ملف خاص بجريدة بالتآخي من اعداد : هوزان أمين
وثيقة اربيل :
وفي 12 تموز 2012 نجح قيادة اقليم كردستان العراق برئاسة السيد مسعود البارزاني في لم الشمل بين المكونين الرئيسيين للفصائل الكردية في سوريا، وهما المجلس الوطني الكردي السوري و مجلس شعب غرب كردستان لوضع آلية ومخطط للعمل المشترك في الفترة القادمة، حيث وصلت الاوضاع الى حالة من القلق ، بعد ان حصل تصادم بين القوتين الرئيسيتين في بعض المناطق في كردستان سوريا وتم بموجبها توقيع وثيقة هه ولير .
وكان للصحفي والناشط شيروان ملا ابراهيم رأي حول آداء الاحزاب الكردية وسألناه : كيف تقرأ آداء القوى والاحزاب الكردية وتعاملها مع الوضع الراهن في سوريا ؟
قال ان الأحزاب الكردية و منذ عقود لعبت دوراً كبيراً في احياء القضية الكردية في سوريا، و حماية الشعب الكردي من الإنصهار، و هذه حقيقة تاريخية، و لكن المشكلة تكمن في أن جميع التيارات الكردية السورية باتت في السنوات الأخيرة تعاني من نقص كبير في الأداء السياسي المتوافق مع متطلبات العصر الراهن، ناهيك عن عدم وجود الخطاب السياسي الموحد لها بخصوص المطالب الأساسية القومية الكردية و الوطنية السورية لها، و في الثورة السورية باتت هذه المشكلة تتصدر الحراك الثوري الكردي، و منذ بداية الثورة و حتى الآن فإن الخلافات الحاصلة بين الأحزاب من جها و بينها و بين الناشطين الشباب من جهة أخرى ناهيك عدم توافقها مع المعارضة السورية بسبب عدوم وجود نقاط مشتركة لها (أي كل يغني على ليلاه)، و باتت حالة التشرذم تشكل خطراً كبيراً لايستهان به بخصوص المستقبل الكردي في سوريا القادمة، كان و مازال على الأحزاب أن تتوصل إلى اتفاق جماعي حولها أهدافها الأساسية بالرغم من عددها الكثير، و بالشكل الذي يتوافق مع متطبات الوقت الراهن و المرضي للشارع الكردي و الواقع السوري و الثوري، للأسف بالرغم من النشاط الثوري الكردي في الثورة، إلا أن الخلافات تقوض الكثير من النشاط، و قد تشكل حالة عدم وحدة الكلمة الكردية عائقاً باهظاً في وجه المستقبل الكردي في سوريا، أي بعكس أكراد العراق الذين اتحدوا في كلمتهم أثناء و بعد سقوط النظام الصدامي البائد.
وكذلك سالناه ، هل بمقدور الهيئة الكردية العليا المنبثقة من وثيقة تفاهم هه ولير ، ان يكون قادراً على احتواء الازمة وتقود بالكرد في سوريا الى غد و مستقبل مشرق ؟
بالتأكيد بمقدور أي هيئة كردية أن تتوصل إلى وضع النقاط على الحروف بخصوص الحقوق المشروعة للشعب الكردي، و لكن المشكلة أن معظم الإطر و الجبهات الكردية، تتأسس فقط في الشكل الظاهري، أي بمعنى أن هذه عمليات التقارب و التوحيد هذه لاتجد الجانب العملي لها على أرض الواقع في الشارع الكردي، أما بالنسبة لوثيقة هولير و كذلك تشكيل الهئية الكردية العليا، فهي بصراحة تأتي مصدراً للتفاؤل، كونها كانت برعاية شخص معتبر في السياسية الكردية و كذلك الإقليمية و الدولية و هو الرئيس مسعود بارزاني، و لكن حتى الآن فإن الهيئة مازالت تعاني من نواقص في الأداء العملي، و الجانب العملي في الوثيقة مازال يعاني من تناقضات في الإقوال، و بعض