصحاب الشأن الذين يحق لهم المشاركة في هذا المؤتمر.

 

وعلى صعيد متصل يبدو أنّ نظام دمشق الذي يبحث عن معارضة موالية له لكي تحضر معه وليس ضده في جنيف2، قد يوافق من حيث المبدأ على حضور هذا المؤتمر رغم أنّ موقف الإدارة الأميركية لم يتغيّر وما زالت مصرة على رحيل الأسد رغم السرعة التي أبداها بتسليم لوائح بمواقع سلاحه الكيمياوي الذي تم استخدامه لأكثر من مرّة ضد المدنيين السوريين خلال هذه الثورة التي يبدو أنها لن تهدأ إلا باسقاط نظام البعث العسكريتاري.

 

في حين يستبعد الكثيرون إمكانية انعقاد جنيف-2 في الوقت الحالي، بسبب استمرار النشوبات الداخلية التي حوّلت البلد إلى برميل بارود وسط حقول ألغام قد تنفجر وتتفجر معها سوريا والمنطقة لا بل العالم برمته، ولعدم ترتيب البيت السوري وغياب ائتلاف واسع لقوى المعارضة بحيث تستطيع تشكيل حكومة انتقالية بصلاحيات كاملة وتمثل مختلف الأطياف والمكونات السورية (عرب وكورد وغيرهم) التي يحق لها أن تحدد موقعها وموقفها من المشاركة أو عدم المشاركة في هذا المؤتمر الذي قد يُلغى لإصطدامه بصعوبات وعراقيل من الصعب بمكان تخطيها بأي شكل من الأشكال، مما يوحي إلى شبه استحالة حقن الدماء وايقاف دوامة العنف والعنف المضاد في هذا البلد الذي بات قاب قوسين أو أدنى من الإنهيار ويقف على شفير هاوية التشتت والإنشقاق.

 

ولعلّ تناول تطورات الأزمة السورية والترتيبات الجارية لعقد "جنيف 2" بما يمهِّد لإيجاد مخرج سياسي للأزمة الشائكة بإمتياز، من شأنه أن يفتح صفحة جديدة ويحقق تطلعات السوريين في بناء دولة ديمقراطية تعددية اتحادية تعكس التنوع القومي والديني والطائفي وتحقق الطموحات في بناء سوريا الجديدة.

 

أما بالنسبة للجانب الكوردي الذي يُعتَبَر جزءاً لا يتجزّأ من الحل وشريكاً رئيسياً ورقماً إيجابيا لا يمكن تجاوزه في ثنايا المعادلة السورية المعقدة للغاية، فلن يدير ظهره لهذا المشهد ولن يقف متفرجاً على قارعة طريق مؤتمر جنيف2، وللعلم فقد أعلنت الحركة السياسية الكوردية عن موقفها منذ البداية وأكدت بأنها جزء من الثورة السورية وتتسعى لتغيير هذا النظام الذي تنكَّر لأبسط الحقوق القومية للشعب الكوردي على مدى سنوات حكمه القاتمة، وبهذا الصدد الذي لا يقبل التأويل والتسويف، فإن لم تتمكن المعارضة من جمع شملها وتوحيد صفوفها وإذا تعددت وفودها، فإنّ الكورد سيحضرون بوفد مستقل يمثل الشعب الكوردي كثاني أكبر قومية في سوريا، ولكن إذا كان لدى الآخرين إعتراضات وكان وفد المعارضة موحدا فلا ضير من حضور الوفد الكوردي ضمن وفد إئتلاف قوى الثورة المعارضة، شريطة إحترام الإئتلاف لتوقيعه ووعوده وضرورة إقراره بمبدأ الشراكة الحقيقية وإعتماد معيار التوافق السياسي لبناء دولة اتحادية يسودها نظام حكم تعددي لامركزي يحقق الديمقراطية لسوريا والفدرالية لكوردستان سوريا.