الأحزاب المنضوية في المجلسين الذين وقعا على الاتفاق، مازالت غير راضية حول شكلية تشكيل الهئية و الأشخاص الموجودين فيها، و الحل هو أن تقوم القيادة السياسية في إقليم كردستان بمتابعة سير عميلة تطبيق الوثيقة بشكلها العملي، إضافة على أنه يجب ادخال الآطراف الكردية الأخرى تحت لواء هذه الهيئة، خصوصاً التنسيقيات الشبابية و الأطراف التي لها دور فعال في الثورة السورية، باختصار شكل الهئية بالرغم من بعض النواقص فيها يبعث بالتفاؤل في نفوس أبناء الكرد في سوريا، و لكن لانستطيع أن نحكم على مدى قابليتها من الجانب العملي، فالمستقبل القريب و الأيام القادمة هي التي ستثبت مدى فاعلية هذه الهئية، و لكن كرأي شخصي أنا لا أرى أن تجد نجاحاً في عملها إذا استمرت بهذا الشكل، على الهئية التقرب بشكل مكثف مع الشعب الكردي و القوى السورية و الأطراف الكردية الأخرى، و الأهم هو التقارب مع فئة الشباب الكردي الفاعل في الثورة كي تجد طريقها إلى النجاح، و غير ذلك فإن الهيئة ستتجه إلى منحى الفشل.
ناهيك عن أنه لايوجد اي ممثل للحراك الشبابي الكردي ضمن أعضاء الهئية، لا بل حتى في اللجان المنبثقة عنها، سوى لجنة الخدمات التي تقدم و لا تؤخر، في حين أن الشباب هم نفسهم من أشعلوا الثورة السورية في المناطق الكردية و مازالوا مستمرون في حراكهم .
تشكيل الهيئة العليا للكرد في سوريا
ويجب التذكير على ان وثيقة هه ولير جاء بعد ان وقع المجلس الوطني الكردي في سوريا ومجلس الشعب في غرب كردستان التابع لحزب الاتحاد الديمقراطي وثيقة تفاهم سمي باسم "إعلان هه ولير (أربيل)" تحت رعاية رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لاجل توحيد الكرد في سوريا صفوفهم في خضم تلك الأزمة القائمة .
وجاء في "اعلان هه ولير" الذي أبرم يوم الأربعاء 11 من حزيران 2012 وقام بالتوقيع عليه كل من رئيس المجلس الوطني الكردي إسماعيل حمي ورئيسي مجلس الشعب لغربي كردستان سينم محمد وعبد السلام احمد أن الطرفين توصلا إلى اعتماد "وثيقة هه ولير" والبناء عليها وتفعيل البنود الواردة فيها ووضع الآليات اللازمة لتنفيذها.
وان ابرز ما تمخض عن وثيقة هه ولير هو تشكيل "الهيئة العليا للكرد في سوريا" والتي تعتبر بدون شك خطوة تاريخية كبرى بين الأكراد في جنوب غرب كردستان ، وهي تمثيل قوي عن الشارع الكردي، وتضم في عضويتها 10 أعضاء نصفهم من المجلس الوطني الكردي ونصفهم الآخر من مجلس الشعب في غرب كردستان . و اعطى أمل كبير لملايين الأكراد لتحقيق حقوقهم المشروعة بعد كل تلك العذابات و الأهوال التي تعرضوا لها من الأنظمة السورية المتعاقبة .
ومن جملة بنودها :
1- الاتفاق على تشكيل هيئة عليا مشتركة باسم "الهيئة الكردية العليا"، مهمتها رسم السياسة العامة وقيادة الحراك الكردي في هذه المرحلة المصيرية، واعتماد مبدأ المناصفة في هيكلية كافة اللجان والتوافق في اتخاذ القرارات.
2- تشكيل ثلاث لجان تخصصية لمتابعة العمل الميداني، والتأكيد على وقف الحملات الإعلامية بكافة أشكالها.
3- تحريم العنف ونبذ كافة الممارسات التي تؤدي إلى توتير الأجواء في المناطق الكردية.
4- تشكيل اللجان خلال أسبوعين من تأريخ التوقيع على الاتفاق.
كما تضمن الاتفاق على تشكيل لجنة تنظيمية عليا من المجلسين لتنسيق العمل الميداني في كافة المناطق، وكذلك تشكيل لجان فرعية لتنسيق العمل الميداني في مناطقها.
وشملت النقاط المتفق عليها وقف الحملات الإعلامية بكافة أشكالها، وإلغاء جميع المظاهر المسلحة في المناطق والبلدات الكردية.
وتضمنت أيضا تشكيل لجان حماية مشتركة غير مسلحة فضلا عن تشكيل لجان مشتركة للصلح وحل الخلافات الاجتماعية وتكون هي المرجعية في هذه القضايا.
المسيرات الكبرى الموحدة :
ومن جملة بنودها ايضاً تشكيل هيئة عليا مشتركة من المجلسين لتنسيق العمل السياسي والدبلوماسي والتحرك المشترك لبلورة مشروع سياسي موحد يرتكز على الثوابت الوطنية والقومية للشعب الكردي في سوريا والذي تتجسد في العمل من اجل إسقاط النظام الدكتاتوري في دمشق وبناء الدولة الديمقراطية التعددية وبناء سوريا الجديدة متعددة القوميات والتي تلبي طموحات شعبنا في الإقرار الدستوري بوجوده كشعب أصيل وحل قضيته القومية حلا ديمقراطيا.
ومن اولى القرارت التي اصدرها الهيئة الكردية العليا القيام بمسيرات ومظاهرات موحدة ، لاثبات وحدة الخطى ، وبناء عليه جرى تأهب كبير لاجل تلك المظاهرات التي تقررت في يوم الاحد 29-تموز تحت شعار ( الهيئة الكردية العليا تمثلنا – Desteya Kurdî Ya Bilind Nûnera Me Ye).
بعد ان اجتمع في مدينة قامشلو بتاريخ 24/7/2012 عقدت الهيئة الكردية العليا المنبثقة عن مجلسي ( مجلس الشعب لغرب كردستان و المجلس الوطني الكردي في سوريا ) و في إطار تنفيذ اتفاق إعلان هولير في 11/7/2012 اجتماعها الأول .
وتظاهر الكرد في مختلف المناطق في غرب كردستان و سوريا وحشدت الجماهير الكردية في الميادين والساحات العامة بشكل واسع و رفع الأعلام الكردية و رفع الشعارات التي تحيي الوحدة الكردية.
حيث قدر عدد المشاركين بالمظاهرات بمئات الالوف ، وخاصة في مراكز المدن الكبيرة مثل القامشلي وعفرين وكوباني وجميع المدن الاخرى .
تجدد الآمال بالوحدة الكردية :
وحيا الشعب الكردي بمختلف فئاته وشرائحه هذه الخطوة (الهيئة العليا) معتبرينها في الاتجاه الصحيح وتقترب من طموحات وآمال الشعب الكردي في سوريا كما أكدوا أن هذا الدعم يعني ايضاً بألا يخذل المجلسين الجماهير التواقة لوحدة الصف الكردي وان الهيئة الكردية العليا ثمرة عظيمة لجهود توحيد الصف الكردي وهذا يعني أنها تتحمل اعباء مسؤوليات شعبنا و يقع على عاتقها مسؤولية كيفية حل القضية الكردية في البلاد وفق ما يطالب به الشارع الكردي الذي يسير بثبات و عزيمة في غمار الثورة السورية ثورة الحرية والكرامة و بالضرورة ثورة لحل القضية الكردية في البلاد، وعلى وقع تلك الشعارات التي تحيي الوحدة الكردية والتي رسمت على وجوه الجماهير المحتشدة البسمة بتشكيل الهيئة الكردية العليا الممثل الشرعي لهم في يومٍ تاريخي ومرحلة تاريخية ستكتب باحرف من نور وستخلد في ذاكرة الشعب ، وتؤكد ان الالفة والتفاهم والحوار والوحدة هي اساس التغلب على المصاعب وضمانة النصر الاكيد .